وقّعت أطياف المعارضة السورية المجتمعة في العاصمة القطرية الدوحة، على تشكيل «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية»، بحيث يضمّ أطياف المعارضة السياسية، والحراك الثوري، والتشكيلات العسكرية في الداخل، تزامناً مع انتخاب أعضاء مكتب الائتلاف، وذلك بعد أيام من المفاوضات الشائكة.وبعد عملية التصويت، أعلن المعارض السوري، هيثم المالح، انتخاب الداعية السوري أحمد معاذ الخطيب رئيساً للائتلاف، فيما اختير كل من رياض سيف وسهير الأتاسي نائبين للرئيس، وبقي منصب النائب الثالث للرئيس شاغراً.

وفي هذا السياق، أكد المعارض رياض سيف أن «هذا المنصب مخصص للأكراد، وقد طلب الأعضاء الأكراد في الائتلاف تأجيل انتخاب النائب الثالث». أما المعارض مصطفى الصباغ، فاختير أميناً عاماً للائتلاف. وفي أعقاب الانتخابات، تم التوقيع رسمياً على إنشاء الائتلاف من قبل كل من جورج صبرا، الذي اختير قبل أيام رئيساً جديداً للمجلس الوطني السوري الذي كان يعدّ الكيان المعارض السوري الرئيسي، ومن قبل أحمد معاذ الخطيب عن باقي أطياف المعارضة، وذلك بحضور عدد من المسؤولين العرب والأجانب. وألقيت كلمات تخللتها إشارات واضحة إلى أن تشكيل الائتلاف يمثّل أولى الخطوات للاعتراف به كـ«ممثل شرعي» لدى هذه الدول، على غرار ما جرى مع المجلس الانتقالي الليبي.
وفيما دعا الخطيب المجتمع الدولي إلى الوفاء بالتزامه تجاه السوريين، , اتهم «النظام السوري بأنه أفسد كل مقومات الحياة وعمل على مصادرة قرار الشعب منذ 50 عاماً». وأكد أن من أولويات الائتلاف «وقف شلالات الدم»، مضيفاً «ثورتنا سلمية، والنظام وحده الذي دفع شعبنا إلى حمل السلاح».
وفيما أكد أن فرنسا أعلنت اعترافها بائتلاف سوريا المعارض ممثلاً شرعياً للشعب السوري، اكتفت الأخيرة بالحديث عن دعم المجلس ونيتها مساعدته للحصول على الاعتراف الدولي.
من جهته، أشار رئيس وزراء قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، إلى أنه «يجب الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري المعارض الجديد ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري». وأكد أن «قطر ستقود المحادثات في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومع الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين كي ينال الائتلاف مثل هذا الاعتراف». ودعا رئيس الوزراء القطري الخطيب إلى مرافقته اليوم إلى اجتماع الجامعة العربية الذي سيعقد على مستوى وزراء الخارجية. أما وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، فأكد أن «أصدقاء سوريا لم يعد لديهم العذر في عدم دعم الائتلاف المعارض الجديد».وأشار إلى أن «النظام الذي يواجه ويقتل شعبه لن ينجح أبداً، ومصير سوريا بيد الشعب السوري، وليس بيد أي شخص أو مؤسسة أو أي شخص آخر».
وقبيل توجهه إلى قطر، كان داوود أوغلو قد أشار إلى أن اجتماعات المعارضة شهدت بعض العثرات، وأن تركيا عملت، سواء من خلال هيئتها التمثيلية في الدوحة أو من خلال الاتصالات التي أجراها شخصياً، على المشاركة في رأب الصدع بين تيارات المعارضة السورية.
وفي لندن، أشاد وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، بالخطوة، مطالباً «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بالالتزام مع كل فصائل المجتمع السوري بالإعداد لمرحلة انتقالية سياسية سوريا بحاجة ماسة إليها» واتفق الائتلاف الجديد على تشكيل حكومة انتقالية بعد حصوله على الاعتراف الدولي. كما سيدعو إلى مؤتمر وطني عام عقب سقوط النظام السوري، ومن ثمّ يتم حلّ الائتلاف والحكومة. وتمثّل المجلس الوطني السوري بـ 22 مقعداً من أصل ستين، عدد مقاعد الائتلاف الجديد.وتمّ الاتفاق أيضاً على تشكيل هذا الائتلاف على أساس مبادرة تقدّم بها المعارض رياض سيف، بدعم من واشنطن وعدة دول. وسينجم عنه هيئة قيادية تنفيذية للمعارضة، وحكومة مؤقتة، فضلاً عن توحيد المجالس العسكرية في الداخل تحت لواء الائتلاف.
ومن بنود الاتفاق الذي توصلت إليه فصائل المعارضة أن الائتلاف عضويته مفتوحة لكل أطياف المعارضة السورية، ثمرة للدعوة الموجهة من دولة قطر بالتنسيق مع جامعة الدول العربية. واتفق الأطراف على إسقاط النظام بكلّ رموزه وأركانه، وتفكيك أجهزته الأمنية ومحاسبة من تورط في جرائم ضدّ السوريين. ويلتزم الائتلاف بعدم الدخول بأيّ حوار أو مفاوضات مع النظام، كما يدعم توحيد المجالس العسكرية الثورية، ووضعها تحت مظلة مجلس عسكري أعلى، ويعمد إلى إنشاء اللجنة القانونية الوطنية السورية، وتصدر اللوائح المنظمة لعملها بقرار خاص. ويقوم الائتلاف بعد حصوله على الاعتراف الدولي بتشكيل حكومة مؤقتة. ويدعو إلى عقد المؤتمر الوطني العام بعد إسقاط النظام مباشرة. ثمّ ينتهي الائتلاف، والحكومة المؤقتة يتمّ حلّها بقرار يصدر عن الائتلاف، بعد انعقاد المؤتمر الوطني العام وتشكيل الحكومة الانتقالية.
وفيما قال المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، علي صدر الدين البيانوني، إنّ «الجميع وبدون استثناء» وقعوا على الاتفاق، تحدث القيادي في المجلس الوطني السوري، سمير نشار، عن أن «ضغوطاً دولية هائلة» مورست على المجلس من أجل القبول بالاتفاق. وذكرت مصادر من المعارضة السورية أنّ مسؤولين من دولة قطر الراعية للمحادثات، ومن دول أخرى مثل الولايات المتحدة وتركيا والإمارات، عقدوا لقاءات جانبية مع المعارضين للتقريب بين وجهات نظر المجلس الوطني السوري وباقي فصائل المعارضة، بعدما أبدى المجلس الوطني السوري على مدى الأيام الماضية تحفظات على المبادرة.
من ناحيته، أعرب رئيس الوزراء السوري المنشق، رياض حجاب، عن سعادته من النتائج التي حققها اجتماع المعارضة السورية في الدوحة، مشيراً إلى أن من شأنه أن يعجّل في سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.أما ممثل تركمان سوريا في هيئة الائتلاف، حسين داده، فوصف التمثيل التركماني في الهيئة بالهام جداً، مشيراً إلى أن هذا التمثيل يعتبر الأول من نوعه للتركمان السوريين، في تاريخ الحياة السياسية السورية.
في سياق منفصل، ذكر المجلس الوطني السوري، في خبر مقتضب على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنّه بدأ بتجديد جوازات المواطنين السوريين في ليبيا.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)