بدا المجلس الوطني السوري، الذي انتخب أمس رئيساً جديداً له، متردداً إزاء خطة تهدف إلى توحيد المعارضة السورية، وتحظى بدعم الكثير من الدول الغربية والعربية، في وقت نفى فيه وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو طلب أنقرة من حلف «الناتو» نصب صواريخ «باتريوت» على الحدود مع سوريا. وبعدما خرج رئيس المجلس المنتهية ولايته، عبد الباسط سيدا، في حديث تلفزيوني، ليؤكد أنّ «المجلس الوطني السوري أجّل انتخاب رئيس له إلى السبت وأنّ المعارضة السورية ستعقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب»، أعلن مساء أمس انتخاب الأمانة العامة للمجلس جورج صبرا رئيساً جديداً، وذلك في ختام عملية تجديد لهياكل المجلس في الدوحة.
ورداً على سؤال بُعيد انتخابه عمّا يطلبه من المجتمع الدولي، قال صبرا: «لدينا مطلب واحد، إيقاف حمام الدم في سوريا ومساعدة الشعب السوري على طرد هذا النظام المجرم من طريق تسليح الشعب السوري». وأضاف: «نريد سلاحاً نريد سلاحاً نريد سلاحاً».
كذلك، انتخب المجلس الوطني مكتباً تنفيذياً جديداً له يتألف من 11 عضواً. وكان قد قام بتوسيع أمانته العامة ليضمّ إليها جورج صبرا. وذكر المجلس أنّ أعضاء المكتب التنفيذي هم: هشام مروة، وسالم المسلط، وحسين السيد، وجمال الورد، وفاروق طيفور، وجورج صبرا، وعبد الباسط سيدا، ونذير الحكيم، وعبد الأحد اسطيفو، وخالد الصالح، وأحمد رمضان. ومن بين الأعضاء الأحد عشر هناك أربعة جدد، هم جمال الورد وحسين السيد عن الحراك الثوري، وسالم المسلط عن العشائر، وهشام مروة مستقلاً.
وأوضح جورج صبرا أنّ تشكيلة المكتب التنفيذي أتاحت تمثيل «الحراك الثوري في الداخل، والإسلاميين، والعلمانيين، والأكراد، والأشوريين، والمسيحيين، ولأول مرة عُيّن ممثل عن العشائر».
وقال عضو المكتب التنفيذي، أحمد رمضان، إنّه يحق إضافة 10% إلى الأعضاء، أي بواقع 4 أعضاء لـ«ضرورات وطنية»، وتوقع إضافة سيدتين إلى قوام الأمانة العامة الجديدة التي خلت من السيدات، إلى جانب عضوين من الأقليات.
وجاءت الانتخابات بعد إعادة هيكلة المجلس الوطني وتوسيع عضويته، ما رفع عدد أعضاء المجلس إلى أكثر من 400 عضو. وناقش المجلس مبادرة يقودها رياض سيف تقوم على إنشاء قيادة موحدة تحت اسم «هيئة المبادرة الوطنية السورية» تنبثق منها حكومة في المنفى. وقال عضو المجلس نجاتي طيارة إنّ «الخطة مستوحاة من مبادرة رياض سيف لتشكيل هيئة سياسية من نحو ستين عضواً تشكّل بدورها مجلساً عسكرياً، هو قيادة موحدة لكلّ الفصائل العسكرية وحكومة مؤقتة».
وقال سيف: «لقد نوقشت المبادرة بالتفصيل، ويبد أنّ لها الآن حظوظ نجاح كبيرة». وأضاف أنّه «يجب الآن الاتفاق على قيادة سياسية أو هيئة عامة وطنية تتولى بعد ذلك درس كلّ الخيارات». وقال مصدر داخل الاجتماعات، التي استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس، إن أعضاء المجلس الوطني السوري على وشك قبول «الحاجة إلى تشكيل كيان أوسع». وأضاف المصدر: «لن نغادر اليوم من دون اتفاق. سيكون الكيان الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري. بمجرّد أن يحصل على الاعتراف الدولي سيكون هناك صندوق للمساعدات العسكرية». وأشار المصدر إلى أنّ الكيان الجديد سيشبه المجلس الوطني الانتقالي الليبي، الذي وحّد صفوف المعارضة ضد الرئيس السابق معمر القذافي، ثمّ تولى إدارة شؤون البلاد بعد إطاحته.
وتابع: «سيشكّلون حكومة مؤقتة يمكنها السيطرة على السفارات في أنحاء العالم، وشغل مقعد سوريا في الأمم المتحدة؛ لأن النظام سيكون قد فقد شرعيته».
من جهتها، ذكرت وكالة «أنباء الأناضول» أنّ المناقشات أفضت إلى قبول مقترح تشكيل حكومة انتقالية يرأسها «رياض سيف»، وحظيت بقبول واسع من الأطراف المجتمعين. وفي إطار حكومة سيف الانتقالية، شُكِّل وفد من 50 إلى 60 شخصية، ومن المتوقع تشكيل الحكومة من الوفد نفسه، بحسب الوكالة. لكن لم تمض ساعات على انتخاب الأعضاء الجدد حتى أعلنت لجان التنسيق المحلية السورية المعارضة انسحابها من المجلس الوطني، «بعد نتائج إعادة الهيكلة المخيبة للآمال»، واتهامها للمجلس بأنه غير قادر على إنجاز الإصلاح. وأوضحت الناطقة باسم اللجان، ريما فليحان، أن «هناك سيطرة شبه كاملة لجماعة الإخوان المسلمين على المجلس». ونبهت إلى أن «جزءاً كبيراً من الشخصيات المقصرة استمر في تولي المسؤوليات. وشخصيات كان يمكن أن تقدم شيئاً لم تتمكن من أن تكون جزءاً من التركيبة التي تخلو أيضاً من أي تمثيل نسائي».
في سياق آخر، جدّد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو نفي أن تكون أنقرة قد طلبت رسمياً من حلف شماليّ الأطلسي نشر صواريخ «باتريوت» على أراضيها، مشيراً إلى استمرار المشاورات مع الحلف لاتخاذ التدابير المناسبة في هذا الصدد. وأضاف داوود أوغلو، في مؤتمر صحافي بعيد لقائه نظيره المصري محمد كامل عمرو في أنقرة، أنّه عندما يتعلق الأمر بأمن مناطق «الناتو»، يمكن اتخاذ الخطوات اللازمة في إطار المساندة بين دول الحلف، مذكراً بمقتل 5 مواطنين أتراك إثر سقوط قذيفة من الجانب السوري، «الأمر الذي يعدّ خرقاً للحدود». وأشار إلى أنّ أنقرة تستعدّ لأي طارئ على حدودها مع سوريا. وذكّر بأن بلاده تسمح بمرور المساعدات الإنسانية إلى سوريا، غير أنها لا تسمح بمرور الأسلحة عبر أجوائها. إلى ذلك، رأى داوود أوغلو أنّ التحالف بين مصر وتركيا سينعكس إيجاباً على المنطقة.
من جهته، شدّد وزير الخارجية المصري على أنّ الشعب المصري لن ينسى موقف تركيا المساند لثورته. وقال عمرو إنّ التحالف بين أنقرة والقاهرة سيصبّ في مصلحة المنطقة بأسرها وإنّه ليس موجهاً ضد أحد، مثنياً على التجربة الديموقراطية في تركيا، التي وصفها بالنموذج للتحول الديموقراطي السلمي.
من جهتها، رأت إيران أنّ الوضع الحالي في سوريا أفضل من السابق بكثير، رغم التفجيرات والأعمال «الإرهابية». ونسبت وكالة «مهر» إلى مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والبرلمانية، حسن قشقاوي، قوله «إن المواقف الراهنة للدول التي كانت تدعم المعارضة السورية قد تغيّرت، حتى إنّ المسؤولين الأميركيين أعلنوا أن الديموقراطية الدامية في سوريا لا تتحقّق، ويجب العودة إلى الدبلوماسية الإيرانية التي هي الديموقراطية غير الدامية». من جهة أخرى، قال قشقاوي إنّ المفاوضات مع أميركا تجري في إطار مجموعة «5+1» بشأن الموضوع النووي، وبشأن العراق وأفغانستان في المؤتمرات الدولية.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)