القاهرة | الإسكندرية | حرب شوارع جرت أمس بين منتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، وعدد من شباب الحركات والأحزاب المدنية، أدت إلى إصابة العشرات بجروح، فيما كان التطور الأبرز بعد ساعات الاشتباكات الطويلة اقتحام عدد من المتظاهرين في مدينة المحلة الكبرى مقر جماعة الإخوان المسلمين. ولجأ المحتجون إلى احراق بعض محتويات المقر وتحطيم صور الرئيس محمد مرسي.
وكان ميدان التحرير قد شهد أولى المناوشات بين المتظاهرين. فبينما دعت الأحزاب المدنية إلى التظاهر في ميدان التحرير تحت عنوان «حساب الرئيس»، حضر شباب الإخوان إلى الميدان تلبيةً للدعوة التي أعلنتها الجماعة لمطالبة مرسي بالتمسك بقراره «باستبعاد النائب العام من منصبه» وإعادة محاكمة قتلة الثوار، والعمل على تطهير المؤسسات القضائية.
وإن كان من الصعب تحديد المخطئ فوراً، فإن الطرفين تبادلا إلقاء التهم على بعضهما، وأيضاً إلقاء الحجارة، ما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات، قدّرها عدد من المتابعين للتظاهرات بالميدان بالعشرات.
وكانت التظاهرات قد انطلقت على وقع هتاف القوى السياسية المعارضة للإخوان «بيع بيع بيع الثورة يا بديع. عيش حرية إسقاط التأسيسية، يسقط يسقط حكم المرشد». هذه الهتافات سبقها إعلان القوى السياسية تظاهرها في الميدان حساباً للرئيس على مرور الـ100 يوم له من دون أن ينفذ ما وعد به خلال حملته الانتخابية، وطلباً لإلغاء تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور. كذلك أعربت هذه القوى عن استنكارها لتجاهل العدالة الاجتماعية في قرارات الرئيس، وانتهاج نفس سياسات المخلوع حسني مبارك الاقتصادية.
لكن سرعان ما تطور الأمر إلى اشتباكات عقب صلاة الجمعة مباشرة، إذ خرج عدد من المصلين من مسجد عمرو مكرم الموجود في الميدان، وهجموا على المنصة حيث الأحزاب المدنية وأزالوها. كذلك اشتبكوا مع المعارضين لسياسات مرسي، مرددين هتافات مؤيدة للرئيس. الاعتداءات أجبرت شباب القوى المدنية على الانسحاب من الميدان إلى شارع محمد محمود مع تبادل لإلقاء الحجارة. لاحقاً، عاد المعارضون لمرسي إلى السيطرة على الميدان مرة أخرى بعد انسحاب مؤيدي الرئيس، مستغلين وصول المسيرات التي تحركت من أمام مناطق مختلفة تلبيةً لدعوة القوى. لكن الأمر ظل كراً وفراً بين الجانبين.
اللافت في كل ما جرى تشديد قيادات في جماعة الإخوان المسلمين على أن أنصارها لم ينزلوا عقب الصلاة إلى ميدان التحرير. وقال المتحدث الرسمي باسم الجماعة، محمود غزلان، عبر الصفحة الرسمية للإخوان على «الفايسبوك»: «جماعة الإخوان المسلمين ليست موجودة حتى الآن في ميدان التحرير، ومن المقرر نزول أعضائها عقب صلاة العصر». ورفض غزلان اتهام جماعة الإخوان بالاعتداء على المتظاهرين بالتحرير.
غير أن المرشح لرئاسة حزب الحرية والعدالة، عصام العريان، وجه رسالة إلى شباب الحرية والعدالة، للموجودين في ميدان التحرير أو في غيره من الأماكن على السواء، قال فيها: «موعدنا الرابعة عصراً أمام دار القضاء العالي، والذين ذهبوا إلى التحرير، التجمع عند المتحف للتحرك بمسيرة إلى دار القضاء العالي».
أما موقع جريدة حزب «الحرية والعدالة»، فألقى بالتهمة على «الطرف الثالث» من جديد، معتبراً ما حدث «محاولة مجموعة من الشباب المجهولين لإثارة الفزع في الميدان عقب صلاة الجمعة». وأضاف: «حطموا المنصة الرئيسية، وانتشروا بشكل مثير للريبة في أرجاء الميدان وهم يصرخون مدعين أن شباب الإخوان اعتدوا عليهم بالضرب، إلا أن متظاهري الميدان طردوهم وأبعدوهم».
في المقابل، اتهمت القوى المدنية الإخوان «بالبلطجة». وقال بيان الجبهة الحرة للتغيير السلمي وتحالف القوى الثورية: «نرفض ما يفعله أعضاء الجماعة الحاكمة من وضع أنفسهم موضع المعارضة للمعارضين على حكمهم واستخدامهم القوة المفرطة والتعدي على من يعارضونهم ويحاسبونهم على فشلهم».
وطالب جورج إسحاق، أحد مؤسسي حركة كفاية، قيادات حزب الحرية والعدالة والجماعة بسحب شباب الإخوان لفض الاشتباكات بالميدان، وهو ما ذهب إليه عمرو حمزاوي رئيس حزب مصر الحرية.
أما في الإسكندرية، التي زارها مرسي أمس، فلم يختلف الأمر كثيراً. فعلى بعد مسافة لا تزيد على 4 كيلومترات من مكان وجوده، نظمت المئات من القوى السياسية تظاهرة عند مسجد القائد إبراهيم، أعقبتها مسيرة لمنطقة سيدي جابر عبر طريق الحرية الموازي لطريق الكورنيش القريب من مؤتمر مرسي. وردد المشاركون هتافات «إصحى يا مصري صح النوم خلاص عدا المية يوم»، و«شوفت الفُجر والجراءة قتلوا إخوتنا وأخدوا براءة»، فيما قامت حركة أزهريون بتوزيع بيان يؤكد أن الشعارات الدينية لا تقوم عليها الدول، بل العدل، منوهين أن للسياسة أهلها وللدين أهله.



مرسي: نترصد من يتعاون مع الأعداء


على وقع هتافات ولافتات «الشعب يريد تطهير القضاء»، ألقى الرئيس المصري محمد مرسي (الصورة) أمس كلمة في مؤتمر جماهيري في الإسكندرية، ليؤكد أنه يحترم أحكام القضاء، وحريص على أن تكون السلطة القضائية مستقلة تماماً حتى في تطهير نفسها. وأوضح أنه لم يستخدم سلطة التشريع سوى 4 مرات.
وجاءت هذه التصريحات بعد ساعات من قرار مرسي بإصدار قرار بإبعاد النائب العام عبد المجيد محمود، عن منصبه، مقابل رفض الأخير للأمر، رغم وجود غضب شعبي على النائب العام بعد تبرئة المتهمين في موقعة الجمل. وعن أحكام البراءة التي نالها المسؤول السابق في عهد حسني مبارك، قال مرسي: «الأدلة الجنائية الموجودة ضد المجرمين قليلة، لأنها كانت معهم وأفسدوها، وإذا كانت الأحكام لا ترضينا، فهذا لا يعني أن القاضي ظالم». وأضاف: «لجنة تقصي الحقائق طلبت مدّ عملها لآخر كانون الأول، ولن أترك من أفسدوا الوطن يعيشون أحراراً بيننا». وتطرق إلى ضباط 8 أبريل المؤيدين للثورة، لافتاً إلى أنه أفرج عن 21 منهم وبقي 5 يأخذون دورات إعادة تأهيل قبل الإفراج عنهم.
وتحدث مرسي عن «وجود من يتعاون مع الأعداء»، قائلاً: «عيوننا مفتوحة ومستعدون»، قبل أن يستدرك بالقول «إنه لا يقصد أي مصري بهذا الكلام؛ فالمصري لا يتعاون مع الأعداء».
وفي الاقتصاد، أكد مرسي، خلال المؤتمر الذي حضره الآلاف، أغلبهم من أعضاء الجماعة، أن مؤشرات الاقتصاد بدأت في الارتفاع.
(الأخبار)