ردّت دمشق على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وقف إطلاق النار من جهة واحدة، معتبرةً أنّ أيّ تهدئة «هدفها ترتيب الأجواء للحوار السياسي» فقط، في حين جدّد رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان عدم نيّة بلاده التدخل في سوريا، بالتزامن مع تصريح رئيس أركان الجيش التركي أنّه سيردّ بقوة أشدّ إذا استمر القصف عبر الحدود مع سوريا، بينما أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أنّ دمشق وأنقرة مستعدّتان لإقامة خط اتصال مباشر. وانتقدت سوريا تصريح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي دعاها فيه إلى وقف إطلاق النار من جهة واحدة. وقالت إنّ أيّ تهدئة للمواجهات بين القوات الحكومية والمجموعات المسلحة يجب أن يكون الهدف منها الدخول في حوار سياسي. ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي قوله إنّ تصريحات الأمين العام في باريس حول «إثارة موضوع تطبيق وقف إطلاق النار من جانب واحد مع الجانب السوري» خلال مباحثاته في نيويورك، وأنّ الجانب السوري قد طلب منه معرفة ماذا سيحصل لاحقاً «مجتزأة وتتضمن نصف الحقيقة». وقال مقدسي إن الجانب السوري طلب من بان في الجلسة ذاتها «أن يوفد مبعوثين من قبله إلى الدول المعنية، وأخصّ بالذكر السعودية وقطر وتركيا، وهي الدول التي تموّل وتؤوي وتدرّب وتسلّح هذه المجموعات المسلحة، لكي تبدي هذه الدول التزاماً بوقف هذه الأعمال».
في هذه الأثناء، أعلن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أنّه لا نية لدى بلاده للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا. وقال، في كلمة ألقاها في اجتماع وزراء هيئة التعاون والاقتصاد والتجارة لدول منظمة التعاون الإسلامي، إن ما يحدث في سوريا يؤثر على تركيا، ولكن «ليس لدينا أيّ نية للتدخل في شؤون سوريا، بأي حال من الأحوال». وأضاف أنّ «سياساتنا لا تعتمد على مثل هذا النوع من الموازنات الجيوسياسية، ولا نعمل على إمرار سياسات معيّنة عن طريق سوريا، كل ما نريده هو أن تكون سوريا قوية بجانبنا».
وفيما قال رئيس الأركان التركي نجدت أوزيل إنّ بلاده ستردّ بقوة أشدّ إذا استمر القصف عبر الحدود مع سوريا، أفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية بأن مقاتلات تركية أجبرت طائرة سورية قادمة من موسكو على الهبوط في مطار «أسن بوغا» في أنقرة، للاشتباه في حملها أسلحة، كما خضعت للتفتيش من قبل الجهات الأمنية في المطار. وقال وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، إن بلاده تلقت معلومات أن طائرة مدنية آتية من موسكو تحمل شحنة «غير مدنية»، فيما نفت سوريا وجود سلاح على متن الطائرة.
من ناحيته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن دمشق وأنقرة مستعدّتان لإقامة خط اتصال مباشر. ونقلت وكالة «إيترتاس» الروسية عن لافروف قوله، عقب كلمة ألقاها أمام مجلس الاتحاد الروسي، إن «التجربة تشير إلى أنّه عند بدء التوترات فإن الطريقة الأفضل لإزالتها هي إنشاء خط اتصال مباشر». وأضاف «ستكون أبسط طريقة لإزالة سوء التفاهم. ونحن مهتمون بأن يكون هناك قناة تواصل، وسنشجّع الشركاء على تحقيق ذلك».
كذلك أعرب لافروف عن استعداد موسكو لعقد اجتماع مجموعة العمل حول سوريا في أيّ وقت، وأشار إلى أن المبعوث العربي والأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي سيصوغ عقب زيارته لدمشق أفكاراً لتسوية النزاع في البلاد، استناداً إلى إعلان جنيف. وتابع «أما في ما يخصّ زيارته لروسيا، فهو لديه دعوة، ولقد وعد بأنّه سيلبّيها، ونحن بانتظار اقتراحاته حول الموعد».
في السياق، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إنه لا يرى نهاية في الأفق للأزمة الدائرة في سوريا، رغم اللقاءات التي سيعقدها نهاية الأسبوع مع مسؤولين في الحكومة الروسية. ورأى هيغ، في حديث إذاعي، أنّه «لا يوجد طريق واضح للخروج من المأزق الدموي الحالي في سوريا، وتستمر الأزمة في أن تكون محبطة وموقعة للكآبة في النفس، إضافة إلى التدهور باتجاه أزمة إنسانية أكبر». وقال «نحن نواصل جهودنا لتحقيق تقدم دبلوماسي بما في ذلك مع روسيا التي سألتقي وزير خارجيتها (سيرغي لافروف) مرة أخرى في عطلة نهاية الأسبوع الحالي، لكن ليس هناك ما يشير إلى تحقيق أيّ اختراق».
من ناحية أخرى، أشار المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، ميت رومني، إلى أنّه سيحاول إنهاء «الحرب الأهلية في سوريا عبر التعاون مع حلفائنا في المنطقة، أيّ السعودية وتركيا، والتواصل مع أشخاص من داخل سوريا يمثلون أصوات الاعتدال ولا يرتبطون بالقاعدة أو الجماعات الجهادية».
في سياق آخر، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن وجهات نظر بلاده وروسيا تتفق على رفض التدخل الأجنبي في حلّ الأزمة السورية. ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن المالكي قوله، في ختام لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، إن «روسيا والعراق تتفقان على ضرورة حلّ الأزمة السورية من دون تدخل أجنبي».
إلى ذلك، رأى رئيس المجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، أنّ «المجلس سيسعى خلال اجتماعه المقرر في الدوحة إلى تجديد هيئاته، ثم توحيد سائر قوى المعارضة بغية تشكيل حكومة انتقالية»، فيما ينوي المجلس الوطني السوري الانتقال «قريبا جداً» إلى سوريا للاستقرار في منطقة تقع تحت سيطرة المعارضة، بحسب ما أعلن أحد مسؤوليه السياسيين. وقال جمال الورد، المكلف بالعلاقات مع الجيش السوري الحر، «قريبا جداً سننتقل إلى سوريا في عمق الأراضي السورية. إنّها مسألة أيام». وأفاد مصدر في المجلس الوطني السوري بأن المباحثات بشأن الانتقال إلى سوريا «جارية منذ شهر».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)