الجزائر | لا تزال القوات العسكرية الجزائرية تقوم بعملياتها ضد عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لا سيما في ولاية تيزي وزو (شمال البلاد)، تمهيداً لعملية كبرى قد تشمل شمال مالي وتشترك فيها العديد من الدول. وفي السياق، قتلت قوى الأمن الجزائرية أربعة مسلحين من تنظيم القاعدة وأسرت خامساً هذا الأسبوع في ولاية تيزي وزو التي تحتضن جبالها أكبر ملاجئ التنظيم. وأفادت مصادر أمنية أمس بأن وحدة متخصصة في مكافحة الإرهاب تابعة للجيش كشفت مجموعة مسلحة من ثلاثة أشخاص في سيارة صغيرة من طراز «كيا _ بيكانتو» في العاصمة فراقبتها وتعقّبت تنقلاتها حتى وصلت قبل منتصف الليل بقليل إلى حاجز أمني على مدخل بلدة تادمايت في تيزي وزو. وذكرت تقارير أن المسلحين بادروا الى إطلاق النار برشاشات كلاشنيكوف عندما بلغوا الحاجز، ربما لفتح معبر، فوقع الاشتباك وقُتل اثنان منهم، بينما حاول ثالث الفرار وهو مصاب لكنه أُسر.
وبعد أقل من 24 ساعة، لاحق رجال أمن بلباس مدني شخصين مسلحين نزلا من مواقع التنظيم في الجبل للتبضّع في مدينة عين الحمام، وأطلقوا النار عليهما فقُتلا على الفور من دون أن يتمكنا من المقاومة.
وكانت قوى الأمن الجزائرية أعلنت قبل أسبوع من العملية مقتل أحد أمراء الكتائب، بوعلام بكاي (خالد الميغ)، في كمين نصبه الجيش في منطقة ياكوران الجبلية الفاصلة بين ولايتي بجاية وتيزي وزو.
وكانت وحدات متخصصة في محاربة الإرهاب تمكنت من تنفيذ استراتيجية ناجحة في المراقبة والملاحقة وعزل مجموعات الإرهابيين، التي تدخل المدن أو تتنقل بين المناطق.
ولم يبق من مجموعات تنظيم القاعدة في منطقة القبائل شرقي العاصمة غير البقاء في المواقع الجبلية التي ركنت إليها، ويُعتقد أنها أيضاً تؤوي قيادتها.
ويبدو أن الفرق المشتركة العالية التدريب، والمؤلفة من الجيش والدرك والشرطة، ضربت طوقاً أمنياً على درجة عالية من المرونة، ما جعل مشهد المواجهة يتغيّر تماماً. فبينما كان الطرف المكشوف هو قوى الأمن والمتستر هو مجموعات التنظيم، صار العكس حيث ينكشف أمر المسلحين بمجرد تحركهم من مواقعهم الخفية الواقعة عموماً تحت الأرض.
أما أفراد الأمن فيقيمون الكمائن السرية حتى وسط الغابات الموحشة، مثلما في أدغال ياكوران واكفادو.
وفي الوقت نفسه، هناك عمل استخباري غير مسبوق في منطقة القبائل منذ شهور لتحديد خريطة دقيقة للمواقع المسلحة، ويعتقد خبراء أمنيون أن وقت التحكم فيها صار قريباً جداً.
هذا الضغط هو ما دفع أمير كتيبة الفاروق، فضيل حداد (أبو دجانة)، إلى الاستسلام آخر الشهر الماضي. ولعل هذه الكتيبة من أهم المجموعات المسلحة للتنظيم في تلك المنطقة.
ويبدو أن السلطات الجزائرية رمت بكامل ثقلها للانتهاء من موضوع الإرهاب في المناطق الشمالية، خاصة القريبة من العاصمة، للتفرغ للجنوب، الذي يمثّل أكبر التحديات ربما لمدة طويلة، خاصة بعد إقامة الإمارة الإسلامية في شمال مالي والتهديدات التي يمثّلها تدفق الأسلحة من ليبيا. ويفترض أن تقع عملية عسكرية كبيرة في شمال مالي لاقتلاع تنظيم القاعدة منها، وستكون القوات الجزائرية بالتأكيد من بين أهم عناصرها.