في زيارته الثانية لسوريا، التقى الموفد العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي بالرئيس السوري بشار الأسد، في وقت دعمت فيه بكين والجزائر «تهدئة الأضحى»، فيما قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إنّ اتفاقاً لانتقال السلطة على غرار الاتفاق اليمني لم يعد وارداً في سوريا. ودعا الأخضر الإبراهيمي، بعد لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، طرفي النزاع في سوريا الى وقف القتال «بقرار منفرد» خلال عيد الأضحى. وقال الإبراهيمي، في مؤتمر صحافي، «أوجّه النداء إلى الجميع لأن يتوقفوا بقرار منفرد عن استعمال السلاح أثناء العيد»، مشيراً إلى أنّ كل طرف يمكن أن يبدأ بهذا «متى يريد اليوم أو غداً». وقال إنّ دعوته موجّهة إلى «كل سوري، سواء كان في الشارع أو القرية أو مسلحاً في جيش سوريا النظامي أو معارضاً للدولة السورية».
بدوره، أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد الإبراهيمي التزام سوريا بالانفتاح على أيّ جهود مخلصة لإيجاد حلّ سياسي للأزمة على أساس احترام السيادة السورية ورفض التدخل الخارجي. ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن الأسد قوله إنّ «أيّ مبادرة أو عملية سياسية يجب أن تقوم في جوهرها على مبدأ وقف الإرهاب، وما يتطلبه ذلك من التزام الدول المتورطة في دعم وتسليح وإيواء الإرهابيين في سوريا بوقف القيام بمثل هذه الأعمال».
وكانت دمشق قد جددت، أول من أمس، خلال لقاء الإبراهيمي مع وزير الخارجية وليد المعلم استعدادها لإجراء حوار وطني في سوريا للخروج من الأزمة، بعيداً عن أيّ تدخل خارجي. وقالت الخارجية السورية في بيان «كانت المحادثات بنّاءة وجادة، استعرض خلالها الجانبان آخر التطورات الإقليمية والجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة حالياً في سوريا، سواء على الصعيد الإنساني أم على صعيد مهمة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي».
وقال البيان إنّ المناقشات تناولت «الظروف الموضوعية والواقعية لوقف العنف من أيّ طرف كان، من أجل تحضير الأجواء للحوار الشامل بين السوريين، والذي تراه الحكومة السورية الطريق الصحيح للخروج من الأوضاع الحالية بعيداً عن أيّ شكل من أشكال التدخل الخارجي».
كذلك التقى الموفد الدولي في مقر إقامته في دمشق شخصيات معارضة بينها المتحدث باسم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي حسن عبد العظيم. وأكد عبد العظيم أنّ الهيئة ترحّب باقتراح الإبراهيمي لجهة إرساء هدنة، وقال إنّ هذه الهدنة خلال عيد الأضحى قد يجري تمديدها في موازاة إيصال مساعدات طبية إلى السكان والإفراج عن معتقلين، معتبراً أنّ «هذا الأمر سيمهد لعملية سياسية». ولفت إلى أنّ دولاً عربية وإقليمية ودولية تؤيّد مبادرة الإبراهيمي التي قد تؤدي إلى نتائج. وأضاف أنّ «العنف في سوريا بلغ مستوى خطيراً يهدّد سيادة هذا البلد واستقلاله»، معرباًَ عن أمله بأن تؤدي عملية سياسية في سوريا إلى «دولة مدنية وديموقراطية يريدها السوريون».
في السياق، قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أول من أمس، إنّ اتفاقاً لانتقال السلطة على غرار الاتفاق اليمني الذي سمح للرئيس علي عبد الله صالح بالتنحي لم يعد مناسباً للتنفيذ في سوريا. وأشار داوود أوغلو، في مؤتمر صحافي في صنعاء مع نظيره اليمني أبو بكر القربي، إلى أنّ تركيا تؤيّد دعوة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الابراهيمي إلى وقف إطلاق النار أثناء عطلة عيد الأضحى، التي تبدأ نهاية الأسبوع الحالي. وأضاف «من الضروري أن يوقف النظام السوري أسلوبه الوحشي الجائر ضد شعبه ليمنحهم بعض الشعور بالارتياح». واستطرد قائلاً إنّ الحلّ اليمني كان مناسباً لسوريا قبل تسعة أشهر، لكن الآن، وبسبب التطورات الأخيرة على الساحة السورية، أصبحت الفرصة ضيّقة أمام تطبيق مثل هذه الحلول. وأضاف «لقد رأينا زيادة في استخدام المدفعية والقوة الجوية في قصف المدن السورية. هذا جعل الموقف أكثر سوءاً وقلّص الفرصة أمام تطبيق مثل هذه الحلول».
من ناحيتها، رحبت بكين بالمساعي التي تبذل لوقف إطلاق النار في سوريا خلال فترة عيد الأضحى. وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» أنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، أصدر بياناً قال فيه إنّ «الصين ترحب وتدعم بيانات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وأمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي التي تدعو كل الأطراف في سوريا إلى تلبية دعوة المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي لوقف إطلاق النار خلال فترة عيد الأضحى». وشدّد هونغ على أنّ وقف إطلاق النار وكلّ أشكال العنف يعدّ أولوية لحلّ القضية السورية. وأضاف «نحثّ كلّ الأطراف في سوريا على أخذ مصالح البلاد والشعب الأساسية والطويلة الأمد في الاعتبار، والاستجابة وتطبيق الدعوة لوقف إطلاق النار حتى يتمّ تفادي إراقة مزيد من الدماء ويبدأ حوار سياسي وعملية انتقال سياسية في وقت مبكر».
بدورها، أيّدت الجزائر، أول من أمس، دعوة الأخضر الإبراهيمي إلى هدنة في سوريا خلال عيد الأضحى، آملة بأن يؤمن هذا الأمر «ديناميكية حوار ومصالحة» بين الأطراف السوريين. وأعربت عن اقتناعها بأن «هذه الهدنة ممكنة بفضل تضافر جهود كلّ الأطراف لوضع حدّ لدوامة العنف في سوريا».
من ناحية أخرى، أكد رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي أنّ سوريا تتعرّض لمؤامرة دولية تهدف إلى زعزعة أمنها واستقرارها وتحييد دورها المقاوم، تحقيقاً لأهداف وأطماع الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل. وأشار الحلقي، خلال لقائه أمس وفد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين _ القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل، إلى ضرورة العمل لتعزيز صمود الشعبين السوري والفلسطيني للوقوف معاً في وجه المؤامرات والمخططات التي تحوكها هذه الدول.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)