مع اعترافها بأنّ «القوى والأحزاب الوطنية والديموقراطية» هي الأكثر تأخراً بين مكونات الثورة السورية. وضعت اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر الوطني لإنقاذ سوريا» مجموعة أسس ومبادئ مرفقة بتصوّر الوضع الحالي والمخاطر التي تتعرض لها سوريا وسبل الخروج منها، كما قدمت ورقة عن «ملامح سوريا المقبلة».
وشدّدت اللجنة في ورقتها على إسقاط النظام بكل رموزه ومرتكزاته، بما يعني ويضمن بناء الدولة الديموقراطية المدنية. والتأكيد على النضال السلمي كاستراتيجية لتحقيق أهداف الثورة، إذ اعتبرت اللجنة أن عسكرة الثورة (بمعنى تسليح المدنيين فيها) خطر على الثورة والمجتمع، فيما رأت أنّ «الجيش الحر» ظاهرة موضوعية نشأت بسبب رفض أفراد من الجيش السوري قتل أبناء شعبهم المتظاهرين سلمياً، ومن هذا المنطلق يعتبر الجيش الحر مكوناً من مكونات الثورة «وعليه دعم وتعزيز وحماية الاستراتيجية السلمية للثورة». كما ورد «ضرورة استعادة الجيش النظامي لدوره الوطني الذي أنشئ من أجله وانتزاعه من يد السلطة، وعلى أهمية أن تكون مهمة الجيش الأساسية هي استعادة الأراضي المحتلة ومواجهة المخاطر التي تهدد أمن سوريا، والمساهمة في حماية الأمن القومي باعتبار الصهيونية العدو الرئيسي لسوريا وشعوب المنطقة.
وشملت الورقة المطروحة اعتبار «الوجود القومي الكردي جزءاً أساسياً وتاريخياً من النسيج الوطني السوري، ويجب تأكيده من خلال مبادئ دستورية واضحة وحل قضيته حلاً ديموقراطياً عادلاً في إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً».

ملامح سوريا الجديدة

تشير الورقة إلى أنّ«ملامح سوريا الجديدة» تتحقّق من خلال نظامٍ جمهوري ديموقراطي مدنيّ تعدّدي. ولا يجوز فيه الاستئثار بالسلطة أو توريثها بأيّ شكلٍ كان. كما تلفت إلى أنّ سوريا جزء من الوطن العربي، وتتطلّع إلى توثيق مختلف أشكال التعاون والتوحّد مع البلدان العربيّة الأخرى. كما يلتزم الشعب السوري بدعم الشعب الفلسطيني وحقّه في إنشاء دولته الحرّة السيّدة المستقلّة وعاصمتها القدس، وكذلك دعم كلّ الشعوب العربية في تطلّعاتها التحررية ومناهضة الاستبداد. وتقوم الدولة السورية على الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وعلى مبدأ تداول السلطة عبر الانتخاب السرّي والحرّ، فيما يقرّ دستور جديد أُسُس النظام الديموقراطي التعدّدي والنظام الانتخابي، بحيث يضمن حق تمثيل كل أطياف الشعب السوري في السلطة التشريعيّة وكل المناطق، ويكفل حق وجود كلّ التيارات الفكرية والسياسية، دون هيمنة أحدها، ضمن قواعد تؤمّن استقرار النظام البرلماني والتداول على الأغلبية من خلال الاقتراع العام. ويصون رئيس الدولة الدستور والأمن القومي ومبدأ الفصل بين السلطات. يتمّ انتخابه بالاقتراع العام المباشر، ولا يجوز تمديد مهمّته لأكثر من فترتين رئاسيتين، مدّة كلّ منهما أربع سنوات.
«تصور الوضع الحالي» و«المرحلة الانتقالية»
انتقدت المسودة، على صعيد «تصور الوضع الحالي» و«المرحلة الانتقالية»، إصرار النظام على الحلّ الأمني والعسكري وإغلاقه أبواب الحلول السياسية. «كما أدى استخدام القوة العسكرية في مواجهة المناضلين السلميين إلى أزمة أخلاقية لدى عناصر من الجيش السوري على اختلاف رتبهم دفعتهم إلى مغادرة قطعاتهم العسكرية والتحاقهم بالعمل الثوري في ما سمي ظاهرة الانشقاق التي تطورت إلى تشكل الجيش الحرّ بشكل عفوي من هذه العناصر وعناصر مدنية جنحت إلى الحلّ العسكري.
وركزّت الورقة على ازدياد التوترات والضغوط على التمايزات الدينية والطائفية والقومية «ما يهدد الوحدة المجتمعية في البلاد»، ما زاد من شحن المشاعر الطائفية والدينية المتشددة وتحريض السوريين على قتل بعضهم بعضاً، ما سهّل دخول مجموعات محلية وإقليمية ودولية معادية للديموقراطية بأجندات دينية وطائفية ومذهبية على خط العسكرة، ما يهدد بحرف الثورة عن مسارها.
ورأت المسودة أنّ الحلّ السياسي «الذي يحقّق آمال شعبنا وتطلعاته يجب أن يمرّ بمرحلتين»، تمهد فيهما الأولى للثانية، إذ تنجز في المرحلة الأولى الخطوات الآتية:
1ـ وقف فوري فعلي لإطلاق النار وإعلان هدنة في كل أنحاء سوريا. 2ـ سحب الجيش بالكامل، من جميع أماكن انتشاره، وإعادته إلى مراكز وجوده قبل 15 آذار 2011. 3ـ الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين والمخطوفين كافة على خلفية الأحداث وغيرها. 4ـ السماح بالتظاهر والاحتجاج السلمي دون قيد يتعلق بالزمان أو المكان أو الشعارات، وإعلان ذلك في وسائل الإعلام الرسمية. 5ـ السماح لوسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية بالقيام بمهماتها لتغطية الأحداث في سوريا. 6ـ العمل فوراً على إعادة المهجرين إلى بيوتهم وتقديم كل ما يلزم لتسهيل تحقيق هذا الغرض. وستعقد ورشة خاصة بإعادة البناء ومستلزمات وإعادة المهجرين والنازحين. 7ـ استعادة النضال السلمي كاستراتيجية أساسية في النضال من أجل التغيير.

المرحلة الثانية

تبدأ المرحلة الثانية بالتفاوض بين المعارضة وممثلين عن النظام ممن لم تتلوث أيديهم بالدماء والفساد، على الخطوات والآليات الضرورية لتنفيذ انتقال آمن للسلطة، وذلك على أرضية التوافقين العربي والدولي المتجسدين بمبادرة الجامعة العربية والبيان الختامي لمجموعة العمل من أجل سوريا الصادر في جنيف.
ثانياً، تكليف شخصية وطنية معارضة يتمّ التوافق عليها بتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة تتمتع بكامل الصلاحيات الدستورية (التشريعية والتنفيذية) لقيادة الدولة تعمل خلال المدة الممنوحة لها على تنفيذ كل التدابير الضرورية لإشاعة مناخ من الديموقراطية، بما فيه إعادة هيكلة المؤسسات القائمة وحل بعض الأجهزة الأمنية وإعادة هيكلتها، وكل ما من شأنه أن يساعد على إيجاد المناخ المناسب لإجراء انتخابات حرة لتشكيل جمعية تأسيسية. ورأت الورقة أنّه لا بدّ من مجموعة تدابير لتحقيق هذه الأهداف، وهي: ـ إعادة هيكلة الجيش على أسس وطنية، وإيجاد الحلول المناسبة لإعادة الوحدة لمؤسساته ومعالجة الشرخ الحاصل. ـ معالجة الفراغ الأمني وإيجاد المؤسسات الشرعية المخولة بالتعامل مع حالات الفوضى، وإشاعة الأمن والاستقرار في البلاد. ـ تشكيل لجنة وطنية عليا هدفها إجراء مصالحة وطنية بين كل أطياف المجتمع السوري. ـ تضع الجمعية التأسيسية، التي يتم انتخابها، دستوراً مؤقتاً للبلاد، يحدد العلاقة بين السلطات ويرسم دور كل منها، ويحدد أسس الانتخابات العامة للبلاد. ـ تتم الدعوة إلى انتخاب مجلس نيابي ورئيس للدولة، وبهذا تنتهي المرحلة الانتقالية وينتهي عمل الحكومة المؤقتة، وتنتقل سوريا إلى المؤسسات الشرعية الكاملة وتتشكل حكومة جديدة وفقاً للأسس التي أقرّها الدستور الجديد. كما تبنّت اللجنة التحضيرية «وثيقة العهد الوطني لسوريا المستقبل» التي أقرّت في القاهرة.
(الأخبار)