القدس المحتلة | صحيح أن صفارات الإنذار لم تطلق في القدس المحتلة رسمياً منذ عام 1970، إلا أن كثيراً من الفلسطينيين لا يزالون يذكرون انطلاق الصفارات أثناء قصف إسرائيل من قبل صدام حسين أوائل التسعينيات، وما أشبه اليوم بالأمس. فالمشاهد ذاتها تتكرر، أما التغيير فليس سوى في الجهة المطلقة للصواريخ، والهدف كذلك تغيّر، لتصبح القدس المحتلة في مرمى الصواريخ.
خلال حرب الخليج، وبعد القصف العراقي الأول، تغيرت الصورة، وانقلبت بشكل دراماتيكي بالنسبة إلى الفلسطينيين.
فما إن تنطلق صفارات الإنذار في إسرائيل، حتى يخرج الفلسطينيون إلى الشوارع رغم حظر التجوال، غير آبهين بالصواريخ أو بأي شيء، فهم خرجوا لرؤية الصواريخ العربية التي تمر في سمائهم، وليطلقوا الزغاريد، وتصدح الحناجر بالهتافات، والتصفيق الحار والصفير، قبل أن يهاجمهم جنود الاحتلال ليعودوا إلى منازلهم.
واليوم، بعدما عادت صفارات الإنذار تطلق من جديد في القدس، وهذه المرة لأن الهدف هو المدينة المحتلة، والصواريخ فلسطينية، فإن الفلسطينيين عاودوا تكرار الصورة، على طريقتهم الخاصة، وهو ما تابعته «الأخبار» مع المواطنين في بيت لحم والخليل والقدس
المحتلة.
الاحتلال وضع صفارات الإنذار في كل مستوطناته، وهي التي تحيط بكل مدينة بيت لحم والخليل، وتلف القدس المحتلة، وما إن تنطلق، حتى ترى أن الحركة إسرائيلياً قد شُلّت، ولا ترى أحداً في الشوارع، وكأن الفلسطينيين هم من يفرضون حظر التجوال هذه المرة.
لكن الصورة عكس ذلك بالنسبة إلى الفلسطينيين. فما إن يسمعوا صفارات الإنذار، حتى تجد الشوارع وقد ازدحمت بهم، وبدأوا بالصفير والتصفيق، والتكبير، بانتظار توقف الصفارات، ليتبعها بثوان قليلة فقط صوت الانفجار، لتعلوا الزغاريد من النسوة، يصاحبه تصفيق حار، وعودة للتسمر أمام شاشات التلفاز بحثاً عن تفاصيل ما جرى.
في مستوطنة بيتار مار بين بيت لحم والخليل، تحدثت «الأخبار» مع أحد العمال الفلسطينيين هناك، حيث وصف لنا المشهد، وكيف أن كل العمال الفلسطينيين يصطفون على أسطح المنازل لحظة إطلاق الصفارات، بينما كل المستوطنين اليهود، وهم من «السكناج» (اليهود المتشددين دينياً)، لا ترى لهم أثراً في الشوارع، التي تبدو كأنها مهجورة تماماً، ولا يتكرر هذا المشهد إلا بإطلاق صفارات الإنذار من جديد.
أما في القدس المحتلة، فالوصف جاء من أحد الصحافيين قائلاً «صفارة الإنذار تدوي، حافلة «إيجد» تقف في منتصف الشارع، عشرات المستوطنين من «السكناج» يهرعون منه للاختباء بجوار حائط حديقة،
الصراخ يرتفع، صوت الصاروخ، ثم انفجار، صراخ من جديد، والكل يهرب إلى بيت الدرج». هذا إسرائيلياً، أما فلسطينياً فيكون المشهد كالآتي: «صفارة الإنذار تدوي، السيارات تقف في منتصف الشارع، شبان على الرصيف، صرخات الله أكبر، أبواق سيارات ترتفع، صوت الصاروخ، انفجار، ثم الله أكبر صيحات عالية، وتصفير وتصفيق والكل ينزل إلى
الشارع».
هكذا يتابع الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس المحتلتين العدوان على غزة. فإضافة إلى الهبّة الشعبية المتواصلة لليوم
السادس على التوالي، لا يتوانى الفلسطينيون عن إظهار معالم التشفّي بما هو حاصل للمستوطنين الذين أذاقوهم مرّ التنكيل
والاعتداء.