للمرة الأولى منذ 24 عاماً، سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر تفاصيل تتصل بعملية اغتيال الشخصية الثانية في منظمة التحرير الفلسطينية، خليل الوزير (أبو جهاد)، في تونس عام 1988، وتؤكد مسؤوليتها عن العملية. رغم أن هذا الكشف الإعلامي لم يضف جديداً حول مسؤولية إسرائيل في اغتيال الوزير، إلا أنه يسلط الضوء على بعض التفاصيل التي حجبتها الرقابة.

وبحسب معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين بيرغمان، فإن شعبة «قيسارية» المسؤولة عن العمليات الخاصة في جهاز الأمن الخارجي (الموساد) تولت الجزء الاستخباري من عملية الاغتيال، في حين تولت وحدة «سييرت متكال» التابعة مباشرة لهيئة الأركان العامة للجيش الجزء العملاني منها.
ونقل بيرغمان عن قائد المجموعة التابعة لـ«سييرت متكال»، ناحوم ليف، الذي أجرى معه مقابلة قبل مقتله في حادث سير في شهر آب من العام 2000، قوله إنه لم «يتردد أبداً عندما ضغط على الزناد واغتال الوزير في منزله»، مبرّراً ذلك بالقول «لقد اطلعت على ملف الوزير، واكتشفت أنه كان ضالعاً في ارتكاب عدة عمليات رهيبة ضد المدنيين، وأنه يستحق الموت، وقد أطلقت عليه الرصاص من دون أي تردد».
وكان قاتل الوزير، ليف، وهو نجل أحد كبار علماء الفيزياء في إسرائيل، أول ضابط يهودي متدين في «سييرت متكال».
وبحسب التفاصيل التي أوردها بيرغمان، فقد اشتركت في عملية الاغتيال مجموعة مؤلفة من 26 جندياً وضابطاً، تم توزيعهم على عدة مجموعات، وترأس ليف مجموعة مؤلفة من 8 أفراد كانت مهمتها اقتحام منزل الوزير واغتياله.
في البداية، توقفت السيارات على مسافة نصف كيلومتر من المنزل، ونزل المقاتلون منها. ليف ومقاتل آخر تخفّى في زي امرأة سارا على رأس القوة، كزوجين في نزهة ليلية، وكان يمسك في يده سلة حلويات كبيرة، ويده الأخرى كانت مدسوسة في العلبة وتحمل مسدساً كاتماً للصوت.
اقترب ليف من الحارس الرئيسي، بحسب روايته، الذي كان يغفو في السيارة وأطلق النار على رأسه فقتله. وعندما تلقى باقي المقاتلين الإشارة، تقدم رجال المجموعة الثانية وامتشقوا العتاد الخاص لتخطي باب الفيلا واقتحموها، ووجوههم مغطاة بالأقنعة. توجهت إحدى الخلايا نحو القبو، حيث استيقظ الحارس الثاني، لكنه لم يتمكن من سحب سلاحه.
وأضاف ليف، إن أحد المقاتلين الذي اندفع على الدرج أمامه فوراً، «أطلق هو النار (أولاً) على أبو جهاد، وكان يخيّل لي أنه (أبو جهاد) يحمل مسدساً في يده، بعد ذلك أطلقت النار عليه، صلية طويلة، متخذاً جانب الحذر كي لا أصيب زوجته التي وصلت الى المكان. فمات وقام مقاتلون آخرون بتأكيد القتل، قبل أن يغادروا المنزل».