يسعى الائتلاف المعارض إلى أن يخرج من اجتماعاته، التي بدأت في القاهرة، بتشكيل «حكومة انتقالية» أو على الأقل الاتفاق على قائمة أسماء لتولي منصب رئاسة الوزراء، فيما صرّح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، قائلاً: «إننا في صدد البحث عن بديل للأسد». وعقد ائتلاف المعارضة السورية الجديد اجتماعه الكامل الأول، يوم أمس، لمناقشة تشكيل حكومة انتقالية في القاهرة. وقالت نائبة رئيس الائتلاف، سهير الأتاسي، إنّ «الهدف هو تسمية رئيس الوزراء في حكومة انتقالية، أو على الأقل إعداد قائمة بأسماء المرشحين لهذا المنصب قبل اجتماع أصدقاء سوريا». وينتخب الاجتماع، الذي يستمر يومين، لجاناً لإدارة المساعدات والاتصالات.
وقد اشتد الخلاف بين المعارضة في الخارج ومقاتلي المعارضة على الأرض، وقال أبو نضال مصطفى، أحد أعضاء وحدة لمقاتلي المعارضة الإسلاميين: «لدينا خلافات عقائدية مع الائتلاف، لكنه سيحقق رسالته إذا جلب لنا مساعدات عسكرية من الخارج».
وقالت مصادر الائتلاف إنّ مهمات الاتصال بين الائتلاف والمعارضين أنيط بها رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب. ويتردد اسمه بوصفه مرشحاً ليصبح رئيساً للوزراء، لكن تاريخه في حزب البعث يمكن أن يستبعده. وهناك مرشح آخر محتمل، هو أسعد مصطفى. وهو وزير زراعة سابق في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد. وكان مصطفى، الذي يعيش الآن في الكويت، قد غادر البلاد منذ عقود احتجاجاً على سياسات النظام حينها.
في السياق، قالت الآتاسي إنّ الائتلاف الجديد أغفل شخصيات مهمة، وإنّ هناك حاجة لبذل الجهود لإشراك المجلس الوطني الكردي، الذي ظل بعيداً. ولفتت إلى أنّه على خلاف المجلس الوطني السوري، سيعمل الائتلاف مع شخصيات مهمة حتى إذا لم يصبحوا أعضاءً دائمين فيه. وأشارت إلى أديب الشيشكلي، حفيد الرئيس السوري الراحل، الذي انسحب من المجلس الوطني السوري احتجاجاً على انتخابات «زوّرها الإخوان المسلمون». ويعمل الشيشكلي، الآن، مع الائتلاف الجديد لضمان الحصول على مساعدات والدعم الاقتصادي.
في سياق آخر، صرح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، «إننا في صدد البحث عن بديل للأسد»، معرباً عن أمله أن «تفهم موسكو في نهاية المطاف أنّ هذا ما نحاول فعله، تجنباً للانقسام الكلي». وأضاف: «كنّا البلد الأول الذي اعترف بالائتلاف السوري المعارضة كبديل للأسد». ولفت إلى أنّ «موسكو تعلم أن بشار الأسد لم يعد لديه مستقبل كرئيس في الشرق الأوسط، غير أنها تتخوف من حصول أعمال شغب هناك»، مضيفاً أنّ «ردّنا على ذلك هو أن أعمال العنف موجودة في سوريا في كل الأحوال». من جهة أخرى، دعا مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، جميع الدول والمؤسسات الدولية إلى دعم إرادة الشعب السوري لتعزيز الحوار الوطني. ونقلت وكالة «مهر» للأنباء عن عبد اللهيان تأكيده لدى اجتماعه، مع سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الدولية في طهران، ضرورة «دعم جميع الدول والمؤسسات الدولية للإرادة الجماعية للشعب السوري لتعزيز الحوار الوطني، للمضي قدماً بالإصلاحات على أرضية ديموقراطية في سوريا». ولفت عبد اللهيان إلى أنّ المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي عقد في طهران أخيراً، اتفقوا على ضرورة صيانة الاستقرار والهدوء وإيجاد الأرضية الديموقراطية لمواصلة الحوار الوطني. وقال إنّ الحاضرين، في هذا المؤتمر الذي تزامن مع الهجوم الإسرائيلي على غزة، أدانوا الهجوم، مشددين على «صمود سوريا في الدفاع عن القضية الفلسطينية».
من ناحيته، رحّب وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، بدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة النظام السوري إلى وضع حدّ لانتهاكات حقوق الإنسان، عقب تبنيها قراراً جديداً بشأن وضعها في سوريا. وقال هيغ: «إنّ انتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب على نطاق واسع ومنهجي من قبل النظام السوري وميليشياته مرعبة للغاية، وتستحق أشدّ الإدانة، كذلك إنّ القرار الجديد يدين أيضاً الانتهاكات التي ترتكبها المعارضة المسلحة».
أضاف أنّ «40 ألف شخص لقوا حتفهم في سوريا حتى الآن، وكل يوم يمرّ يحمل أنباءً عن فظائع جديدة، وأدين بشكل خاص قصف قوات النظام السوري مستشفى في حلب الأسبوع الماضي، والذي أدى إلى مقتل خمسة مدنيين، ومقتل 10 أطفال بقنابل عنقودية أسقطها النظام على حضانة في محافظة دمشق كما أوردت التقارير، واستخدام النظام الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والعنف الجنسي». ودعا وزير الخارجية البريطاني النظام السوري إلى «وضع حدّ فوري لانتهاكات حقوق الإنسان والهجمات على المدنيين»، ودعا جميع الأطراف إلى «وقف أعمال العنف ومواصلة عملية الانتقال السياسي الحقيقي لتلبية مطالب الشعب السوري من أجل سوريا حرة». وقال إنّه «يدعم أيضاً دعوة لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم لمتحدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بنحو كامل»، مشيراً إلى أنّ المملكة المتحدة «تكثّف دعمها للناشطين الحقوقيين في سوريا لإعداد تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان». وأضاف هيغ: «من الضروري توثيق هذه الفظاعات للملاحقات القضائية في المستقبل، بما في ذلك الإجراءات التي يمكن اتخاذها في المحكمة الجنائية الدولية».
إلى ذلك، أفادت مصادر دبلوماسية بأنّ الاتحاد الأوروبي قرّر تمديد عقوباته بحقّ النظام السوري لثلاثة أشهر. وأوضحت هذه المصادر أنّ القرار، الذي اتخذ على مستوى السفراء، سيُصدَّق عليه رسمياً اليوم الخميس في اجتماع يعقده وزراء أوروبيون.
ميدانياً، أفادت وكالة «فرانس برس» عن شهود في منطقة دارة عزة في ريف حلب، التي اسقط فيها مقاتلون معارضون طائرة حربية سورية، بأنّ المقاتلين «أسروا أحد الطيارين الاثنين» اللذين كانا في الطائرة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّه جرى أسر طيار، ووزّع شريط فيديو يظهر فيه رجال يحملون رجلاً مصاباً تغطي الدماء وجهه، بينما يقول أحدهم «نريده حياً». وأفاد شهود في المكان الذي سقطت فيه الطائرة بأنّ «الطيارين تمكنا من قذف نفسيهما من الطائرة بعد إصابتها ونزلا بمظلتين»، مضيفين أنّ «الثوار أسروا أحدهما، فيما بقي مصير الثاني مجهولاً»
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)