في وقت اعترفت فيه أنقرة بالائتلاف الوطني المعارض «ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري»، أعلنت لندن أنها ستقرّر خلال أيام الاعتراف بالائتلاف. بدورها أثارت باريس مسألة رفع الحظر الأوروبي على ارسال «أسلحة دفاعية» إلى سوريا. وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أنّه سيقرّر، خلال أيام، ما إذا كان سيعترف بالمعارضة السورية الجديدة، بعد محادثات «مشجعة» مع قادتها في لندن. ودعا «الائتلاف الوطني» إلى وضع رؤية واضحة لمسقبل سوريا والالتزام باحترام القوانين الدولية. وقال، لدى افتتاحه المؤتمر الدولي لدعم المعارضة السورية، في لندن، «إنّ مستقبل سوريا معلق في الميزان الآن. والهدف من الاجتماع هو الاتفاق على السبل التي تمكّن المجتمع الدولي من زيادة الدعم السياسي والعملي غير الفتاك للمعارضة السورية». ولم يستبعد هيغ «أيّ خيار بشأن سوريا»، مشيراً إلى أنّ مجلس الأمن القومي في الحكومة البريطانية «راجع جميع الخيارات»، في الاجتماع الذي عقده يوم أول من أمس، «لكننا ندرك أن هذا يحتاج في نهاية المطاف، ومهما حدث، لايجاد حلّ دبلوماسي وسياسي».
وأثار وزير الخارجية الفرنسي، أول من أمس، مسألة رفع الحظر الأوروبي على ارسال «أسلحة دفاعية» إلى سوريا، بهدف التمكن من ارسال أسلحة من هذا النوع إلى مقاتلي المعارضة. وقال انه سيناقش المسألة مع دول أخرى في الاتحاد.
في السياق، صرّح وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بأنّ تركيا تعترف بالائتلاف الجديد للمعارضة السورية «ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري». ودعا وزير الخارجية التركي كل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي والمجتمع الدولي إلى القيام بالمثل. وأضاف «ما تحتاج اليه الثورة السورية والشعب السوري الآن هو دعم فعلي وليس رسائل تعاطف ووعوداً».
من جهتها، حذّرت روسيا الدول الداعمة للائتلاف السوري المعارض للنظام بأنّها ترتكب «انتهاكاً فاضحاً» للقانون الدولي إذا زودت المقاتلين المعارضين بأسلحة. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، ألكسندر لوكاشيفيتش، في مؤتمر صحافي «لقد قدم عدد كبير من العواصم تعهدات بتقديم أسلحة حديثة».
وأضاف لوكاشيفيتش أن تقديم «مساعدة أجنبية إلى المعارضة التي تشن نزاعاً مسلحاً ضد الحكومة الشرعية هو انتهاك فاضح للمعايير الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي». وتابع «في شرعة مبادئ القانون الدولي، وردّ بوضوح انّه لا يحقّ لأيّ دولة تنظيم أو مساعدة أو تمويل الأعمال المسلحة التي تهدف إلى إطاحة النظام باستخدام العنف في دولة أخرى».
من ناحيته، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، هونغ لي، إنّ أيّ خطوة يقوم بها المجتمع الدولي تجاه سوريا يجب أن تكون بهدف المساعدة في حلّ النزاع. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن هونغ، قوله رداً على كلام وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، عن طرح مسألة رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، إنّ «أيّة خطوات من جانب المجتمع الدولية يجب أن تساهم في وقف العنف في سوريا من أجل الدفع باتجاه تسوية سياسية». وقال إن على «المجتمع الدولي أن يساهم في صون السلام والاستقرار في الشرق الأوسط».
في سياق منفصل، قال نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، علي صدر الدين البيانوني، إنّه لا توجد نية لدى الجماعة لاحتكار الثورة في سوريا. وقال البيانوني في مقابلة إنّ الإخوان يأملون في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن تطبيق أحكام الشريعة، لكنهم لن يفرضوها. وأضاف أنّه لا يمكن لحزب واحد أن يمارس الاحتكار في سوريا، موضحاً أنّ سوريا بها مزيج عرقي وديني وطائفي متناغم منذ سنوات، وأنّ هذا التعايش يجب أن يستمرّ. وقال إنّهم لا يزعمون أنهم يمثلون الشعب السوري ولا يدّعون أن هذه الثورة هي ثورتهم، مؤكداً أنّهم جزء واحد من الشعب السوري. وأضاف أنّه «يمكن القول إنهم موجودون في الشارع لكن حجم هذا الوجود هو ما تكشفه الانتخابات المقبلة».
ميدانياً، خرجت تظاهرات عديدة في مناطق مختلفة من سوريا أمس تحت عنوان «دعم الائتلاف الوطني» المعارض، ورفعت شعارات داعمة لقطاع غزة الذي يتعرض منذ ثلاثة أيام لهجوم إسرائيلي. وتواصل القصف على مناطق في جنوب دمشق وضواحيها. وقال المرصد إنّ «مدينة دوما وبلدتي المعضمية وعربين في ريف دمشق تعرضت للقصف من القوات النظامية». وذكرت لجان التنسيق المحلية في بريد الكتروني ان «القصف بقذائف المدفعية تجدد على مدينة معضمية الشام» القريبة من دمشق والحجر الاسود في جنوب العاصمة، بينما افادت الهيئة العامة للثورة السورية عن «قصف شديد» على مدينة حمورية في الريف طاول منازل عدة.
في محافظة حلب، دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة في محيط مطار النيرب العسكري. كما شهدت بعض احياء مدينة حلب معارك وقصفا، بحسب المرصد.
في محافظة حمص، أفاد المرصد عن محاولة القوات النظامية اقتحام مدينة الرستن واشتباكات عنيفة مع المقاتلين المعارضين الذين يتحصنون فيها عند أطرافها الشمالية.
إلى ذلك، سيطر مقاتلون معارضون على مبنى مديرية الناحية في بلدة دبسي عفنان في محافظة الرقة بعد اشتباكات استمرت أياماً، بحسب ما أفاد.
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» إنّ «الجهات المختصة استهدفت تجمعاً للإرهابيين في منطقة دبسي عفنان بريف الرقة، وقضت على العشرات وأصابت آخرين». كما أوردت الوكالة أنّ «الجهات المختصة أحبطت محاولة تفجير سيارة مفخخة بحاجز في منطقة دبسي عفنان بريف الرقة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)