بغداد| تعد كتلة «الأحرار»، التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، أحد أكبر المكونات السياسية الفاعلة في المشهد العراقي، بتشكيلة وصلت إلى أكثر من 39 نائباً، وخمسة وزراء. وهي في الوقت نفسه واحدة من أطراف التحالف الوطني العراقي (التحالف الشيعي). بدأت ملامح هذا التيار السياسي بالتشكل منذ تسعينيات القرن الماضي، على يد محمد باقر الصدر، الذي استشهد مع نجليه مصطفى ومؤمل إثر حادثة دبرتها أجهزة نظام صدام حسين في محافظة النجف. وعقب الأحداث التي شهدها العراق خلال عام 2003، ظهر الصدر، الابن الرابع للشهيد محمد صادق الصدر، كزعيم لهذا الخط السياسي، حيث أكد خلال خطبه، التي اشتهر بها عقب صلاة الجمعة في مسجد الكوفة آنذاك، رفضه الوجود الأميركي، معلناً إنشاء «جيش المهدي»، الجناح المسلح للتيار الصدري. وانخرط التيار الصدري في العملية السياسية، منذ الانتخابات البرلمانية الأولى التي شهدتها البلاد خلال عام 2005. ثم غادر الصدر العراق متجهاً إلى إيران، بغية إكمال دراسته الدينية في حوزة قم، حيث يقوم من مقره هناك بمتابعة مجريات الأحداث السياسية في العراق.
«الأخبار»، طرحت عدداً من الأسئلة على زعيم التيار الصدري، تمحورت حول الواقع السياسي في البلاد من جهة، والتطورات التي تشهدها المنطقة من جهة أخرى. فتناول رجل الدين العراقي التدخلات الأميركية في الشأن العراقي الداخلي، ولا سيما عقب خروج قواته من العراق، قائلاً «لقد كان للاحتلال الأميركي للأراضي العراقية المقدسة الأثر السلبي الفعلي الكبير على الأرض والشعب، فقد حصد الأرواح ونهب الخيرات ولا يزال يفعل». وأشار الصدر إلى أن «لهذا الاحتلال آثاراً سلبية نتجت منه، لعل أهمها تثبيت نفوذه على تلك الأرض التي أرعبته طوال سنين. ولا يعني هذ النفوذ سوى فرض السيطرة العسكرية والسياسية واستمرار تدخلاته المرفوضة مع الأطراف السياسية».
وأشار الصدر إلى استمرار السيطرة الأميركية على عدد من المؤسسات العراقية، حيث قال «لعل هناك الكثير من الملفات التي لا يزال يسيطر عليها، ولا سيما بعض القواعد والمعتقلات، بل وحتى النفوذ الاستخباري وغيره»، مشدداً على أن «هذه التدخلات ستمنع صيرورة العراق عراقاً مستقلاً وذا قرار دولي وإقليمي». وأكد أن «أميركا تريد بذلك زيادة هيمنتها وقوتها في داخل العراق وخارجه».

سياسات المالكي

في المقابل، اتهم الصدر رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي بالتفرد في اتخاذ القرارات، مؤكداً أن هذه الممارسات من شأنها «إبعاد» العراق عن الديموقراطية، فيما أعرب عن اعتقاده بـ«استحالة» حل الأزمة السياسية «المعقّدة» في البلاد.
وفي معرض سؤاله عن تزايد عدد الأصوات المتهمة رئيس مجلس الوزراء بالتفرد في اتخاذ القرارات، أجاب الصدر «نعم بل هي أكثر من التفرد، وقد قلت ذلك في ما مضى، وما زلت أقول ذلك». الصدر استطرد قائلاً «ليس لدي مخاوف شخصية من ذلك، ولكن تلك الممارسات ستنتج في النهاية، لا محالة، إبعاد العراق عن نهج الديموقراطية والحرية، بل حتى عن الانتخابات النزيهة».
وبخصوص المساعي التي يبذلها الرئيس العراقي جلال الطالباني لحل الأزمة السياسية في البلاد، قال الصدر لـ«الأخبار»، «لا أتصور أن بمقدوره ذلك، ولو كان بإمكانه معالجة الأزمة فإنه لم يكن قد نأى بنفسه عن متابعة تنفيذ مقررات اجتماع أربيل». وقلل الصدر من أهمية اللجنة التي شكلها التحالف الوطني لمعالجة الأزمة، قائلاً «لم أشارك في اجتماعات هذه اللجنة، ولا أعرف تفاصيلها، فحل الأزمة بات مستحيلاً، وخصوصاً أن معالجتها عند البعض يعني الدكتاتورية والتفرد في القرارات»، متطرقاً إلى وجود ورقة الاصلاح التي صاغتها هذه اللجنة بالقول «وجدت أو لم توجد فإنها سيّان عندي».
وكان «التحالف الوطني» قد قرر تشكيل لجنة مؤقتة، مسؤوليتها تجميع مطالب الكتل السياسية الأخرى وصياغتها ضمن ورقة اصطُلح على تسميتها «ورقة الإصلاح»، إلا أن القائمة العراقية وأطرافاً سياسية أخرى باتت تشكك في وجود هذه الورقة من الأساس.
وعن اتهامات وجهها ائتلاف «دولة القانون» بزعامة المالكي إلى التيار الصدري لجهة عدم اتخاذه مواقف مناسبة حيال المشاكل العالقة بين المركز وإقليم كردستان، ردّ الصدر «كلها خلافات سياسية ستجر البلد الى الخراب شيئاً فشيئاً». وقد رفض الصدر التعليق على قضية نائب الرئيس طارق الهاشمي، وخصوصاً أن القضاء العراقي كان قد أصدر حكم الإعدام غيابياً بحقه.
في هذا الوقت، أبدى الصدر رضاه «النسبي» عن الأداء التشريعي لأعضاء مجلس النواب التابعين للتيار الصدري، قائلاً «هو الأداء الأفضل، لكنه ليس المطلوب، وليس الذي نتمناه، لكنهم قد يستحقون الشكر إن قسناهم الى غيرهم من النواب»، متمنياً عليهم أن «تكون نية عملهم خدمة هذا الشعب».
ونفى زعيم التيار الصدري تبنّي كتلته مشروع قانون العفو العام عن المحكومين في السجون العراقية، والذي وُجّهت على أساس ذلك العديد من الانتقادات للكتلة الصدرية في مجلس النواب.

الأزمة السوريّة

عرّج الصدر إلى ملف الأزمة السورية، مبدياً رفضه التدخل الأجنبي في حلها، وذكّر الصدر بأن «حقن الدماء واجب، ولا فائدة ولا طائل من الصراع إلا ضد إسرائيل وأميركا»، مضيفاً «لن نرضى بالتدخل الخارجي في سوريا إطلاقاً، ولذا فإني نأيت بنفسي عن التدخل أيضاً».
وتطرق الصدر إلى القضية البحرينية، قائلاً «صوت الشعب لا بد أن يعلو، وصوت الظلم والطغيان لا بد أن يخفت. فحيّا الله الشعب الثائر ونسأل الله لهم النصر». وختم زعيم التيار الصدري حديثه إلى «الأخبار» بالإشارة الى الفيلم الأميركي الذي تناول النبي محمد، مكتفياً بالقول «ألم تسمع قول الشاعر: إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل».



هجمات مسلّحة في العراق

قتل 4 أشخاص، بينهم 3 من رجال الأمن، وأصيب 10 آخرون بجراح أمس، في سلسة من أعمال العنف المنفصلة في مناطق عراقية متفرقة.
وقال مصدر أمني في بغداد إن مسلّحين مجهولين هاجموا بأسلحة كاتمة للصوت نقطة تفتيش أمنية في منطقة المنصور غرب بغداد، ما أدّى الى مقتل جنديين اثنين، أعقب ذلك انفجار عبوة ناسفة الى جانب الطريق قرب مكان الحادث الأول، أسفرت عن إصابة 3 من عناصر الشرطة بجروح. وأعلن مصدر أمني محلي في محافظة صلاح الدين أن خبراء المتفجرات أبطلوا مفعول عبوة ناسفة مزروعة قرب محطة لنقل المسافرين وسط قضاء سامراء (40 كيلومتراً جنوبي تكريت) من دون وقوع إصابات أو أضرار. وفي المحافظة ذاتها، قال مصدر في الشرطة إن شرطياً قتل وأصيب 4 أشخاص آخرون بينهم شرطي، بتفجير دراجة مفخّخة استهدفت دورية أمنية في منطقة كوكز التابعة لقضاء طوزخورماتو (90 كيلومتراً شرقي تكريت). وفي كركوك، أصيب 3 من عناصر الشرطة بجراح بتفجير استهدف دوريتهم في منطقة رأس دوميز جنوب المدينة، وقتل طالب ابتدائية وأصيب اثنان آخران بتفجير عبوة ناسفة في المنطقة ذاتها.
(يو بي آي)