تونس | نجحت الأحزاب اليسارية التونيسية في بناء جبهة حزبية جديدة، أطلقوا عليها اسم «الجبهة الشعبية»، التي شهد قصر المؤتمرات وسط العاصمة التونسية أمس انطلاقها الرسمي، في مهرجان خطابي لم تغب عنه الشعارات الثورية. أحزاب كثيرة انخرطت في هذه الجبهة، مثل حزب العمال وحركة الوطنيين الديموقراطيين ورابطة اليسار العمالي وحركة الديموقراطيين الاشتراكيين وحزب البعث العربي الاشتراكي. كذلك انضم إلى الجبهة حزب الطليعة العربية، الحزب الشعبي للحرية، حزب النضال التقدمي إلى جانب شخصيات يسارية مستقلة. وغابت عن الجبهة حركة الشعب (ناصريون). وقد جاءت ولادة الجبهة بعدما انتهى اليساريون في أعقاب فشلهم الانتخابي إلى الاقتناع بضرورة الالتقاء حول أهداف مشتركة أهمها، وفقاً لما أعلنوا في وثيقة تأسيس الجبهة، استكمال أهداف الثورة والدفاع عن نمط جديد للتنمية غير النموذج الليبرالي المسؤول عن إفقار الشعب التونسي وتهميشه.
وكان اليسار، ممثلاً في الجزء الأكبر من النقابيين، قد أسهم بشكل أساسي في الحراك الاجتماعي الشعبي الذي عاشته تونس، منذ انتفاضة الحوض المنجمي في ٢٠٠٨ مروراً بـ١٧ كانون الأول تاريخ اندلاع الثورة التونسية، ووصولاً إلى ١٤ كانون الثاني، واعتصامي القصبة ١ و٢. وفرض اليسار أجندة سياسية أهم مطالبها حل الحزب الحاكم سابقاً وانتخابات المجلس التأسيسي، وقد كان له ما أراد. كذلك دفع محامون يساريون باتجاه إحالة أغلب رموز نظام زين العابدين بن علي على المحاكمة. ورغم هذا الجهد الثوري، لم يجن اليسار في الانتخابات إلا مقاعد محدودة.
زعماء الأحزاب اليسارية الذين تعاقبوا على الخطابة أمس، في الاجتماع الحاشد الذي قدره البعض بـ١٠ آلاف، أكدوا أن الشرعية تنتهي في ٢٣ تشرين الأول، تاريخ انتهاء موعد الفترة الانتقالية الثانية. وشددوا على أنه لا مجال لأن تبقى الحكومة بتركيبتها الحالية، كما أكدوا التزامهم بتبنّي الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة في كل المدن التونسية. ورأوا أن الائتلاف الحاكم قد خان دماء الشهداء، واتهموا حركة النهضة بالالتفاف على الثورة وإعادة إنتاج ديكتاتورية النظام السابق بوجوه جديدة وبلباس ديني.
وبولادة الجبهة الشعبية، يكون المشهد السياسي التونسي أكثر وضوحاً، إذ ينقسم ميزان القوى السياسي بين ثلاثة أقطاب سياسية كبرى، هي الترويكا الحاكمة التي تجمع النهضة والتكتل من أجل العمل والحريات والمؤتمر من أجل الجمهورية. على الجانب الآخر، تقف ترويكا المعارضة التي تجمع بين نداء تونس والحزب الجمهوري وحزب المسار الاجتماعي الديموقراطي. وأخيراً جاءت ولادة الجبهة الشعبية التي تعتبر نفسها بديلاً من ترويكا الحكم وترويكا المعارضة.