لفتت صحيفة «هآرتس» إلى أن التصعيد التدريجي الذي تشهده الحدود مع قطاع غزة، يشكل سبباً أساسياً للقلق لجهة ما قد يشكله من خطر سياسي على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي لا يبحث عن مواجهة عسكرية واسعة مع حركة حماس، في الوقت الذي من الصعب التصديق أن قيادة «حماس» معنية بمواجهة كهذه. مع ذلك، فإن أحداث الأسابيع الأخيرة تقرّب إسرائيل وحركة حماس من نقطة الصدام، الكفيلة بأن تلقي بظلالها على الحملة الانتخابية، حسب تقدير «هآرتس».
ورأت الصحيفة أيضاً أنه خلافاً لمعظم جولات المواجهة السابقة، فإن ما يجري في الأسبوعين الأخيرين جاء بمبادرة واضحة من حماس، التي تشارك بنشاط في هذه العمليات ولا تخشى إعلان ذلك.
وعلى المستوى التكتيكي، تسعى «حماس» ــ بحسب «هآرتس» ــ إلى فرض قواعد لعب جديدة، ضمن ما يسميه الجيش الإسرائيلي «المقياس»، وهو قاطع يبلغ مئات الأمتار غربي الجدار، في الطرف الفلسطيني؛ إذ تحاول «حماس» تثبيت توازن رعب ينبغي لإسرائيل بموجبه أن تدفع ثمناً في مقابل كل نشاط عملياتي خلف الجدار وأحياناً بمحاذاته.
بموازاة ذلك، لفتت «هآرتس» أيضاً إلى أن رد الفعل الإسرائيلي لا يزال منضبطاً جداً، لكونه يقتصر على ضرب خلايا إطلاق الصواريخ من «حماس» والفصائل، ولكنها حذرت من أن الأمر قد يتغير إذا ما استمر إطلاق النار، وخصوصاً أن الحكومة لا تستطيع الاكتفاء بما أقرته، أخيراً، لجهة توسيع تحصين البلدات التي تقع على مسافة 7 كيلومترات من حدود القطاع، إذا ما واصلت نشرات الأخبار بث صور لسكان النقب يركضون بحثاً عن مأوى.
وأكدت «هآرتس» أن كل هذا يرتبط مباشرة على ما يبدو بقصف مصنع السلاح في السودان الأسبوع الماضي، الذي ترفض إسرائيل التطرق إليه (رسمياً) رغم الاتهامات المباشرة التي وجهتها إليها حكومة الخرطوم.
وتساءلت الصحيفة عمّا يدفع إسرائيل إلى المخاطرة ومهاجمة أهداف تقع على مسافة 1900 كيلومتر، ووضعت في هذا السياق تقديرين معقولين: الأول أن هذه صواريخ بر – بحر، أي بمعنى سلاح « كاسر للتوازن» في غزة، وهي صواريخ إيرانية عثر عليها في سفينة «فيكتوريا» التي سيطر عليها سلاح البحرية الإسرائيلي. وأهمية هذه الصواريخ تنبع من أنها صواريخ دقيقة يمكنها أن تضرب الموانئ، وأحواض سفن سلاح البحرية وكذا أحواض التنقيب عن الغاز. أما التقدير الثاني، فهو أن تكون الحاويات التي قُصفت تحتوي على طائرات من دون طيار، كتلك التي أطلقها حزب الله.
في سياق متصل، رأى رؤبين بدهتسور في صحيفة «هآرتس»، أن الجيش الإسرائيلي فشل في امتحان مواجهة القذائف الصاروخية التي تطلقها «حماس» وحركة الجهاد الإسلامي، وأنه دُفع إلى طريق بلا مخرج، داعياً إلى الاعتراف بالحقيقة المرة، أنه ليس بيد الجيش حل لهذه المعضلة.