واشنطن | تعمل الحكومة الأميركية، من خلال وزارتي الدفاع (البنتاغون) والخارجية، على تسريع وتيرة جهودها لمساعدة الحكومة الليبية على تشكيل قوة عسكرية خاصة للتصدي للميليشيات الليبية المسلحة التي تضم متشددين إسلاميين، على شاكلة من يشتبه في مسؤوليتهم عن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في أيلول الماضي، فيما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أن من مسؤولياتها الحفاظ على سلامة الدبلوماسيين.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن وثائق حكومية أميركية داخلية، أن حكومة الرئيس باراك أوباما، حصلت الشهر الماضي على مصادقة الكونغرس على نقل نحو 8 ملايين دولار من عمليات البنتاغون ومساعدات مكافحة الإرهاب المخصصة لباكستان في الموازنة، من أجل البدء في بناء قوة خاصة ليبية على مدار العام المقبل، والتي قد يصل عدد أفرادها في النهاية إلى نحو 500 فرد.
وقال مسؤولون أميركيون إن «قوات العمليات الخاصة الأميركية قد تقوم بالكثير من التدريب كما يقومون مع قوات مكافحة الإرهاب في باكستان واليمن»، مشيرين إلى أن الجهود الخاصة بتشكيل هذه الوحدة الجديدة كانت قد بدأت قبل الهجوم على قنصلية بنغازي. لكن الخطة اكتسبت أهمية جديدة في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الجديدة في طرابلس بسط سيطرتها على الفصائل المسلحة المتشددة هناك.
وأشارت مذكرة سرية داخلية لوزارة الخارجية الأميركية، تم إرسالها في الرابع من ايلول الماضي (قبل أسبوع من الهجوم على القنصلية)، إلى أن الهدف من الخطة هو تحسين «قدرة ليبيا على القتال والدفاع ضد التهديدات من القاعدة وأتباعها».
وقالت الصحيفة إن «قراراً نهائياً بشأن البرنامج لم يتم اتخاذه ولا تزال الكثير من التفاصيل مثل حجم وتركيب ومهمة القوة من غير تحديد، بيد أن المسؤولين الأميركيين ناقشوا الخطوط العريضة للخطة مع مسؤولين عسكريين ومدنيين ليبيين كبار كجزء من حزمة أوسع للمساعدة الأمنية الأميركية».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون قوله إن «المقترح يعكس البيئة الأمنية وحالة عدم اليقين في انتقال الحكم في ليبيا»، مشيراً إلى أن بنية الميليشيات المتعددة التي توفر الأمن هناك تحتاج إلى المزيد من التكامل مع النظام الأمني الوطني».
وأوضحت الصحيفة أن وثيقة الموازنة الخاصة بوزارة الخارجية إلى الكونغرس تشير إلى أن البرنامج سيكون مشجّعاً أيضاً على زيادة الاحترافية واحترام حقوق الإنسان بالإضافة إلى أنها تقترح استخدام بعض من الأموال لشراء معدات القوة الخاصة.
وتشير الوثيقة أيضاً إلى 4 ملايين دولار إضافية لمساعدة ليبيا في تحسين السيطرة على حدودها، حيث إنه بعد الثورة تم نهب ترسانات أسلحة هائلة من معسكرات الجيش الليبي، ما يقلق المسؤولين الغربيين بشكل خاص من أن خروج آلاف الصواريخ، التي تُحمل على الكتف والمضادة للطائرات، من سيطرة ليبيا لتقع في أيدى الجماعات المتطرفة.
وأوضحت الصحيفة أن المدربين الأميركيين سيركزون على الأرجح على مهارات أساسية مثل مهارة الرماية وتكتيكات الأسلحة الصغيرة ثم الانتقال إلى مهارات مكافحة إرهاب واستطلاع وإنقاذ رهائن أكثر تقدماً. ويتوقع مسؤولون أميركيون اتخاذ القرار النهائي بهذا الشأن بحلول نهاية العام الجاري على أن يبدأ المدربون تهيئة الوحدات الرئيسية خلال 12 شهراً.
ويذكر أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون اعترفت، في خطاب يوم الجمعة الماضي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بحجم التهديد الذي تمثله الحركات الإسلامية المتشددة، حيث حددت الأطر العامة للتحديات التي تواجه صناع السياسة الأميركية في شمال أفريقيا.
وأقرت كلينتون، في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية «إن بي سي» أول من أمس، بأن وزارة الخارجية الأميركية تورطت في تجربة قاسية وطويلة من أجل التعرف إلى ما حدث في ليبيا. وتحملت الوزيرة مسؤولية ما حدث للدبلوماسيين الأميركيين في بنغازي، قائلة «لذلك ما كان علينا ان نفعله في وزارة الخارجية هو مواصلة التركيز ليس على سبب حدوث الأشياء فهذا تحدده أجهزة الاستخبارات، لكن على ما يحدث وما قد يحدث وهذا ما أعمل عليه جاهدة ليل نهار لمحاولة التأكد من اننا نتواصل مع الحكومات، واننا نفعل ما بوسعنا لجعل مواطنينا آمنين، وهذه مسؤوليتي الرئيسية».