القاهرة | على منصة واحدة تجمّعت القوى المدنية يوم أمس في ميدان التحرير، في «جمعة مصر مش عزبة للإخوان المسلمين». بدأ النهار مخجلاً للقوى المدنية إلّا أنّه مع الوقت بدأت الأعداد تزداد، وخاصة مع وصول المسيرات التي تحرّكت من مناطق مختلفة في القاهرة والجيزة، والتقت جميعها في ميدان التحرير.
وجاء «التيار الشعبي» بمسيرة ضخمة ضمّت الآلاف تحرّكت من أمام مسجد مصطفى محمود بالجيزة، وحزب الدستور، أيضاً، وصل إلى الميدان بمسيرة ضخمة من ميدان السيدة زينب في القاهرة، أما حركة «6 أبريل» فكانت مسيرتها من أمام مسجد الفتح في ميدان رمسيس بالقاهرة، وعدد من الحركات اليسارية والناصرية تحرّكت بمسيرة لها من ميدان طلعت حرب في وسط القاهرة، بينما قادت «حركة كفاية» تظاهرة من دوران شبرا إلى ميدان التحرير، وأثناء مرور المسيرات بشوارع القاهرة تضامن معهم عدد من المواطنين من شرفات منازلهم ورفعوا صوراً لشهداء الثورة، وهتفوا مع المتظاهرين «يانجيب حقهم يانموت زيهم». وأيضاً رفع عدد من المتظاهرين من شرفات منازلهم صوراً لرئيس الجمهورية محمد مرسي ملوّحين للمتظاهرين بعلامة النصر له.
اختلاف أماكن تحرّك المسيرات لم ينعكس على المطالب التي رفعتها تلك القوى التي قرّرت المشاركة في التظاهرة، التي جاءت بالأساس تحدياً لما قامت به جماعة الإخوان المسلمين الجمعة الماضية من اعتداء عدد من أنصارها على المتظاهرين في ميدان التحرير لمعارضتهم سياسات الرئيس محمد مرسي. مطالب أمس كانت واضحة في الهتافات واللافتات التي رفعها المتظاهرون، وكان من بين أهم الهتافات «عيش حرية إسقاط التأسيسية»، في إشارة إلى المطلب الرئيسي للقوى المدنية، وهو ضرورة حلّ الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وإعادة تشكيلها بتمثيل لكل طوائف المجتمع، لا أن يسيطر عليها فصيل واحد كما هي الحال، حيث تسيطر أغلبية إسلامية على تشكيل الجمعية. إلى جانب هذا المطلب، أتى أيضاً مطلب القصاص العادل للشهداء، ووضع حد أدنى وأقصى للأجور، وهو المطلب الذي رفعته القوى العمالية التي شاركت في المليونية، ومن بينها الاتحاد المصري للنقابات المستقلة، مطالبين أيضاً بإقالة وزير القوى العاملة، وإطلاق الحريات النقابية. وردّد عدد من المشاركين في التظاهرات هتافات مندّدة بحكم الرئيس محمد مرسي، من بينها «يسقط يسقط مرسي مبارك»، وأيضاً مندّدة بتدخلات مرشد جماعة الأخوان المسلمين في طريقة الحكم، «يسقط يسقط حكم المرشد». المتظاهرون تحركوا من ميدان التحرير إلى مبنى مجلس الشورى، حيث مقرّ اجتماعات الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وحاصر المتظاهرون المبنى، وشكّل عدد من المشاركين في التظاهرة دروعاً بشرية حول «مبنى الشورى»، منعاً لحدوث أيّ اشتباكات أو مناوشات بين المتظاهرين وقوات الأمن المكلفة حماية المبنى، بعد محاولات بعض المتظاهرين لاستفزاز هذه العناصر. وأمام «الشورى» هتف المتظاهرون «يالي بتسأل ايه الحل التأسيسية لازم تتحل»، و«يا أبو جلابية ودقن وعمّه هتفضل مصر مدنية». ورغم ما ردّدته وسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة، بأن أغلب المشاركين في تظاهرات الأمس هم تابعون للنظام السابق ومن «فلول مبارك»، قام عدد من المتظاهرين في الميدان بطرد سيارة كانت ترفع أعلام لحزب المؤتمر الذي يتزعمه الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وسط هتافات «الثورة مستمرة والفلول تطلع بره»، و«أهم أهم أهم الفلول أهم». وبدا واضحاً غياب، ما سمّتهم وسائل الإعلام الحكومية «العكاشنة»، نسبة إلى أنصار الإعلامي توفيق عكاشة، المؤيد للمجلس العسكري، والعضو السابق في الحزب الوطني المنحل. وكان من أبرز الحضور في تظاهرات أمس، وزير القوى العاملة الأسبق ونائب رئيس حزب الدستور، أحمد البرعي، ووزير الثقافة الأسبق عماد أبو غازي، وعدد من الرموز الوطنية من بينهم القيادي الناصري كمال أبو عيطة، والمنسق الأسبق لحركة كفاية جورج إسحاق، وعدد كبير من الشخصيات المعارضة لنظام مبارك المخلوع.
وقال جورج إسحاق في كلمته على منصة التحرير: «نحن أصحاب ميدان التحرير سنعود له جميعاً لنكون يداً واحدة»، وقال إنّه مع المطالب المنادية بإسقاط الجمعية التأسيسية، وإعادة تشكيلها بتمثيل كل الطوائف. وهو ما ذهب إليه أكثر الذين صعدوا على المنصة، من نجوم السياسة حالياً. بينما وجّه رئيس حزب الدستور، محمد البرادعي، رسالة لمن شارك في التظاهرات قائلاً: «بكم ومعكم ستنهض مصر»، وأضاف أن «قوتنا في وحدتنا»، وأنه يمدّ يده لكل وطني للعمل معاً على تحقيق أهداف الثورة. وقال البرادعي، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) مساء أمس: «لشباب الثورة وكل من شارك اليوم أقول: بكم ومعكم ستنهض مصر... نمدّ يدنا لكل وطني يود أن يعمل معنا لتحقيق أهداف الثورة، وقوتنا في وحدتنا».
غير أن عدداً من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أغضبهم الهجوم على تنظيمهم في الميدان، وقال عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة هشام الدسوقي إنّ النقد مباح، لكن التطاول على الجماعة غير مقبول، لافتاً في حديثه لـ«الأخبار»، إلى أنّ من حقّ أيّ شخص أن يعترض على سياسات لا على أشخاص، كما هو حادث في ميدان التحرير.