تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تصريح سابق أدلى به الجمعة الماضي للتلفزيون الاسرائيلي، وقال فيه إنه لا يفكر في العودة للعيش في مدينة صفد التي ولد فيها في الجليل، مؤكداً أنه «لم ولن يتنازل عن حق العودة» للاجئين الفلسطينيين.
وقال عباس، في مقابلة مع فضائية «الحياة» المصرية من العاصمة الاردنية عمان أول من أمس، إن «الحديث عن صفد موقف شخصي، ولا يعني التنازل عن حق العودة، ولا أحد يمكنه التنازل عن حق العودة، فكل النصوص الدولية والقرارات العربية والاسلامية تنص على حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194».
في المقابل، تلقف المسؤولون الاسرائيليون تصريحات ابو مازن، حول أن «الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس هي فلسطين، وكل ما تبقى هو اسرائيل، الان والى الابد».
ففي الوقت الذي قدمت فيه هذه المواقف ابو مازن على انه شريك فلسطيني للتسوية مع اسرائيل، هاجمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشدة، ملمحاً الى أن تصريحاته خداع للجمهور الاسرائيلي، ومؤكداً أنه «لا صلة بين اقواله وأفعاله عملياً». وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو، إن «ابو مازن يرفض منذ اربع سنوات استئناف المفاوضات مع اسرائيل».
أما وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، فوصف في مقابلة مع اذاعة الجيش، عباس بـ «الكاذب»، وبانه «لا يصارع من اجل السلام او حتى من اجل القضية الفلسطينية، بل هو يصارع على حياته الشخصية من اجل البقاء، لذلك هو يكذب على الاميركيين والاوروبيين وحتى على ابناء شعبه، ويكذب علينا، ومن الواضح انه عاجز عن القيام بأي شيء».
واعرب ليبرمان عن اعتقاده بأنه «في حال انسحابنا الى حدود عام 1967، وقمنا بتقسيم القدس، فسيقوم الفلسطينيون بعدها مباشرة بإطاحة أبو مازن، وستأتي القيادة التي تليه وتقول إنه وقّع الاتفاقيات من دون أية صلاحية».
في المقابل، حاول منافسو نتنياهو والمعسكر اليميني تثمير موقف ابو مازن في السياق الانتخابي والسياسي، إذ انتقد وزير الدفاع ايهود باراك، رئيس الوزراء ووزير الخارجية، في كل ما يتعلق بسلوكهما تجاه السلطة الفلسطينية في السنوات الأربع الأخيرة. وأضاف إنه يتعين «على الحكومة الاخيرة أن تفعل أكثر بكثير من أجل دفع المسيرة السلمية حياله».
في المقابل، رأى رئيس الدولة، شمعون بيريز، انه «يجب التعاطي مع تصريحات ابو مازن بكامل الجدية، لكونها تنسجم وموقف غالبية الجمهور في اسرائيل، الذي يؤيد حل الدولتين للشعبين».
أيضاً علقت، رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفتش، على التصريحات بطريقة تخاطب فيها ناخبي اليمين والتنكر لصورتها اليسارية، بالقول «الانسحاب الى حدود 67، كما هي اليوم، ليس وارداً». ووصفت تصريحاته بشأن الانتفاضة بـ «المرضية».
في موازاة ذلك، رأت الرئيسة السابقة لحزب كديما، تسيبي ليفني، أن مواقف ابو مازن غير مفاجئة. وأوضحت أنها اتصلت به بعد المقابلة وقالت له «المهم أن هذا الكلام قيل للجمهور الاسرائيلي».
من جهة ثانية، كشفت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية، عن تقرير أعدته وزارة الخارجية الإسرائيلية يؤكد أن الجمود السياسي على المسار الفلسطيني يضر بإسرائيل، ويقر بأن ادارة اسرائيلية تتمتع بصدقية للمسيرة السياسية يمكن ان تسهم في تقييد تأثير الحملات المعادية لاسرائيل.
وشكك التقرير، الذي وصفته الصحيفة بأنه سري للغاية، في الأسس التي يستند اليها كل من نتنياهو، وليبرمان، لعرقلة واحباط محاولات السلطة الفلسطينية الحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطينية في حدود عام 1967، وفي الوقت نفسه الإصرار على مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية من جهة ثانية.
ورأى كاتب التقرير، دي جي، شنيفيس، مدير دائرة نزع الشرعية في وزارة الخارجية، ان اسرائيل «تحولت الى هدف ثابت للرماية، وباتت غير قادرة على تحديد برنامج عمل خاص بها، وتضطر باستمرار إلى الرد على جداول أعمال الآخرين».