انتقد رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي الاسبق، اللواء غيورا آيلاند، الموقف الاسرائيلي الرسمي الرافض لزيارة أمير قطر لقطاع غزة، مشيراً الى أنه تعبير عن سياسة إسرائيلية متواصلة منذ ست سنوات ونصف السنة، التزمتها الحكومة الحالية وقبلها الحكومة السابقة.
أما بخصوص خلفيات الموقف الرسمي، فيوضح آيلاند، في مقالة افتتاحية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أنه ينطلق من اعتبار أن سلطة «حماس» غير شرعية، وبالتالي فإن كل زيارة لجهة أجنبية تستحق التنديد بها، وإذا أمكن ينبغي منع حصولها، ومن أن سلطة «حماس» في غزة سيئة لإسرائيل، في حين أن السلطة الفلسطينية هي «الشريكة الطبيعية» لها، وبالتالي ينبغي محاولة منع إضفاء أي شرعية على «حماس»، لكون هذا الأمر يسهم في إضعاف السلطة الفلسطينية.
في المقابل، رأى آيلاند ان الموقف الاسرائيلي الحالي ومنطلقاته خاطئ لستة أسباب؛ أولاً، ان حماس فازت في الانتخابات التي أجريت في عام 2006، وبالتالي فإن سلطتها أكثر شرعية من أي سلطة عربية تقريباً. ثانياً، ان الحفاظ على أن تكون الضفة الغربية وقطاع غزة كياناً سياسياً واحداً هو مصلحة فلسطينية، ولكنه ليس مصلحة إسرائيلية؛ ثالثاً، ان كل محاولة إسرائيلية علنية تهدف الى تقوية رئيس السلطة أبو مازن، على حساب حماس، ستؤدي الى نتائج عكسية؛ رابعاً، ان لإسرائيل مصلحة في أن تكون غزة مشابهة قدر المستطاع لدولة ذات سلطة مستقرة، وبذلك يوجد عنوان للردع ولترتيب أمور أمنية ايضاً. خامساً، ان لإسرائيل مصلحة في حدوث تحسن اقتصادي في غزة كذلك التي تستطيع قطر تحقيقه، خاصة أن هذا التحسين ينشئ أملاكاً تخشى أي سلطة المس بها، ونتيجة لذلك تصبح أكثر اعتدالاً وأكثر حذراً؛ سادساً، ان إضعاف سلطة حماس لن يؤدي الى تقوية مكانة ابو مازن في القطاع بل الى تقوية جهات أكثر تطرفاً لا تتحمل مسؤولية سياسية.
في ضوء ما تقدم، يرى آيلاند ضرورة إعادة تعريف المصلحة الاسرائيلية من جديد، مشدداً على أنه ليس من مصلحة إسرائيل التأثير في توازن القوى في المجتمع الفلسطيني ولا في عزل حماس، بل على العكس، من الأفضل لإسرائيل أن تكون حدود غزة _ مصر مفتوحة تماماً لمرور الناس والسلع، مشيراً الى أن المصلحة الاسرائيلية بالنسبة إلى غزة أمنية فقط، عبر ضمان عدم إطلاق نار على إسرائيل ومنع جهات في القطاع من التسلح بسلاح أشد تهديداً. وانطلاقاً من هذه المصلحة الضيقة، يصبح من السهل صياغة سياسة واضحة لها أربعة عناصر هي:
الأول، الرد بقوة شديدة على أهداف سلطوية في غزة في أعقاب كل إطلاق نار على إسرائيل، لأن الردود الموزونة على مطلقي القذائف الصاروخية لا تحقق ردعاً، فضلاً عن أن التفريق بين المنظمات المختلفة يعتبر خطأً أيضاً، لأننا إذا حاولنا أن نستهدف منظمة ما تجرأت على إطلاق النار، فإنا نعززها من الناحية السياسية لأنها تظهر بمظر الشجاع.
الثاني، إغلاق المعابر الى غزة، ووقف تزويدها بالكهرباء والوقود في أعقاب كل إطلاق نار. ومن السهل تفسير هذه الخطوة في حال كانت غزة دولة وتتحمل سلطتها المسؤولية، في حين يصعب الدفاع عن هذا الخيار في الوقت الذي نعتبر نحن أن السلطة في غزة ليست شرعية.
الثالث، تشجيع المساعدة الاقتصادية الدولية لغزة وعدم منع حصول زيارات لجهات أجنبية الى القطاع.
الرابع، أن نؤكد أنه في كل الاحوال، ينبغي أن يبقى معبر مصر _ غزة مفتوحاً للقول إن غزة ليست تحت الحصار.
ودعا آيلاند إلى ضرورة الكف عن «مطاردة» أولئك الذين يريدون مساعدة غزة اقتصادياً أو يريدون الاعتراف بدولة غزة فعلياً، ولنبدأ حصر اهتمامنا بمصلحتنا الحقيقية فقط، وهي تحقيق التهدئة. ورأى أن علينا أن نؤكد للمرة الاولى أن المصلحة ليست «هوى نفس»، بل هي شيء مهم نكون على استعداد لدفع الأثمان من أجل تحقيقه، وخصوصاً أنه كلما كانت المصلحة أضيق، أصبح إحرازها أسهل، وبثمن أقل.