شهدت حدود الجولان المحتل، أمس، تطوراً هو الأول من نوعه منذ عام 1973، تمثل في فتح الاحتلال الإسرائيلي النار باتجاه الجانب السوري، معلناً أن ذلك يأتي في إطار تغيير سياسة التعامل مع الانتهاكات السورية التي شهدتها الهضبة المحتلة خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن سلاح المدفعية التابع له أطلق «نيراناً تحذيرية نحو الأراضي السورية»، فيما تم نقل رسالة إلى الأمم المتحدة فحواها تحذير القوات السورية من إطلاق نار إضافي باتجاه «الأراضي الإسرائيلية»، تخللها التشديد على أن «أي نيران إضافية ستستتبع رداً سريعاً».
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، يوآف موردخاي، إن الجيش قرر الرد بمصادقة من رئيس الأركان، دان حالوتس، الذي قرر سياسة جديدة لإطلاق نار «بعدما سجلت في الأشهر الأخيرة ثمانية حوادث إطلاق نار» من الجانب السوري. وفيما يبدو أنه تفادٍ إسرائيلي لمزيد من التصعيد، أوضح موردخاي أن النيران الإسرائيلية استهدفت جوار البطارية السورية التي نفذت إطلاق النار على بعد أربعة كيلومترات، نافياً علمه بوقوع إصابات وسطها. وأضاف «في الساعات المقبلة سنعلم إن كانت الرسالة قد وصلت». وشدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على أنه «لا مصلحة لدينا في الدخول بين المتمردين والجيش السوري. وكشف عن نقل رسالة «حادة وشديدة اللهجة» إلى السوريين عبر قيادة قوات الطوارئ الأممية الموجودة في المنطقة بأن «أي إطلاق نار باتجاه إسرائيل سيجر من الآن فصاعداً رداً من الجيش الإسرائيلي».
وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن النيران التي أطلقها جيش الاحتلال جاءت رداً على قذيفة هاون سورية من عيار 120 ملم سقطت على السواتر الترابية لموقع عسكري في منطقة «تل حزكا» المحاذي للحدود مع سوريا شرقي الجولان. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن الرد الإسرائيلي كان دقيقاً واستهدف بطارية مدفعية تابعة للجيش السوري في منطقة «بير العجم»، يُعتقد أنها كانت مصدر القذيفة السورية. ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، فإن الرد الإسرائيلي كان عبارة عن صاروخ مضاد للأفراد والدروع من طراز «تموز».
وأعقبت الحادثة تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أن إسرائيل أبلغت الجانب السوري أنها لن تتحمل إطلاق النار باتجاهها عبر الحدود. وأضاف «تم توصيل الرسالة بلا شك»، قبل أن يستدرك بالقول «هل يمكن أن أقول بثقة إنه لن تسقط قذائف؟ لا يمكنني ذلك. إذا سقطت قذيفة فسوف نرد».
كذلك تطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس إلى الوضع في الجولان قائلاً: «إننا نتابع عن قرب ما يجري عند حدودنا مع سوريا، ونحن جاهزون هناك أيضاً لمواجهة أي تطورات».
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يطلق فيها الجيش الإسرائيلي النار باتجاه الداخل السوري منذ انتهاء حرب «يوم الغفران» عام 1973. ورأى محلل الشؤون الأمنية في موقع «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أن الهدف من إطلاق النار ليس إشعال حرب، وإنما الإشارة للسوريين بأن إسرائيل لن تغض النظر بعد الآن عن إطلاق النار باتجاهها. وأوضح بن يشاي أن الجيش الإسرائيلي ليس معنياً بإعطاء الرئيس السوري، بشار الأسد، سبباً لحرف النيران باتجاه إسرائيل وتوحيد العالم العربي حوله.
من جهةٍ ثانية، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قادرة على التعايش مع بعض المنظومات التي حصلت عليها سوريا من روسيا، ولكن لا تستطيع التعايش مع صواريخ « اس 300» التي ستحصل عليها في السنة المقبلة، لأن هذا الصاروخ قادر على استهداف أي طائرة تحلق في سماء إسرائيل. ولفتت الصحيفة الى أن المسؤولين الإسرائيليين أوضحوا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه لن يكون أمام إسرائيل مفر من مهاجمة هذه المنظومات في حال حصول سوريا عليها.