شهور تحت الحصار، فيما الإعلام الرسمي غارق في وصفات الطبخ والأمنيات الصباحية بخيرٍ لا يجده السوريون منذ زمن طويل. بلدة حارم الحدودية، تشهد أشرس المعارك في مدينة إدلب، إذ يغلب على البلدة طابع الموالاة للنظام ما يجعلها تدفع ثمناً غالياً في الحرب المستعرة في أراضي مدينة إدلب وريفها الواقع بمعظمه بيد الجيش الحر، وسط بيئة حاضنة له بنسبة سكانية ساحقة.
المعركة الأشرس تدور رحاها على مدخل البلدة، حيث تسيطر المعارضة المسلحة على المنطقة بشكل كامل بما يمنع الجيش السوري من التقدم، بسبب وجود أعداد كبيرة من المدنيين يتوزع عناصر الجيش الحر بينهم.
اعتمدت خطة الجيش السوري على محاولة تجميع المقاتلين المنشقين ومن يشاركهم من جنسيات مختلفة في مكان واحد، لتبدأ «السوخوي 22» بالقصف والإصابات المباشرة بنسبة 80%، إلا أنّ الامدادات التركية كانت من الكرَم بحيث لم يتمكن الجنود السوريون من دخول حارم، كما حطّت طائرة إمدادات أخطأت مسارها، ففاز الجيش الحر بما داخلها. أتُراه خطأ حقّاً؟. ما من مُجيب على تساؤلات الأهالي والجنود. فالبلد غارق في هدنة خُرقت قبل أن تبدأ، والانفجارات المدوية في العاصمة ستحجب حتماً نداءات الاستغاثة البعيدة الآتية من أقصى الشمال.
قناصة محترفون على مآذن مساجد تمتلئ بالنازحين من أطفال ونساء، هذا هو الحال الذي يجعل إمكان القصف المباشر في غاية الصعوبة، وقائماً على قاعدة التضحية بالمدنيين الذين استنجدوا بالجيش بعد حرب خاضتها لجانهم الشعبية ضد معارضين مسلحين آتين من بلدة سلقين القريبة، يساندهم جهاديون قدموا إلى سوريا من عدة بلدان. وبينما سيارات الإسعاف تعبر الحدود السورية التركية بكل سهولة للمساعدة في إسعاف جرحى الجيش الحر، يسقط عشرات الجنود السوريين بسبب نقص الإمدادات وصعوبة إنقاذ الجرحى، في حين عثر عناصر الجيش السوري على ثلاثة صحافيين انكليز يحملون أجهزة مريبة بتقنيات مراقبة عالية الدقة.
وجود أربعة آلاف مدني من سكان حارم يحتمون في قلعة البلدة، يجعل الخوف قائماً من قصف القلعة وحدوث مجزرة، بعدما ثبت حصول المعارضة المسلحة على صواريخ قصيرة المدى، وراجمات وصواريخ تركية الصنع تمّ تركيبها على سيارات رباعية الدفع، بالإضافة إلى وفرة قذائف الهاون.
أيام طويلة من حصار المدنيين داخل القلعة الأثرية تنقل متتبعي أخبارها إلى عوالم ماضية من تاريخ قديم، فيصعب تصديق أنّ هذه الأحداث تقع الآن في سوريا، وأن لجاناً شعبية بأسلحة متواضعة تتحصن داخل قلعة قديمة لحماية مدنيين لا ذنب لهم إلا أنهم لم يتبعوا الرأي السياسي للطرف الغالب في المدينة، ما جعلهم محاصرين من قبل كتائب محاصرة بدورها من جنود سوريين محاصرين يعانون نفاد الأسلحة والتغافل عن نداءاتهم.
انسحات كتائب من الجيش الحر إلى أطراف حارم مع الإبقاء على بعض الجيوب داخل البلدة تمّ على خلفية الهجوم الأخير على مفرزة الأمن السياسي، حيث صدّ الهجوم من قبل عناصر الأمن وقوات من الجيش السوري سحبت من سلقين للمشاركة في الدفاع عن البلدة، ليسقط العشرات وبينهم مدنيون.
وإن كانت سمعة كفاءة الطيّار السوري تسبقه، فإن الخذلان لم يمنع الطيارين السوريين، عبر استخدام طائرتي «سوخوي» ومروحيات، من ضرب الحدود ونقاط الإمداد المعادية المشتبه فيها لتكون حارم نموذجاً للحرب الخفية التي تحصل فعلياً بين سوريا وتركيا. «نعدّ الرصاصات على أصابعنا. هناك الكثير من الشهداء»، يقول الجندي المحاصر مع 88 عسكرياً آخرين، بالإضافة إلى عدد من عناصر القوى الأمنية، بانتظار التعزيزات المتوقعة. ويجري الهجوم على حارم، حسب رأيه، بهدف خلق خطّ جديد للإمدادات بدلاً من خط شمال حلب، الذي قطعه الجيش السوري أثناء معاركه هُناك ضد الجيش الحر.
حيّ الطارمة في حارم شهد وقوع عشرات الضحايا إثر قصف صاروخي من مخفر تركي، وسط مناشدات للقيادة السورية بإنقاذ من بقي من الأهالي، فيما ترد أنباء عن تقدّم الجيش السوري خلال الاشتباكات العنيفة التي تدور في بلدة دركوش بين كتائب الجيش الحر وعناصر من التعزيزات العسكرية السورية المتجهة من جسر الشغور إلى حارم.
حال اليأس الذي وصل بالجنود دفع أحد عناصر الأمن السياسي إلى الزعم أنّه انشق ليفجّر نفسه فور وصوله بحاجز للجيش الحر، ليسقط العشرات خلال التفجير.
قدَر حارم أن تنتظر نهاية الهدنة لتصلها التعزيزات، وليجري فيها ما جرى في عدة مناطق سورية أُخرى.. إنما بقسط أوفر من تراجيديا الحرب وفجائعها.
21 تعليق
التعليقات
-
من قلبي سلام لحارم و رأسمن قلبي سلام لحارم و رأس العين .......
-
كل شئ بيعمو المسلحين العملاءكل شئ بيعمو المسلحين العملاء صح والنظام هو الوحش.............. .حاج مسخرةعلى ع عقول البشر شايفين العالم مابتعرف شوصاير........مهزلة.... الي مع البلد خاين والي مع المعارضة شريف ........ان الغد لناظره قريب
-
مقال رائعمقال رائع لكن لن أقول بعض التعليقات لأنه للصدق ظاهر أنه معلق مفرغ للحن نفسه لكن بالعموم تعليقاته سخيفة ومضحكة
-
مقال رائعمقال حقيقي وواقعي وفعلاً هالصحفية صادقة وموهوبة.. أما بعض التعليقات من أصحاب العقليات الطائفية المريضة فبتصور أنن خريجين مدرسة آل سعود الفكرية المتخلفة وفبركات حمد أبو شحاطة تبع الجزيرة ويلي بيصدق البراميل توقعو منو كلشي.. قلبنا مع حارم كل دقيقة والحرب بمراحلها الأخيرة والمرتزقة رح ينهزمو أكيد..
-
حارم و كل سورياصدقت لان الجندي السوري يقتل بلا ثمن يسندعى الى الجندية دورة 3 شهور و فرز عالاماكن الساخنه مباشرة الا في حال دفع المعلوم للضابط المسئول و كذلك الامر بالنسبة لخريجين الكليه الحربية حتى باتت الرتب الصغيرة في الجيش السورى شبه معدومة من ملازم و ملازم اول الى نقيب رفقا بشبابنا يا ضباط الجيش العربي السوري الكبار .
-
ماشي الحالمعقول يا ماشي كلامك مو ماشي بنوب إذا صار عندك الجندي النظامي ضحية و طيار السوخوي و الميغ قمة بالمهارة عند إلقاء براميل المتفجرات على المدنيين . لك يا عمي بلا ما نحكي سياسة احوا إنسانية انت قاعدين ببيوتكن و بتروحوا نهار و نهارين لترتكبوا فظاعات لا تقل عن فظاعاعات من تدافعون عنهم, و هذا قمة العيب و لكن نعرف انكم تسخرون ممن يتكلم بلغة العيب و الحرام و الشفقة و العطف و الإنسانية مبروك عليكمالمشي في طريق أحقر و أقذر نظام عرفه التاريخ و الجغرافيا , و أقسم بالله أني "ما بذيء أنا إنما وصل القيح الحنجرة".
-
حارم , قلعة الصمود عبر التاريخزنوبيا و أورليان جمعهما القدر قرب حارم ليتعاركا , ثم جاءها نور الدين الزنكي محررا من البيزنطيين ومنها انطلق جيش لصلاح الدين باتجاه القدس محررا, ليعود تيمور نك بهمجية لم تمكنه من دخول قلعة حارم الا بعد عشرة أيام ققرر معاقبة أهلها بأن أمر جنده بقتل كل السكان رجالاً ونساء وشيوخاً وأطفالاً، كما أمر بقتل الدواب كافة واقتلاع الأشجار، ثم قام برش الأرض بالملح ثم قام جنده بحرثها كيلا ينبت فيها الزرع من بعد. لكن خاب املة وأصبحت حارم من اخصب البقاع ويزرع فوق ارضها الخصبة شتى أنواع الفواكه والخضروات التي لامثيل لها من حيث الجودة. واليوم حارم تعاني همجية الحرية المزعومة, فقد نعم أهلها بالسلام والامان طيلة الأزمة السورية, لذا عوقبت حارم الآن كما عوقبت حلب من قبلها بقليل. لك السلام يا حارم
-
"بما يمنع الجيش السوري من"بما يمنع الجيش السوري من التقدم، بسبب وجود أعداد كبيرة من المدنيين يتوزع عناصر الجيش الحر بينهم." إنسانية يعني؟ "وإن كانت سمعة كفاءة الطيّار السوري تسبقه ..." لماذا ينتمي كل الطيارين الذين أسقط المسلحون طائراتهم إلى طائفة واحدة؟ أما قصة عنصر الأمن السياسي الذي فجر نفسه بالحاجز، فالأرجح أنها مستقاة من إحدى صفحات فيس بوك. ولكن لا بد من بث بعض المعنويات في طيات المقال المتحسر، من قبيل "إصابات بنسبة 80%" و "صد الهجوم" و "أنباء عن تقدم الجيش السوري...".
-
حارم ..........معركة الخذلان في طروادة السوريةسوريا بخير ........رجاء يا أستاذة مرح رح ننتصر عالمؤامرةهيك بيحكوا المحللين اللبنانيين!!!ههههههههه محور المقاومة والممانعة رح ينتصر ويتربع على أشلاء وحطام و بقايا سوريا