يبدو أن صانع القرار في تل أبيب يجد نفسه مضطراً الى التحرك بين حدين، الأول الانتخابات العامة المقبلة، التي تفرض عليه مزيداً من سفك الدم الفلسطيني والظهور بمظهر الزعيم القوي الذي لا يتهاون في المسائل الأمنية، والثاني، أن لا يؤدي التصعيد، في هذه المرحلة على الأقل، إلى تداعيات غير محسوبة في الساحة الإقليمية عامة، والمصرية خاصة.
الرؤية الإسرائيلية الرسمية لما يجري في العالم العربي، تشي بأنه «هزة إقليمية» مفتوحة على احتمالات متعددة إما باتجاه الانفجار وتفاقم مستوى التهديد المحدق بإسرائيل، أو نحو إرساء معادلة جديدة تساهم في تكريس وجود إسرائيل وتثبيت أمنها.
بين هذا وذاك، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارة للمنطقة التي توجد فيها منظومة «القبة الحديدية» في عسقلان، متفادياً الإجابة عن أسئلة الصحافيين، باستهداف كل من يمسّ بالأمن الإسرائيلي. وأكد أننا «لم نختر هذا التصعيد، لكننا مستعدون لنشاطات أعمق إذا ما تطلب الأمر ذلك»، مضيفاً إنه أعطى تعليماته للدفاع بشكل تام عن المستوطنات الموجودة في المسافة الممتدة بين 7 إلى 45 كيلومتراً عن الخطوط مع قطاع غزة. أيضاً، لم يترك نتنياهو فرصة التصعيد مع القطاع لاستغلاله باتجاه فرض الطابع السياسي والأمني على الحملة الانتخابية، فيما يسعى خصومه الى التركيز على البعد الاقتصادي والاجتماعي، مشيراً الى أنه قرر قبول توصية مشتركة لوزير الدفاع إيهود باراك، ووزير الجبهة الداخلية ناتان فيلنائي، باستكمال تحصين سكان الجنوب.
وأكد نتنياهو طرح هذا الأمر على طاولة الحكومة الذي وصفه بالخطوة «الهامة التي تهدف الى اغلاق الفجوة في تحصين السكان الذين يتعرضون لاختبار يومي».
بدوره، كان لباراك حصته في اطلاق المواقف ضد سكان قطاع غزة، وفصائل مقاومته، اذ اعتبر ان الجيش يعمل بنجاعة وبشكل هادف ضد «الجهات الإرهابية»، مؤكداً أن «حماس ستتلقى عقاباً على ما حدث». وتوعد باراك بأن «أي جهة تمس بإسرائيل أو بإسرائيليين لن تخرج نقية».
وفي الوقت الذي أكد فيه باراك أن اسرائيل لا تنوي السماح بخرق نمط الحياة المعتادة في الجنوب، أعلن أيضاً استعداد الجيش لأي نوع من العمليات فيما لو تطلب الأمر ذلك، وأنه يعمل من الجو وبكل طريقة أخرى من أجل ضرب كل من يمس أو يحاول المس بنا.
في موازاة ذلك، عبر باراك عن أمله بأن يعود الهدوء جراء النشاطات الرادعة للجيش الاسرائيلي، محذراً من أنه «في حال مواصلة الردود الفلسطينية، فإن الجيش سيعمل بقدر الحاجة».
بدوره، اعتبر وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، خلال لقائه مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون، ان الوضع في جنوب اسرائيل لا يحتمل، وان اي دولة اوروبية ما كانت لتوافق على ان يكون في أراضيها مثل ما هو قائم الآن في جنوب اسرائيل، محذّراً من ان اسرائيل لا تستطيع الاستمرار طويلاً في كبح نفسها.
الى ذلك، أجرى رئيس أركان الجيش، بني غانتس، تقدير وضع مع رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء افيف كوخافي، وقائد المنطقة الجنوبية اللواء طال روسو، وقائد فرقة غزة العميد يوسي بكار. وقال مصدر عسكري إنه «حتى في حماس يفهمون بأن غداً مساء، عيد الأضحى، ويفهمون انه من دون هدوء من جانبهم لن يكون لديهم عيد».
وأضاف المصدر ان حماس تدرك ما معنى «عيد الأضحى تحت النار، ولذلك ليس لها مصلحة بمواصلة اطلاق الصواريخ الى الاراضي الاسرائيلية. ويقدرون ايضاً في المؤسسة الأمنية انه بسبب العيد، من الممكن ان يتم ايقاف النار».