قبيل وصوله إلى العاصمة الفرنسية، انتقد رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف دعم فرنسا للائتلاف السوري المعارض، فيما كرّر رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ومعه الجيش، أنّ الهدف من نشر صواريخ «الباتريوت» دفاعي. من ناحيتها، أعلنت باريس قرارها منح مساعدة إنسانية عاجلة للائتلاف المعارض بقيمة 1,2 مليون يورو. وانتقد رئيس الوزراء الروسي، ديمتري مدفيديف دعم فرنسا للائتلاف السوري المعارض، مشيراً إلى أنّه «غير مقبول إطلاقاً بنظر القانون الدولي». وقال مدفيديف، الذي وصل إلى باريس مساء أمس، في زيارة عمل تستمرّ يومين، «من وجهة نظر القانون الدولي، إنّه أمر غير مقبول إطلاقاً».
ورأى مدفيديف، في مقابلة صحافية، أنّ قرار باريس الاعتراف بالائتلاف «ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري»، والدعوة إلى رفع الحظر على تسليم أسلحة إلى المعارضين للنظام قرار «موضع انتقاد». وقال: «أذكر أنّه بحسب مبادئ القانون الدولي التي صدّقت عليها الأمم المتحدة عام 1970، لا يمكن أيّ دولة القيام بعمل يهدف إلى قلب نظام قائم في بلد ثالث بالقوة». وأكد أنّ «روسيا لا تدعم النظام ولا المعارضة. إنّ موقفنا محايد»، مشدداً على أنّ الحلّ الوحيد يكمن في بدء مفاوضات بين أطراف النزاع، وتنظيم انتخابات جديدة. وتابع: «إنّ الرغبة في تغيير نظام بلد ثالث من خلال الاعتراف بقوة سياسية ممثلاً وحيداً للسيادة الوطنية لا يبدو لي أمراً حضارياً تماماً». وأشار إلى أنّه «يعود للشعب السوري، بما فيه هذه القوى المعارضة، أن يقرّر مصير الأسد ونظامه، لكن من المستحسن أن تصل هذه القوى (المعارضة) إلى السلطة بالسبل القانونية، لا بواسطة أسلحة تسلّمها دول أخرى».
وسئل عن مواصلة روسيا تسليم أسلحة لسوريا، فقال إنّ «هذا التعاون العسكري كان على الدوام شرعياً»، مشيراً إلى أنّ الأمم المتحدة لم تفرض حظراً على تسليم الأسلحة إلى سوريا. وقال: «كلّ ما سلمناه هو أسلحة تهدف إلى الدفاع عن النفس في مواجهة عدوان خارجي».
من ناحيته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أنّ فرنسا، أول دولة غربية اعترفت بشرعية الائتلاف الوطني للمعارضة السورية، قرّرت منحه مساعدة إنسانية عاجلة بقيمة 1,2 مليون يورو. وقال الوزير، في بيان، إنّ «الوضع الإنساني في سوريا يتدهور. ولا بدّ أنّ يتحرك المجتمع الدولي».
وأوضح فابيوس أن الائتلاف المعارضة يعقد (الاثنين والثلاثاء) في القاهرة اجتماعاً مع المجتمع الدولي بشأن مساعدة الشعب السوري، وأنّ فرنسا قررت تقديم «مساعدة إنسانية عاجلة بمبلغ 1,2 مليون يورو».
في سياق آخر، أكد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أنّ بلاده لن تتردّد باتخاذ التدابير اللازمة لحماية أمنها، مشدداً على «ضرورة عدم تحميل خطوة نشر صواريخ باتريوت الدفاعية على الأراضي التركية معانٍ مختلفة». ورأى في، خطاب جماهيري ألقاه في إسطنبول، أنّ بلاده مضطرة إلى نشر صواريخ «باتريوت» على أراضيها تحسباًَ لاحتمال قيام النظام السوري، الذي سبق أن ألقى قذائف على الأراضي التركية، باعتداءات على تركيا بنطاق أوسع.
وأكد أن بلاده تؤيّد السلام دائماً، وحلّ المشاكل عبر الحوار والتشاور، مشيراً إلى أنّه عندما يتعلّق الأمر بتهديد أمن البلاد، فإنّ أنقرة لن تتردّد في اتخاذ التدابير اللازمة.
بدوره، أفاد الجيش التركي بأنّ صواريخ أرض ــ جوّ من حلف شماليّ الأطلسي، التي من المقرّر نشرها قرب الحدود التركية ــ السورية ستستخدم في حماية الأراضي التركية، لا لإقامة منطقة حظر طيران فوق سوريا. وقال الجيش، في بيان، إنّ «نشر النظام الدفاعي الجوي والصاروخي لا يهدف إلا لمواجهة أي تهديد صاروخي قادم من سوريا، وهو إجراء له هدف دفاعي محض. واستخدامه لفرض منطقة حظر طيران أو لشنّ عملية هجومية هو أمر غير وارد». وأضاف البيان أنّ فريقاً مشتركاً من تركيا وحلف شماليّ الأطلسي سيبدأ غداً (اليوم) العمل لتقويم أماكن نشر الصواريخ، والعدد اللازم، وعدد القوات الأجنبية التي سترسل لتشغيلها.
في موازاة ذلك، كشفت تقارير إعلامية عن خطة جديدة لمبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، لإنهاء الأزمة السورية سيقدمها يوم الخميس المقبل لمجلس الأمن الدولي. وأفادت صحيفة «لوفيغارو» بأنّ خطّة الأخضر الإبراهيمي تنصّ على تشكيل «حكومة وطنية انتقالية» من شأنها أن تتمتع بـ«السلطة التنفيذية الكاملة» لقيادة سوريا حتى الاستحقاق الانتخابي البرلماني والرئاسي عام 2014 (نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد الدستورية) التي ستتمّ تحت إشراف الأمم المتحدة. ونقلت الصحيفة عن أحد المقربين من الإبراهيمي قوله إنّ «هذه الانتخابات، التي ستشمل أيضاً الانتخابات المحلية ستجري في وقت واحد». وكتبت نقلاً عن مصادر مطلعة أنّ الحكومة الانتقالية ستضمّ أعضاءً من المعارضة وبعض المسؤولين في النظام السوري الحالي، منوهة بأنّ الخطة تنصّ على أن «الأسد سيستكمل ولايته، لكن دوره سيكون تمثيلياًَ فقط».
وأوضحت المصادر «أنّه في ما يتعلق بمستقبل بشار الأسد السياسي، وخصوصاً ما إذا كان يستطيع ترشيح نفسه من عدمه في الانتخابات الرئاسية في 2014، فإن موقف الإبراهيمي غامض بشكل متعمد لعدم ضرب أي معسكر»، إن كان موالياً أو معارضاً.
من ناحية أخرى، صرح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، بأنّ من المنتظر أن يستقبل الوزير سيرغي لافروف وفد المعارضة السورية الداخلية، ممثلةً في هيئة التنسيق الوطني يوم 29 تشرين الثاني الجاري.
إلى ذلك، أكد وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، أول من أمس، أنّ الحرب في سوريا أصبحت بين الدولة ومن يدعم منطقها، وتنظيم «القاعدة» و«ائتلاف الدوحة»، الذي بات «يمثّل القيادة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الساعية إلى إعادة تاريخها في سوريا».
وجدّد الزعبي تأكيده، خلال لقائه كوادر وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، أنّه «ليس هناك أيّ فيتو على ظهور الشخصيات المعارضة على وسائل الإعلام الرسمية، شرط ألّا تمسّ بالسيادة الوطنية المتمثلة بالعلم، والنشيد الوطني، والجيش، ومقام الرئاسة، مبيناً أنّ كل ما عدا ذلك يمكن تناوله وطرحه بكل جرأة وصراحة.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)