بعد الضربات القاسية التي تلقّاها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وما أعقبها من صليات صاروخية استهدفت مستوطناته رداً على الاعتداءات المتواصلة ضد قطاع غزة، وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفسه بين واقع انتخابي وردعي يفرض عليه مزيداً من الهجمات ضد القطاع. هذا التصعيد لجأ إليه نتنياهو تحت شعار تعزيز الردع الاسرائيلي وتحسين موقعه الانتخابي وسط الجمهور الإسرائيلي، كما يأتي تصعيد رئيس الحكومة الإسرائيلية وسط واقع دولي وإقليمي قد لا يحتمل انفجاراً واسعاً على جبهة القطاع مشابهاً لعملية «الرصاص المصهور» الإسرائيلية نهاية عام 2008. ومن المؤكد أن الهم الأكبر الذي يسيطر على نتنياهو، في ذروة الحملة الانتخابية، أن يظهر بصفة الزعيم الحازم والقادر على توفير الأمن للمواطنين الإسرائيليين، رغم أن من المرجح ألا يلجأ إلى خيار عملية عسكرية واسعة في هذه المرحلة. وهو ما دفع تقارير إسرائيلية إلى التساؤل عمّا إذا كان هذا الواقع سوف يدفعه للعودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة فصائل المقاومة في القطاع تحت شعار «الإحباط المركز»، رغم أن هذا الخيار ينطوي أيضاً على إمكان التدحرج نحو ردود متبادلة ومتصاعدة. وكان نتنياهو هدد أمس، في مستهل الجلسة الحكومية، بأن إسرائيل «لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استمرار إطلاق الصواريخ من قطاع غزة»، مضيفاً أن الجيش نشط وينشط بقسوة ضد فصائل المقاومة الفلسطينية. وأكد أنه على أتم الاستعداد لتصعيد ردّه على الأحداث الأمنية.
بدوره، رأى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن الجيش الإسرائيلي «يكافح من أجل تأمين حرية عمله»، في إقرار بأن المواجهة تتمحور حول قواعد اللعبة على حدود القطاع. وشدد باراك على ضرورة أن «تدفع حماس، وقيادتها، الثمن الشخصي وعدم النوم في الليل»، لكنه استبعد تنفيذ عملية برية في هذه المرحلة، ودعا للعودة الى أسلوب «الإحباط المركز». وعن إمكان تأثير الانتخابات على قرار القيادة السياسية، أوضح باراك أنه «يجب عدم أخذ الانتخابات في اعتبارات ردّنا العسكري، ولا يمكن أن تمنعنا الانتخابات من تنفيذ عمليات، وهي لا تكبّل أيدينا». وشدد على أنه «يجب ألا تكون الانتخابات حافزاً لتنفيذ عملية واسعة». رغم ذلك، وليس بعيداً عن الخلفيات الانتخابية، دعا رئيس المعارضة شاؤول موفاز إلى ضرورة معالجة الوضع في غزة جذرياً. في المقابل، رأى وزير الجبهة الداخلية آفي ديختر أنه «لا يوجد حل سحري لإيقاف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة». ورأى أن «أي عملية (عسكرية) لوقف الصواريخ ستستغرق مدة طويلة». لكنّ وزير المواصلات عن حزب الليكود، يسرائيل كاتس، دعا إلى استهداف قيادات حركة «حماس» وتصفيتها.
في غضون ذلك، استبعدت تقارير إعلامية إسرائيلية أن تكون حركة «حماس» وراء عملية استهداف الآلية الإسرائيلية بصاروخ مضاد للدروع على اعتبار أن «نظام الإخوان المسلمين في مصر يريد منها التهدئة على جبهة غزة وفي سيناء». لكن صحيفة «هآرتس» حذرت من أن يدفع التصعيد الأمني حكومة نتنياهو، التي تسعى لتركيز المعركة الانتخابية حول الملف الإيراني، إلى التعامل مع الوضع في القطاع. ورأت الصحيفة أن من شأن حكومة نتنياهو أن تواجه وضعاً مشابهاً لما واجهته حكومة إيهود أولمرت التي اندفعت نحو عملية «الرصاص المصهور» في حال استمرت المواجهات على الحدود مع القطاع.