القاهرة | تكرار أخطاء الرئيس المصري، محمد مرسي، في حق القضاة يثير التساؤل عن المتسبب في تلك القرارات، ولا سيما الإعلان الدستوري الأخير. فمن يورط الرئيس الإخواني مع القضاة؟ القضاة من جهتهم طرحوا جملة من التساؤلات على مرسي، ومن بينها لماذا تخاف من القضاء؟ كيف لحاكم أن يعرف خطأه من صوابه بغير رقابة القضاء؟ هل يصبح مستشار الرئيس ناصحاً أميناً بإهدار مبادئ الشرعية؟ هل تكافئ القضاء، الذي رأى عواراً في تشكيل السلطة التشريعية فتصدى له، بأن تلغي هذا القضاء وتستبيح أحكامه واختصاصاته؟
فمن الذي يقدم المشورة للرئيس؟ مصادر قضائية رفيعة المستوى، قريبة من دوائر الرئاسة، كشفت لـ«الأخبار»، أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي مؤخراً شارك في إعداده المستشار القانوني للرئيس، محمد فؤاد جاد الله، فضلاً عن وزير العدل أحمد مكي ونائب الرئيس محمود مكي. كذلك شارك كل من أستاذي القانون ثروت بدوي وعاطف البنا، إلى جانب وزير شؤون مجلسي الشعب والشورى محمد محسوب.
المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن أسمائها، أوضحت أن نائب الرئيس محمود مكي، «الذي بدأ حياته الوظيفية ضابط شرطة قبل أن يستقيل ويلتحق بالسلك القضائي»، هو الذي رشح المستشار طلعت عبد الله لتولي منصب النائب العام، ولا سيما أن الأخير زميل دراسة له وتخرج من نفس دفعته. كما يتقدم طلعت مكي في كشف الأقدمية في محكمة النقض.
ووفقاً لهذه المصادر، فإنه على الرغم من مشاركة تلك القامات في اعداد الإعلان، مع ما يجب أن يستتبعه ذلك من أن يكون لديها الشجاعة لتخرج إلى الرأي العام لتدافع عن قرارات مرسي الأخيرة، إلا أنها صدّرت المستشار محمد فؤاد جاد الله لحداثة سنه ولقلة خبرته القانونية ليتحمل وحده تبعات القرار الذي وصفته المصادر بـ«الكارثي».
جاد الله، المستشار القانوني للرئيس، أكد لـ«الأخبار» أنه لا سبيل لتراجع الرئيس عن أي من مواد الإعلان الدستوري الأخير، لافتاً إلى أن الإعلانات الدستورية من اختصاص رئيس الجمهورية وحده. ورغم أن جاد الله ذكر أنه لم يتخذ القرار وحده وإنما تم عقد أكثر من اجتماع مع كافة المعنيين ثم التشارك في الآراء والاتفاق على كل جملة بل كلمة وحرف بين المشاركين في الاجتماعات، إلا أنه حرص على عدم الكشف عن هوية هؤلاء المشاركين. وأضاف «في أعقاب الثورات لا يوجد اتفاق على كل كبيرة وصغيرة وإنما ننتقي الأرجح لنتأكد أننا نحقق أهداف الثورة». وعن أسباب تحصين قرارات الرئيس، قال «لا ينبغي اجتزاء مواد بعينها من الإعلان الدستوري، عليكم أن تقبلوا بالإعلان كله أو ترفضوه كله، لا يوجد أحد لديه خلاف على ضرورة إعادة المحاكمات. وبالنسبة لتحصين قرارات الرئيس فهو أمر مؤقت حتى لا تتعرص البلاد إلى هزات عنيفة ومن حق الرئيس أن يصدر إعلانات دستورية ما دام لا يوجد دستور».
وهذا الأمر رد عليه خبراء القانون الدستوري لـ«الأخبار»، موضحين أن الإعلانات الدستورية وفقاً للفقه الدستوري الدولي لا تكون إلا وفقاً لثلاث حالات؛ أولاها السلطة الواقعية وتكون مدعومة بقوة عسكرية تتمثل عادة في الانقلابات العسكرية. الحالة الثانية حالة الاحتلال. أما الحالة الأخيرة فهي حالة الانتداب. وشددوا على أن من يعطون المشورة للرئيس يفترضون أنهم يخاطبون «جهلاء». وأضافوا «لا يحق لمرسي إصدار إعلانات دستورية لأنه بانتخاب رئيس الجمهورية تم التأسيس لمرحلة جديدة انتقلت بها البلاد من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية». وفي محاولة من الرئيس لرأب الصدع بعد التوتر الذي أثارته قراراته، اجتمع مرسي أمس بالمجلس الأعلى للقضاء. اللقاء تضمن محاولة إيجاد مخرج يحفظ ماء وجه مرسي من التراجع عن قراراته للمرة الرابعة على التوالي في مواجهة القضاة. ومما تناوله الاجتماع التراجع عن تحصين قرارات الرئيس إلا ما يتعلق منها بالقرارات السيادية، رغم أن هذا الأمر، حسب نائب رئيس مجلس الدولة المستشار محمود ذكي، «لا يحتاج النص عليه لأنه طبقاً للقوانين السارية والأعراف أو المبادئ الدستورية، فإن القرارات السيادية لا تخضع لرقابة القضاء بشكل عام». وأضاف «القرارات السيادية هي القرارات المتعلقة بالاتفاقيات الدولية وبقرار الحرب أما ما دون ذلك من قرارات فتخضع لرقابة القضاء عليها ولا يجوز تحصينها».