واشنطن | رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على الهجوم الذي تعرض له مبنى القنصلية الأميركية في بنغازي ومقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة موظفين أميركيين آخرين، لا تزال الوثائق السرية ذات المعلومات الحساسة مُلقاة تحت حطام المبنى، ما جعل منها هدفاً يسهل من خلاله الوصول إلى المعلومات الدقيقة حول العمليات الأميركية.
صحيفة «واشنطن بوست» أشارت إلى أن هذه الوثائق، التي تتضمن تفاصيل جهود جمع الأسلحة، وبروتوكولات الإجلاء في حالات الطوارئ وخط سير جولة السفير ستيفنز الداخلية، إضافة إلى سجلات الموظفين الليبيين الذين تم التعاقد معهم لتأمين البعثة الأميركية، كانت من بين الوثائق المُتناثرة في أنحاء طوابق المبنى المنهوب، مشيرة إلى اختفاء بعض هذه الوثائق.
النقطة الابرز هي حساسية الموقف تجاه الانتخابات الأميركية، وخصوصاً أن خصوم الرئيس باراك أوباما الجمهوريين اتهموه بترك البعثة الدبلوماسية في ذكرى هجمات الحادي عشر من أيلول، وفي دولة ذات غالبية مسلمة، من دون حماية كافية، فضلاً عن ضغط النقاد الأميركيين للحصول على تفسير لبطء وتيرة التحقيق الذي أعقب الهجوم الذي وقع في مدينة بنغازي.
وأوضحت الصحيفة أنه لم يكن هناك رجال أمن معينون من قبل الحكومة الأميركية يقومون بحراسة المبنى، كما أن المحققين الليبيين اكتفوا حتى الآن بزيارة واحدة للموقع طبقاً لما قاله مالك المبنى، الذي سمح لمراسل الصحيفة الأميركية والمترجم الذي يرافقه بالدخول إلى المبنى أول من أمس.
الرد على هذا التقرير جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، بقوله: «تأمين الموقع كان تحدياً واضحاً»، مشيراً إلى اضطرارهم إلى إجلاء جميع الموظفين الأميركيين ليلة الهجوم، ثم طلبوا المساعدة لتأمين موقع الحادث، في إشارة إلى مواصلتهم العمل مع الحكومة الليبية على هذا الصعيد».
وقد تلقى مسؤولو وزارة الخارجية نسخاً من بعض الوثائق التي عُثر عليها في الموقع، ولم يطلبوا حجب هذه الوثائق عن النشر، في حين أشارت الصحيفة إلى أن هذه الوثائق لم يتم تصنيفها على أنها بالغة السرية. غير أنها قالت إن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها العثور على وثائق حساسة من قبل الصحافيين في حطام المبنى، حيث عثرت شبكة «سي إن إن» على نسخة من دفتر يوميات السفير الأميركي، التي تتضمن برامج ومضمون لقاءاته مع مسؤولين أميركيين وشخصيات ومسؤولين ليبيين نافذين وقيادات ميليشياية ليبية ومثقفين وناشطين في منظمات المجتمع المدني، حيث ذُكرت أسماؤهم وأرقام هواتفهم، ونشرت تفاصيل منها، علماً أن هؤلاء كانوا يودون أن تبقى لقاءاتهم خاصة وسرية تجنباً لتعرضهم للخطر. هذا الأمر أثار رد فعل غاضب من قبل وزارة الخارجية الأميركية. وخلافاً لدفتر اليوميات، كانت جميع الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة «واشنطن بوست» رسمية.
وذكرت الصحيفة أنه في خضم هذه الفوضى عُثر على وثيقة تشير إلى أن بعض موظفي البعثة الأميركية كانوا يناقشون إمكانية وقوع هجوم في أوائل شهر أيلول، قبل يومين فقط من وقوع الهجوم.
وأوضحت أن الوثيقة هي عبارة عن مذكرة مؤرخة بتاريخ 9 أيلول موجهة من قبل مكتب أمن البعثة الأميركية إلى كتيبة شهداء 17 فبراير، المكلفة بحراسة مبنى القنصلية، لتضع خططاً لـ«قوة الرد السريع» المحلية والتي من شأنها أن توفر الأمن والحماية.
ومن المقرر أن تعقد لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب الأميركي جلسة استماع يوم العاشر من الشهر الجاري حول حادثة قنصلية بنغازي ويتوقع أن تتحدث في الجلسة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.