دمشق | في الأشهر الثلاثة الماضية، غابت أخبار انشقاق شخصيات رفيعة المستوى، عن مؤسسات النظام السوري السياسية والدبلوماسية والعسكرية على حدّ سواء، فيما تناقلت وكالات الأنباء العالمية والفضائيات الإخبارية العربية أخباراً متناقضة عن انشقاق الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد المقدسي، ما أعاد السجالات والبريق لأحداث الانشقاق إلى الواجهة مجدداً. التعليقات التي تناقلها المراقبون عن خبر انشقاق المقدسي، أكدت معظمها أنّه لم يظهر في أيّ تعليق أو تصريح إعلامي خلال اليومين الماضيين، بعكس ما سرت عليه العادة مع الناطق باسم الخارجية السورية، أمام تطورات سياسية متسارعة ومهمّة، متعلقة بأزمة الحرب المستعرة. أما ظهوره الإعلامي الأخير فكان في مؤتمر صحافي عقد، بخصوص الردّ السوري الرسمي على التصريحات الأميركية بشأن احتمال استخدام الجيش السوري الأسلحة الكيماوية في الحرب الدائرة. حالة من التناقض والاختلاف بدت واضحة في تعامل وسائل الإعلام مع الضجة التي أحدثها غياب المقدسي المفاجئ.
تلفزيون «المنار» اللبناني، نشر في شريطه الإخباري، «النظام السوري يقيل جهاد مقدسي من منصبه كمتحدث باسم وزارة الخارجية السورية» في ساعات مبكرة من مساء أمس، وهو ما نقلته أيضاً قناة «العالم» الإيرانية، في سيناريو مشابه للأسلوب الذي يتعامل به الإعلام السوري الرسمي مع شخصيات رفيعة المستوى من مؤسساته، عندما يصدر الخبر على أنّه إقالة أو إقصاء من المنصب، ومن ثمّ يكتشف المتابع أنه انشقاق عن النظام، كما حصل قبل أربعة أشهر مع رئيس الحكومة السورية رياض حجاب.
اختلفت الروايات في الشارع السوري في أسباب انشقاق المقدسي وخفاياه. الموالون للنظام حاولوا التعامل مع الخبر بتجاهل متعمد، والتخفيف من وقعه. وانهال العديد منهم بالشتائم على الصفحة الشخصية للمقدسي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، والبعض الآخر حاول مواساة نفسه عندما تناقل تعليقاً يقول: «إنّ قرار الإقالة صدر بسبب ارتكاب المقدسي أخطاءً قاتلة في تصريحه الصحفي الأخير، عندما خرج عن النص الأصلي بقوله: إنّ دمشق أكدت مراراً وتكراراً للجانب الأميركي مباشرة وعبر الأصدقاء الروس، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنّها لن تستخدم مثل هذه الأسلحة ــ إن وجدت ــ ضد شعبها تحت أي ظرف كان. عبارة «ضد شعبها»، هي التي أوقف بسببها مقدسي عن عمله، بحسب هؤلاء. أما المعارضون فقد وجدوا في خبر انشقاق المقدسي مساحة جيّدة للسخرية التي بدت واضحة في جملة تعليقاتهم، التي كتبوها على صفحاتهم الشخصية أو المنتديات الحوارية.
من جهتها، سارعت المعارضة السورية في الخارج إلى تأكيد خبر انشقاق جهاد مقدسي، على لسان مدير مكتب الحراك الثوري في المجلس الوطني السوري، جمال الوادي، الذي صرّح لقناة «سكاي نيوز – عربية» بأنّ «مقدسي غادر دمشق إلى بيروت، ومنها إلى جهة غير معلومة». والجدير بالذكر أنّ المقدسي بدأ مشواره في العمل الدبلوماسي عام 1998، وقبل هذا التاريخ كان موظفاً في السفارة السورية في لندن. وعمل عام 2000 في السفارة السورية في واشنطن، وتدرّج في العمل الدبلوماسي إلى أن شغل منصب المتحدث الرسمي باسم الخارجية السورية. برز نجمه في المؤتمرات الصحافية العديدة، التي عقدت خلال العامين الماضيين، مع تصاعد أحداث الأزمة السورية. مقدسي حائز إجازة في اللغة الفرنسية، ودراسات عليا في العلاقات الدولية والإدارة، وماجستير في الدبلوماسية من جامعة «وستمنستر» البريطانية، وشهادة الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من الجامعة الأميركية في لندن.
3 تعليق
التعليقات
-
علينا التروي حتى نسمع كلامهأعتقد أن كلا الطرفين على خطأ في تقييم جهاد المقدسي. هو شخصية محترمة جداً، ولا أعتقد أنه "انشق" عن النظام بمعنى أنه سينضم إلى المعارضة السورية في الخارج. هو إنسان وطني وشريف ومثقف. يبدو أنه استقال بعد ضغوط من الحكومة السورية. وهذا خطأ من الحكومة السورية أن تقيل شخصاً مثله في هذا الوقت بالذات. على ما يبدو أنه قرر الابتعاد عن الوطن والعودة إلى بريطانيا، وهو لن يكون مع طرف ضد طرف. وهناك الإشاعة الأخرى التي تقول أنه تم تهديده بسلامة عائلته التي في بيروت من قبل المعارضين السوريين، ولكنها تبقى إشاعة حتى يثبت العكس. علينا أن نكون واقعيين في تفسير هذه الأمور، والنصيحة خصوصاً للطرف المؤيد للدولة، لا داعي لشيطنة الرجل، وخصوصاً أنه حتى الآن لم يثبت أنه انضم للطرف الآخر ضد سوريا.
-
كما قال الرئيس المفدى انكما قال الرئيس المفدى ان الخونة يطهرون سورية من انفسهم بأنفسم
-
أنشق أم لم ينشق؟وماذا يعني إن كان جهاد المقدسي قد أنشق عن النظام أم أقيل، لقد سبقه رئيس حكومة، وماذا حصل؟ دائماً الأوراق الصفراء تتساقط عن الشجر.