الجزائر | قبل أقل من شهرين على الانتخابات المحلية لتجديد مجالس البلديات والولايات في الجزائر، لا يزال الوضع السياسي غامضاً للغاية. الأحزاب المحسوبة على التيار الديموقراطي لا تزال منقسمة على نفسها، ولم تجد الطريق إلى التقارب، لتشكيل قطب يمكن أن يؤثر في هذه الانتخابات. أما الإسلاميون، فلا يزالون تحت صدمة هزيمتهم الكبيرة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر أيار الماضي. وجل ما يقومون به هو اجترار انتقادات فقدت صدقيتها للسلطة، بعدما أصبحوا عاجزين عن اقتراح البدائل حتى على أتباعهم. وأعلنت عدة تشكيلات سياسية، أهمها جبهة العدالة والتنمية، التي يتزعمها عبد الله جاب الله، أحد أهم قيادات الإسلام السياسي في الجزائر، عدم مشاركتها في الانتخابات المقبلة متأثرة بنتائج الانتخابات السابقة. وبرر جاب الله المقاطعة بالقول إن «شروط الانتخابات الشفافة والنزيهة غير متوافرة». وكان هذا الحزب قد مني بهزيمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية، رغم أن قطاعاً واسعاً من القوى السياسية والإعلامية توقع حصوله على نتائج كبيرة. فزعيمه هو مؤسس حركة «النهضة» الجزائرية، التي نالت في عهده 34 مقعداً في أول انتخابات برلمانية تعددية محتسبة عام 1997. ثم حصدت حركة «الإصلاح»، التي أسسها بعد عزله عن قيادة «النهضة»، 47 مقعداً. في المقابل، استقر رأي أغلب قيادات حلف «الجزائر الخضراء» الإخواني على المشاركة، لكن «باب الاجتهاد» لا يزال مفتوحاً، ويمكن في أي وقت إعلان المقاطعة في حال تبين أن الانتخابات تسير باتجاه سيطرة حزبي السلطة (جبهة التحرير والتجمع الديموقراطي) ولواحقهما. وأحزاب السلطة رغم صراعاتها الداخلية، لا تزال القوة القادرة على اكتساح هذه المجالس مجدداً. لكن يمكن أن تخرج منطقة القبائل عن سيطرة حزبي السلطة، حيث يتنافس على مجالسها حزبان يتقاسمان تقليدياً الوعاء الانتخابي. وهما جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية، وربما ستنافسهما بدرجة أقل «الحركة الشعبية» التي تحالفت مع السلطة وعين رئيسها عمارة بن يونس وزيراً في حكومة عبد المالك سلال.
في المقابل، فإنه من بين 19 تشكيلاً حزبياً أعلن حتى الآن خوض الانتخابات، يوجد 12 تشكيلاً على الأقل تدور في فلك الحزبين الرئيسيين اللذين يشكلان أغلبية البرلمان، وجميعها تساند برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولا يفرّق بينها غير أسمائها. وتبقى «القوى الاشتراكية» و«العمال» والتجمع من أجل الثقافة والديموقراطية أهم أحزاب المعارضة المرشحة للفوز بتسيير مجالس محلية. وتعدّ انتخابات البلديات والولايات أكبر الانتخابات في البلد من حيث عدد المشاركين والميزانية المسخرة و الإمكانيات التي تجنّد لتحقيقها.