تواصلت الاحتجاجات الشعبية في الأردن لليوم الثالث على التوالي أمس، عقب قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية، وتصاعدت حدتها عقب الإعلان عن مقتل أحد المتظاهرين في مدينة إربد (شمال) على أيدي قوات الأمن. وتظاهر أكثر من 10 آلاف شخص أمام المسجد الحسيني الكبير وسط عمان، بينهم إسلاميون ويساريون ومجموعات شبابية، هاتفين «الشعب يريد إصلاح النظام» و«الحرية من الله يسقط يسقط عبد الله». ودعت جماعة الإخوان المسلمين الناس للنزول إلى الشوارع لكن كبار مسؤولي الجماعة قرروا عدم المشاركة في الاحتجاج. وأثار إعلان وفاة قيس العمري (27 سنة)، الذي ينحدر من عشيرة العُمرية، التي تعتبر إحدى أهم القبائل الأردنية في شمال المملكة، والحديث عن موت سريري لمتظاهر آخر من القبيلة نفسها، المزيد من التوتر في مناطق مختلفة من الأردن، وخصوصاً بعدما أعلنت عائلة العمري أنها ترفض دفن قتيلها إلى حين إعلان السلطات مسؤوليتها عن مقتله. في هذا الوقت، عمت تظاهرات صباحية ومسائية مناطق مختلفة في الأردن، بدءاً بالعاصمة ومدن معان والكرك والطفيلة (جنوب) وإربد والمفرق وعجلون وجرش (شمال) تعاملت معها قوات مكافحة الشغب. وهتف المتظاهرون: «الشعب يريد اسقاط النظام» و«لا اصلاح ولا تصليح ارحل بالعربي الفصيح». وردّدوا، هتافات وصفت الملك بالفاشل، لأنه قام خلال عهده بتعيين 13 حكومة كانت جميعها فاشلة، كما قالوا إنه فقد الشرعية. ومن الهتافات التي ردّدها المتظاهرون «سجّل سجّل يا زمان عبد الله الثاني باع الأوطان»، و«اسمع السلطان (الملك) ان الملك عبد الله الثاني فقد الشرعية». و«لوح بيدك لوح، ما بدك تصلح روح (إرحل)»، و«يسقط حكم الأزعر»، و«حرية حرية غصباً عنك عبد الله».
ومنعت السلطات الأردنية مراسلي الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية من تصوير الاعتقالات، وأطلقت عليهم قنابل مُسيّلة للدموع.
واندلعت أمس، مواجهات بين قوات الدرك الأردنية ومحتجين في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين شمال غرب العاصمة عمّان، فيما أحصت مديرية الأمن العام الأردنية 50 إصابة في صفوف عناصرها جرّاء الاشتباكات التي وقعت خلال الأيام الماضية. وفي السياق، قالت مديرية الأمن العام الأردنية في بيان، إنه تم «تسجيل 26 إصابة بين مرتبات الأمن العام بعضها جرّاء استخدام أسلحة نارية، و3 منهم حالات صعبة، كما سجّلت 24 إصابة بين مرتبات قوات الدرك، 13 منها بأعيرة نارية، حالات بعضهم صعبة». وفي بلدة ذيبان التابعة لمحافظة مأدبا (وسط)، حاول محتجون اقتحام المركز الأمني وإحراق صور شخصيات «سيادية» في البلاد.
في هذه الأثناء، أعلن مدير شرطة محافظة الطفيلة، العميد فواز المعايطة، أنه تم إلقاء القبض على 9 أشخاص بينهم اثنان يحملان الجنسية السورية إثر «أعمال الشغب» التي وقعت في المحافظة.
كذلك، تظاهر المئات من الموالين للملك مقابل تظاهرة المعارضة، ما اضطر قوات الدرك الى التدخّل والفصل بين الطرفين.
وفيما رفضت السلطات المُختصة توصيات عسكرية وأمنية بضرورة التراجع عن قرار رفع الأسعار، أعلن «الاخوان المسلمون» انحيازهم الى «الشارع الغاضب». ونفت الجماعة إجراء مقايضة أو صفقة مع الحكومة الأردنية لتحقيق مكاسب خاصة بها.
ورد نائب مراقب عام الإخوان في الأردن، زكي بني أرشيد، على ما تردد في وسائل إعلامية وبين قوى سياسية في الأردن، بأن قيادات في الجماعة سعت في لقائها مع وزير الداخلية، عوض خليفات، لتحقيق أهداف خاصة مقابل تهدئة الشارع. وقال بني أرشيد: «لو أردنا المقايضة لقايضنا»، مشيراً إلى أن دعم الشعب «واجبنا الوطني للوقوف مع المواطن بالحفاظ على قوته وقوت عياله ولا ننتظر إملاءات من أحد».
وفي حديث مع «فرانس برس»، أضاف بني أرشيد «هناك تيار مؤسسي وحزبي يطالب باصلاح النظام وهناك تيار شعبي غير منظم يطالب باسقاط النظام والاستعجال بالمعالجة هو الذي يمكن ان يخرج الأردن من ازمته الحالية التي صنعها النظام نفسه».
في المقابل، قال مدير الأمن العام الأردني، الفريق أول الركن حسين المجالي، إن «السلطات لا تغير من أسلوب التعامل مع الحراك السلمي ضمن القانون، لكن إذا تغير في طريقته السلمية فسنتعامل بالتغيير». وحذر خلال مؤتمر صحافي، من أن السلطات «ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه الإضرار بأمن المواطنين وممتلكاتهم».
واتهم المجالي جهات داخلية بأنها «مرتبطة بالخارج وتسعى لنقل سيناريوهات، لكنها لن تحصل أبداً».
من جانبها، دعت السعودية مواطنيها في الأردن الى تجنب أماكن التظاهرات لا سيما دوار الداخلية وسط العاصمة. وذلك بعدما تبلغت سفارتها في عمان بطعن ثلاثة مواطنين سعوديين بآلات حادة، أحدهم إصابته بالغة أثناء تناولهم الطعام في أحد المطاعم في مدينة إربد شمال الأردن.
واعتبر مساعد المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، أن الاردن «شريك استراتيجي مهم»، رغم أحداث العنف. لكنه أضاف أن «الشعب الأردني لديه مخاوف اقتصادية وسياسية ولديه تطلعات. نعتقد ان خريطة الطريق التي قدمها الملك عبد الله الثاني، للاصلاحات تستجيب لذلك. لكن، كما رأينا في مناطق اخرى، ثمة تعطش للتغيير».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)