القاهرة | يبدو أن الرئيس المصري، محمد مرسي، خلال حديثه عن إنجازات المئة يوم الأولى له في مصر، نسي أو تناسى الحديث عن فئة المحتجين والمضربين، الذين انضم إليهم حديثاً القضاة. ونجحت أشهر مرسي الثلاثة في الحكم في دفع القضاة إلى ما لم تستطع سنوات حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك الثلاثين في جرهم إليه. وسيسجل التاريخ أن أشهر حكم مرسي الأولى شهدت دخول هيئتين قضائيتين في إضراب عن العمل. وأصدر 7 آلاف مستشار بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، خلال جمعيتين عموميتين في مقر ناديي النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، بياناً أمس جاء فيه: «قررنا آسفين الدخول في إضراب عن العمل بجميع نيابات ومحاكم مصر ابتداءً من الثلاثاء وحتى الخميس اعتراضاً على سياسة المستشار حسام الغرياني، وتعمده إقصاءنا من مظلة الدستور الجديد للبلاد».
وأتى البيان رداً على إصرار رئيس الجمعية التأسيسية، المستشار حسام الغرياني، على إقصاء الهيئتين من باب السلطة القضائية بالدستور، ونزع الصفة القضائية عنهم وتحويلهم إلى هيئات إدارية تابعة للسلطة التنفيذية. واللافت أن إضراب المستشارين جاء بعد يومين من لقاء وفد من الهيئتين بنائب الرئيس، المستشار محمود مكي، في اجتماع كان من المفترض أن يلتقي مرسي خلاله بمستشاري الهيئتين. إلا أنهم فوجئوا بسكرتارية مرسي يخبرونهم أن «الرئيس يعتذر عن عدم اللقاء وأمامكم مقابلة نائب الرئيس أو تأجيل الاجتماع إلى موعد آخر». ورغم أن المستشارين قابلوا مكي على مدى ساعتين ونصف، إلا أن الاجتماع لم يُسهم في حل مشكلتهم مع الغرياني، الذي قام حسب المستشارين المضربين، بالترصد للجنة نظام بالتأسيسية بعد أن انتهت إلى تصورين لكل من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة في الدستور الجديد يكفلان مساواتهما بباقي الهيئات القضائية وتعزيز صلاحياتهما في مواجهة الفساد الإداري في كافة مرافق الدولة. إلا أن الغرياني شكّل لجنة سداسية لمراجعة النصوص الخاصة بالهيئتين. ورغم أن تلك اللجنة السداسية مرّرت التصورين إلى لجنة الصياغة، إلا أن الأخيرة وبالمخالفة لاختصاصاتها حسب المستشارين، اعترضت على النص المتعلق بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة. وأكدت وجهة نظر الغرياني نفسها، التي سبق أن أفصح عنها عام 2003، حيث أعد تقريراً خاصاً بقضية منظورة أمام محكمة النقض، أكد خلاله أن هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة لا تعدان هيئتين قضائيتين ولا تجب مساواتهما بباقي الهيئات القضائية في مصر، في إشارة إلى القضاء العادي، المحكمة الدستورية العليا، ومجلس الدولة.
تقرير الغرياني لم تأخذ به محكمة النقض وقتها، وأصدرت حكماً نهائياً أكدت فيه أن هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة هما هيئتان قضائيتان. بدورها، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً آخر أكدت فيه الصفة القضائية للهيئتين.
وفي محاولة لمعرفة سبب هذا التعنت من قبل الغرياني، أوضح المستشار عبد الرحمن الجارحي، عضو هيئة قضايا الدولة، لـ«الأخبار» أن «دخول المرأة القضاء هو السبب». ولفت إلى أن رئيس الجمعية التأسيسية يخطب ود السلفيين على حساب الهيئتين، ويسانده في ذلك الرئيس صاحب الخلفية الإسلامية. ونبه الجارحي إلى أن الغرياني يصرّ على انتزاع الصبغة القضائية عن الهيئتين لوجود ما يزيد على 3 ألاف قاضية داخلهما، وعلى رأسهن المستشارة نهى الزيني، التي سبق أن كشفت عن تزوير الانتخابات لمصلحة أعضاء الحزب الوطني عام 2005. رئيس نادي مستشاري النيابة الإدارية عبد الله قنديل، قال لـ«الأخبار» إن الخطوة المقبلة بعد الإضراب عن العمل هي الدخول في اعتصام مفتوح أمام المقر الرئاسي لمرسي حتى تتحقق مطالبهم. وحذر من أن عقارب الزمن تتراجع إلى الوراء؛ لأن القائمين على وضع العقد الاجتماعي الذي من المفترض أن ينظم حياة المصريين خلال المئة عام المقبلين يحملون عقليات قديمة ربما أقدم من القرن التاسع عشر حسب وصف قنديل.