كشفت الانتخابات الداخلية في حزب «الليكود»، عن فوز الجناح المتطرّف، وهو ما عدّ هزيمة لرئيس الحزب بنيامين نتنياهو، وتغيّراً في توصيفه من يمين معتدل، يحاول الجنوح نحو الوسط، الى حزب يميني بامتياز، وهو ما يكشف عن حقيقة القاعدة التي يتشكل منها هذا الحزب. قائمة يمينية متشدّدة، هي حصيلة انتخابات شارك فيها نحو 73 ألف منتسب، بما يشكل 59,24 في المئة من مجموع أعضائه، ما دفع نتنياهو إلى التخوف من فرار الناخب الوسطي نحو أحزاب تنتمي الى المعسكر المنافس على يسار «الليكود». ويدرك أن الكتلة اليمينية ستشكّل عقبة أمام نتنياهو لدى تشكيل حكومته المقبلة، ويجعل هامش مناورته السياسية، في ما يتعلق بالمسار الفلسطيني، أقل ضيقاً ومحدوديةً، وهو ما يُذكر بتجربة آرييل شارون إزاء الانسحاب من قطاع غزة، الذي أدى في نهاية المطاف الى اتخاذه قراراً بالانشقاق وتشكيل حزب كديما.
وبالنسبة إلى تفسير فوز الكتلة اليمينية، فإنه كان نتيجة صفقة عُقدت بين موشيه فايغلين، الذي احتل المرتبة الخامسة عشرة، بما يمثله من تيار ديني صهيوني متطرف داخل «الليكود»، وبين حاييم كاتس، رئيس مجلس عمال الصناعة الجوية، القادرين على تجيير آلاف الأصوات.
ولعل من أبرز ما يكشف عن حقيقة الآلية الديموقراطية المتبعة داخل «الليكود»، ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن المنتسبين من معسكر فايغلين الى «الليكود»، يصوّتون في انتخابات الكنيست لقوائم حزبية أكثر تطرفاً، فيما يخضع المنتسبون من الصناعة الجوية، الى «الليكود»، لأوامر كاتس، لأنهم يعتمدون عليه في مصدر رزقهم.
وفي ما يتعلق بالشخصيات المتصدرة، فقد احتل المرتبة الأولى، «الانتهازي» جدعون ساعر، الذي ما إن تم الإعلان عن موعد الانتخابات حتى أطلق المواقف الأكثر تشدداً بهدف كسب تأييد المعسكرات اليمينية. كما تبوأت قمة النتائج، أيضاً، الشخصيات، التي تنتمي الى الجناح الصقوري، شأن داني دانون، وموشيه يعلون وزئيف الكين ويريف لفين ويولي ادلشتاين. أما المنتصر الأكثر يمينية والأكثر دلالة في كل العملية الانتخابية الداخلية، فكان موشيه فايغلين، الذي حاول مرّات عديدة دخول قائمة «الليكود» الى الكنيست، لكن نتنياهو كان يعمد إلى صده في كل مرة.
وليس أقل دلالة، أن الشخصيات التي سعى نتنياهو لضمان فوزها، من بني بيغن الى دان مريدور الى ميخائيل ايتان، قد أطيحت، وهو ما يعكس توازن القوى بين المعسكرات التي يتشكل منها «الليكود»، وحجم نفوذ رئيسه نتنياهو منها.
بالتزامن مع الحدث الليكودي، أعلنت الرئيسة السابقة لـ«كديما»، تسيبي ليفني، عودتها الى الحياة السياسية وخوض الانتخابات المقبلة برئاسة حزب جديد يطلق عليه اسم «الحركة»، من أجل تحقيق السلام، الذي وصفته بأنه ليس «عبارة نابية»، ومن أجل الأمن الذي سيتم تحقيقه من خلال الحصول على دعم دولي لإسرائيل، ومن أجل «إسرائيل اليهودية والديموقراطية».
وأعلنت ليفني خلال مؤتمرها الصحافي، مجموعة من المواقف السياسية بخلفيات انتخابية، تؤكد أن حركة «حماس» خرجت من المواجهة العسكرية الأخيرة في قطاع غزة أقوى سياسياً، ورأت أن نتيجة سياسة نتنياهو هي إقامة دولتين فلسطينيتين، إحداهما في الأمم المتحدة، والأخرى دولة «حماس» في غزة. ودعت قوى اليسار الى تسمية شخص من اليسار الوسط، لتشكيل الحكومة المقبلة، لأن تسليم السلطة لنتنياهو مرة أخرى هو بمثابة كارثة.