نواكشوط | أكدت الجزائر وموريتانيا سعيهما إلى إيجاد حل سلمي لمشكلة الشمال المالي، وذلك خلال زيارة قام بها الوزير الجزائري المُنتدب للشؤون المغاربية والأفريقية، عبد القادر امساهل، على رأس وفد عسكري رفيع لعاصمة موريتانيا، نواكشوط، في محاولة لإيجاد حل سلمي للأزمة النابعة من سيطرة مجموعات مسلحة على تلك المنطقة.
وشدد وزير الخارجية الموريتاني، حمادي ولد حمادي، على ضرورة ايجاد حل سلمي للأزمة في شمال مالي، قائلاً إن البلدين لديهما رؤية محددة للوضع في مالي. وأضاف: «ندعم الحوار السياسي بين الحكومة المركزية والحركات التي تطالب بحقوق الأقليات العرقية في شمال مالي».
أما الوزير الجزائري، فقد أوضح أن موريتانيا والجزائر تراهنان على حل سياسي في مالي إزاء احتمال التدخل العسكري في الشمال المالي، مؤكداً بقوله: «إننا متفقون على أهمية إجراء حوار لتسوية الخلافات وإيجاد حلول سياسية مناسبة في إطار سيادة مالي ووحدتها».
وبحث المسؤولون الجزائريون مع وزير الخارجية الموريتاني، وقائد أركان الجيش الفريق محمد ولد الشيخ محمد الغزواني، موضوع الشمال المالي، بحضور وكيل وزارة الدفاع الجزائرية الجنرال ماجور الزنخري، ومدير الأمن الخارجي الجنرال ماجور عطافي، ومدير العلاقات الخارجية في وزارة الدفاع الجنرال ماجور محفوظ، ورئيس اللجنة العسكرية للتعاون الجنرال ماجور قداوي.
وتأتي زيارة الوفد الجزائري لموريتانيا ضمن جولة لدول المنطقة تتزامن مع معارضة الجزائر الطلب الذي تقدمت به الحكومتان الفرنسية والمالية إلى مجلس الأمن الدولي بالسماح بنشر قوة عسكرية للتجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا (ايكواس) في البلاد، لدعمها في محاولة استعادة السيطرة على الشمال المالي، حيث يسيطر مسلحون ينتهجون فكر السلفية الجهادية. وترفض الجزائر أي تدخل عسكري في الشمال المالي، حيث كثفت من تحركاتها للبحث عن حل سلمي للقضية، وشجعت وفوداً من حركة تحرير أزواد الناشطة في المنطقة، لإقناعها بالعدول عن مطلب استقلال الإقليم في الوقت الراهن، في ظل تنامي خطر الجماعات الإرهابية المسلحة.
ويسعى الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، حسب مصادر متطابقة، إلى إعادة بعث الحوار بين الفصائل المتنازعة داخل مالي، على أساس مبدأ واحد يتعلق بالتخلي نهائياً عن مطلب استقلال إقليم أزواد، مقابل تنازل السلطات في مالي عن امتيازات وحقوق استثنائية لهذا الإقليم، وهو الموقف الجزائري ذاته الذي سبق أن عبّر عنه الرئيس بوتفليقة، لدى استقباله لنظيره المالي ديونكندا تراوري، قبل شهور، حيث طالبه بالسعي إلى إيجاد توافق بين الحكومة المركزية والفصائل الفاعلة في المنطقة.
أما الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، فقد حذّر من الانعكاسات السلبية للأزمة في الشمال المالي وخطورة الجماعات المسلحة التي توظف الدين لأجندات خارجية وخطورة زرع للكراهية والحقد تجاه المسلمين، وإهانة لمعتقداتهم ومقدساتهم، مشيراً إلى أن ذلك في حد ذاته يشكل أحد المصادر الفكرية الأساسية لتغذية التطرف والغلو والإرهاب.
ويتساءل المراقبون في نواكشوط عن مستقبل الجهود الجزائرية قبيل اجتماع «ايكواس» في التاسع عشر من تشرين الأول الحالي، في العاصمة المالية باماكو، وهو الاجتماع الذي سيحضره أوروبيون وأفارقة لوضع اللمسات الأخيرة على التدخل العسكري.