رام الله | احتفل الفلسطينيون في الضفة الغربية، أمس، بذكرى إعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988، عبر انتفاضة سلمية ضدّ المستوطنين والاستيطان، فعمدوا الى قطع حركتهم، وحظر تجوالهم، كما يمارسون هم ضدّ الفلسطينيين، وذلك من خلال إقامة سلاسل بشرية أربكت الاحتلال ومستوطنيه. الإعلان عن فعاليات ذكرى الاستقلال وأسبوع الشباب الفلسطيني كان تحت شعار «إعلان هام للمستوطنين: نعلمكم أن شباب فلسطين قرّروا أن يفرضوا منعاً للتجوّل عليكم، ومن يخترق منع التجول سيندم»، فيما أغلقت إسرائيل عدداً من المفارق والمحاور والطرقات الرئيسية في محاولة للتصدي لمسيرات السلسلة البشرية لاعتراض المستوطنين.
واندلعت مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في عدد من المدن بالضفة الغربية، إثر تصدي الاحتلال لمسيرات انطلقت إحياءً لذكرى الاستقلال، كان أعنفها على حاجز عطارة شمال رام الله، حيث أُصيب ستة مواطنين على الأقل، بينهم رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ يوسف ادعيس، عندما أطلقت قوات الاحتلال القنابل الغازية لمنع المتظاهرين من الوصول إلى شارع «عيون الحرامية» وهو «طريق التفافي» بين مدينتي رام الله ونابلس.
وطالت أيضاً محافظ رام الله ليلى غنام، ورجال دين مسيحيين، جراء رشهم بغاز من نوع خاص، بني اللون، يلتصق بالبشرة، ويسبب حساسية كبيرة، ورغم ذلك فقد نجحت المسيرة في اختراق حاجز عطارة، وصولاً الى قرية سنجل شمالاً، حيث تجددت المواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال الإسرائيلي على مدخل القرية.
كذلك وقعت مواجهات على حاجز حوارة القريب من نابلس بعد وصول السلسلة البشرية المكونة من آلاف المواطنين الى المنطقة، وقطع الطريق على المستوطنين، فيما نجح مواطنون مع متضامنين أجانب في إغلاق معبر نعلين بالسلاسل الحديدية، وهو أكبر تجمع للمستوطنين إلى الغرب من مدينة رام الله.
أما في بيت لحم، فقد باغت المتظاهرون جنود الاحتلال ومستوطنيه وعمدوا الى إغلاق طريق الأنفاق قرب بيت جالا والملاصق لمستوطنة «جيلو»، حيث وصلت المسيرة حتى مستوطنة دانيال، جنوب بيت لحم، وتوقفت عند مدخل بلدة الخضر، حيث وقعت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وجنود الاحتلال في منطقة قبور الخضر بالقرب من حاجز الأنفاق.
وأُصيب مستوطن إسرائيلي في قرية تقع إلى الشرق من بيت لحم، قبل أن يلوذ بالفرار بسيارته، تحت وابل من الحجارة التي أمطرها الفلسطينيون خلال تظاهرتهم على الشارع الاستيطاني الرئيسي في البلدة. كما حاولت مجموعة من الشبان الفلسطينيين اقتحام مدخل مستوطنة «آدم» القريبة من قرية جبع شرق رام الله، لكن قوات الاحتلال تصدّت لهم بإطلاق الأعيرة النارية. وتواجدت في المكان قوات خاصة «مستعربين» في محاولة لاعتقال عدد من المتظاهرين.
وفي مدينة أريحا والأغوار، نزل الشبان إلى طريق «الفوار» المحاذي للمخيم وأغلقوا الطريق الرئيسي والوحيد للمستوطنين الذي يوصلهم إلى القدس المحتلة لأكثر من ساعة، قبل أن تندلع مواجهات بينهم وبين قوات الاحتلال.
وخلال الأحداث، نجحت سيدة فلسطينية في ضرب جندي إسرائيلي على حاجز قلقيلية بحجر على رأسه، ما أدى إلى إصابته بجراح متوسطة، فيما تمكن الشباب الفلسطيني من تهريبها ومنع قوات الاحتلال من اعتقالها. وقال نشطاء فلسطينيون لـ«الأخبار» إن ما حدث في شوارع الضفة الغربية يعدّ «خطوة جريئة وخلاقة، ومن الممكن أن تتدحرج وتتطور باتجاه نوع جديد من المقاومة الشعبية البناءة، وأن تكون مصدر قلق حقيقي للحكومة الإسرائيلية».
وعن دلالات ما جرى من هبة شعبية، قال المحلل السياسي مأمون شحادة لـ«الأخبار» إن «الدلالة الأولى: أنها ورقة ضغط سياسية سلمية مكملة للتوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، كخطوة للفت النظر الى التوسع الاستيطاني ضمن حدود 67. أما الدلالة الثانية، فهي رسالة لدولة الاحتلال بأن القيادة الفلسطينية تستطيع إشعال انتفاضة سلمية في أي وقت، مثل التي تحدث اليوم في ذكرى الاستقلال، والدليل على ذلك الهبّة الجماهيرية على محاور التماس مع المستوطنين».
فيما رأى الإعلامي، داود كتاب، بأن الخطوة «تصعيدية» فلسطينياً، وتساءل كتاب عن حقيقة استعداد الفلسطينيين لهذه الخطوة وتبعاتها، التي قال بأنها ستكون «بتصعيد عسكري اسرائيلي وضغوط على الشعب وعلى السلطة الفلسطينية».
يذكر أن هذه المسيرات دعت لها حركة فتح، بالتزامن مع فعاليات اليوم الأخير لأسبوع الشباب الفلسطيني، ومن الذي يشمل كافة المدن الفلسطينية تحت شعارا «الوحدة الوطنية والمقاومة السلمية للاحتلال، وترسيخ الثوابت الفلسطينية».