القاهرة | فيما تسير التحقيقات في قضية خلية مدينة نصر (نسبة إلى حي يقع شرق العاصمة المصرية القاهرة) الإرهابية، تظهر قضية التظاهر والعمل المسلح: جماعة الإخوان المسلمين، التي ينحدر منها الرئيس محمد مرسي، قد تكون على شفا شقاق مع حلفائها التقليديين (السلفيين) بسبب «تراخيها» في تطبيق الشريعة، ولا سيما أن أزمة النص على تطبيقها في الدستور تتصاعد على أشدها.فوزارة الداخلية كانت قد أصدرت بياناً على موقعها الرسمي على شبكة الانترنت، الأربعاء الماضي، أعلنت فيه القبض على ستة متهمين على خلفية ضبط مواد متفجرة داخل سيارة على الطريق السريع الذي يربط القاهرة بمدينة الاسماعيلية، وأعلنت ضبط قنبلة يدوية ومواد متفجرة على الطريق السريع الذي يربط مدينة طنطا بمحافظة كفر شيخ شمال البلاد. كذلك ضبطت قوات الداخلية أوراقاً تتضمن كيفية إعداد العبوات بحوزة أحدهم، وضبطت اثنين آخرين بحوزتهما كمية من الدوائر الإلكترونية المستخدمة في إعداد التفجيرات في منطقة الحرفيين في العاصمة القاهرة.
القضية نُسبت الى حي مدينة نصر، حيث قُتل أحد المشتبه فيهم (بخلاف الستة المحتجزين)، الذي اعتبرته الشرطة مرتبطاً تنظيمياً بالمجموعة، في صالة للألعاب الرياضية يعمل بها، حين «بادر إلى إطلاق أعيرة نارية وإلقاء عبوات ناسفة تجاه القوات بصورة مكثفة، ما أدى إلى اشتعال النيران بالصالة والعقار الكائنة فيه وأحد العقارات المجاورة... فقامت القوات بالتعامل معه حيث أدى اشتعال النيران إلى مصرعه، وحدوث بعض الضرر في العقار»، بحسب نص بيان وزارة الداخلية الذي قال إن قوات الشرطة عثرت في المكان نفسه على 63 قنبلة يدوية وثلاثة صواريخ كاتيوشا وثلاثة قواذف وصاروخ مضاد للدبابات وحاملة إطلاق صواريخ وبندقيتين آليتين و 199 صاعقاً وكمية من المتفجرات و23 طلقة من الطراز المستخدم من قبل القناصة، عدا عن مادة يشتبه في أنها مادة TNT الشديدة الانفجار.
أحد المتهمين عرّفته الشرطة في بيانها بأنه «أحد العناصر من ذوي الأفكار التكفيرية»، بينما أشارت إلى آخر بأنه «سبق اتهامه في القضية رقم 718/96»، في إشارة إلى قضية تنظيم جند الله.
أما مجموعة المحامين المدافعين عن المتهمين، فهي مقرّبة من التيار السلفي، وعلى رأسهم نزار غراب، العضو البارز في حزب الفضيلة السلفي. لكن غراب نفى في حديثه مع «الأخبار» أن يكون المتهمون يناصبون الرئيس مرسي وسلطته العداء أو ينوون التخطيط لأعمال عنف داخل مصر. «فالرئيس يعتزم من وجهة نظرهم تطبيق الشريعة... هم كانوا ينوون فقط مساندة الثورة السورية... وهم يعتنقون فكراً جهادياً، لكنه ليس تكفيرياً... فخلاصة القول هو أن الإعلام درج على إطلاق لفظ التكفيريين على من يغالون في تناول قضية التكفير. وهي قضية عقائدية وشرعية... لذلك، ووفقاً لوصف الإعلام، فالمتهمون ليسوا تكفيريين، وهم لا يكفّرون المجتمع... لكنهم جهاديون يعادون الحاكم والسلطة التي تعادي تطبيق شرع الله».
غراب، وهو عضو مجلس الشعب المنحل، أوضح رداً على من يرى أن ذلك يعني احتمال مناصبة معتنقي تلك الأفكار العداء لمرسي حال لم يلتزم بتطبيق الشريعة، قائلاً «إننا نعادي من يعادي شرع الله بمعنى من يرفض تطبيقه ويطبّق ما سواه ويحارب من يسعون إلى تطبيقه من قبيل قتل سيد قطب وعبد القادر عودة، لكونهما يدافعان عن تطبيق شرع الله (في إشارة إلى القياديين في جماعة الإخوان المسلمين أواسط القرن المنصرم، واللذين أُعدما في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر)... وإذا فعل مرسي ذلك فسنقاتله».
وكأنما وقعت جماعة الإخوان المسلمين، التي تهيمن على تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد، بين شقّي رحى قطاعات واسعة من الرأي العام، فيما النخبة السياسية ترفض محاولات قوى الإسلام السياسي تعديل المادة الثانية من دستور عام 1971 التي تنص على أن «مبادئ» الشريعة الاسلامية فقط لا أحكامها هي مصدر التشريع لتشمل الأحكام أيضاً، وقطاعات أخرى من السلفيين بصورة خاصة تصرّ على تطبيق الشريعة الإسلامية وصولاً الى الحدود.
بدوره، عضو مكتب الإرشاد في جماعة الاخوان، المتحدث الرسمي باسمها، محمود غزلان، علّق في حديثه مع «الأخبار» على «هذا الفخ»، ملقياً باللائمة على المحكمة الدستورية العليا، «فلولا حكم سابق لها فسّر المادة الثانية باعتبارها الأحكام قطعية الثبوت وقطعية الدلالة ما كنا قد وقعنا في كل هذا الجدل. فالنصوص القطعية الثبوت هي القرآن برمته طبعاً، لكن معظم آياته ليست قطعية الدلالة بينما معظم الأحاديث النبوية كما هو معلوم ليست قطعية الثبوت، ما يجعل تلك الأوصاف لا تنطبق إلا على عدد محدود جداً من النصوص، وهو ما دفع إخواننا السلفيين لمحاولة تعديل تلك المادة».
غزلان انحاز الى تفسير هيئة كبار العلماء (المؤلفة من قبل الأزهر )، حسماً للجدل الذي قبلت به الجمعية التأسيسية بإضافة المادة 221 تحت عنوان أحكام عامة الى الدستور تتضمن تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها «مبادئ الشريعة الاسلامية التي تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفرعية ومصادرها المُعتبرة في مذاهب أهل السنّة والجماعة».