نيويورك | رفضت الولايات المتحدة مشروع بيان صحافي عربي قدمه العضو العربي في مجلس الأمن، المغرب، بالتنسيق مع رئيس المجموعة العربية لهذا الشهر، السودان، ومصر والسعودية والأردن وغيرها، يدين الاعتداء على المدنيين من أي جهة كان، ويوقف القتال، ويدعو إلى فتح المعابر وإيصال المساعدات الإنسانية والمدنية. وهو يقل عن قرار مجلس الأمن الدولي 1860 الذي صدر في نهاية العدوان على غزة عام 2009. وخلال اليومين الماضيين، وبعد عدة اجتماعات عقدتها المجموعة العربية مع رئيس مجلس الأمن الدولي هارديب سنغ بوري ومع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل زيارته للمنطقة، وجدت المجموعة نفسها تقدم التنازل تلو التنازل، تارة ترضي الأميركي، وطوراً ترضي البريطاني ثم الألماني إلى أن أصبح البيان لا يلبّي الحد الأدنى من مشاعر الطفل الفلسطيني.
بيان مسخ إلى العبارات الآتية: يعرب المجلس عن قلقه الشديد من تصاعد الوضع في غزة وجنوب إسرائيل، ويدعو كافة الأطراف إلى وقف العنف فوراً. ويدعم مجلس الأمن جهود الحكومة المصرية وغيرها للعمل نحو وقف لإطلاق النار بالتفاوض. ويرحب ببعثة الأمين العام في المنطقة، ويناشد كافة الأطراف معالجة الوضع الإنساني والاقتصادي الخطر في غزة بناءً على قرار مجلس الأمن 1860 الصادر في عام 2009. ويدعو إلى إيصال المساعدات من دون عرقلة من غذاء ودواء ووقود. ويأسف المجلس لفقدان أرواح في صفوف المدنيين من كلا الجانبين. ويدعو إلى عودة الهدوء والسكينة.
هذا التراجع الشديد أوضحه مندوب المغرب محمد لوليشكي، مشيراً إلى أن المجموعة العربية حرصت على مراعاة كل التعديلات التي طلبتها الدول، «لا نريد أن نزعج أحداً»، مشدّداً على أهمية التوصل إلى أي دعوة لوقف القتال وإيصال المساعدات الإنسانية و«إعادة الأمور إلى نصابها».
وبالمثل، قال مندوب فلسطين رياض منصور إن الغاية من البيان هي أن يخرج المجلس بموقف موحّد وحازم يوقف العدوان ويعيد الهدوء إلى القطاع، «أما موقف العرب فكان يدين العدوان الذي أدى إلى قتل وجرح أكثر من ألف فلسطيني من سكان غزة حتى الآن».
ورغم هذا البيان الضعيف القليل الفائدة، بقيت المعارضة الأميركية ـــ البريطانية ـــ الألمانية له، لأنه لا يدين ضرب الصواريخ من القطاع.
من جهتها، قالت مندوبة واشنطن لدى مجلس الأمن، سوزان رايس، إن المسألة ليست مسألة عمل أو لا عمل من قبل مجلس الأمن الدولي، «فنحن سنواصل العمل لتحقيق وقف متبادل للنار، لكن الأساس هو التوصل إلى وقف متفق عليه من الجانبين لكي يكون ذا مغزى وقابلاً للاستمرار».
وكان السجال داخل المجلس في الجلسات المغلقة شديداً بين الجانب الغربي والروسي، حيث برز موقف مندوب موسكو فيتالي تشوركين الذي سارع إلى تقديم مشروع قرار طرحه بالحبر الأزرق على الطاولة عند الساعة الثالثة بتوقيت نيويورك.
أهم عناصر القرار الروسي هي التشديد على الطابع الملحّ والعاجل للمطالبة بوقف فوري ودائم للعنف بما يؤدى إلى عودة الهدوء. ويؤكد هذا المشروع دعم الجهود الدولية والإقليمية الآيلة إلى وضع حل فوري للوضع الراهن.
ويشجّع إسرائيل والسلطة الفلسطينية على استئناف عملية التفاوض الثنائية من دون تلكّؤ من أجل بلوغ هدف نهائي بإتمام معاهدة سلام تضع حلاً للقضايا العالقة، بما في ذلك القضايا الجوهرية من دون استثناء، على أسس يمكن الاعتراف بها دولياً بناءً على أساس حل الدولتين. ويدين العنف والأعمال العدائية التي تستهدف المدنيين وكافة أشكال الإرهاب.
ويحثّ كافة الأطراف على معالجة الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية في غزة ويسمح بالمرور من دون عرقلة للمساعدات الإنسانية والأفراد إلى الشعب الفلسطيني وضمان التزويد دون عرقلة بالمؤن الإنسانية على اتساع غزة.
من جهته، قال مندوب فلسطين إنه «إذا ما رفض المجلس البيان الصحافي المطروح، فإن المجموعة العربية ستدعو إلى عقد جلسة مفتوحة لكي تدين الدول الأعضاء ما يقع في غزة وتعبّر عن مواقفها علناً. وبعدها قد تطرح المجموعة العربية مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي».