نقل تقرير في صحيفة «ذي واشنطن بوست» الأميركية أمس أجواء التوتر المتصاعدة بين كردستان العراق والسلطات العراقية في ظلّ حشد الطرفين جيوشاً على الحدود الداخلية بينهما. تقرير الـ«بوست» يشير الى أن الأزمة الحالية ستتفاقم لحظة تبدأ شركة «إكسون موبيل» النفطية الاميركية بالعمل في الأراضي التي يتنازع عليها طرفا الصراع. الصحافي بن فان هوفلين، المتابع للشؤون العراقية النفطية، شرح من بغداد بعض جوانب الخلاف بين رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني ورئيس الوزراء نوري المالكي في اطار النزاع على «الأرض والنفط».
«رئيس الوزراء نوري المالكي كان واضحاً: اذا وضعت شركة إكسون موبيل إصبعاً على هذه الأرض فستواجه الجيش العراقي»، نقل هوفلين عن النائب العراقي المقرب من المالكي سامي العسكري. «نحن لا نريد الحرب» يضيف العسكري، «لكننا سنخوض حرباً من أجل النفط العراقي وسيادة البلد». من جهته، يقول البرزاني في احد خطاباته أمام الجنود المحتشدين على الحدود «نحن لا نريد الحرب لكن في حال اندلعت فإن الشعب الكردي كله سيقاتل».
التحقيق الصحافي يعود الى أصل اشتعال الأزمة الشهر الماضي، ويروي أن الشرارة انطلقت من حادثة توقيف الشرطة الفدرالية أحد تجار النفط الأكراد الذي لجأ الى قوات من «البشمركة» لحمايته، ما أدى الى مواجهات مسلحة بين الجيش العراقي والقوات الكردية. وهذا ما أدى، حسب التقرير، الى إرسال مجموعات عسكرية على الحدود من قبل الطرفين.
مصدر عسكري رفيع قال لـ «بوست» إن «الأزمة الاخيرة حققت مكاسب للأكراد إذ باتوا يسيطرون على أراض لم تكن لهم في السابق». التحقيق يشير الى خطورة الوضع الأمني القائم حالياً إذ إن «رصاصة طائشة واحدة قد تؤدي الى اندلاع اشتباكات». المصدر العسكري شرح لهوفلين أن «الجيش العراقي يمكن أن يفتح النار في ثلاث حالات: اذا أطلق «البشمركة» النار أولاً، أو اذا تقدّم هؤلاء خارج حدود مواقعهم الحالية، أو اذا قررت شركات النفط العمل في المناطق المتنازع عليها». «اذا فعلوا أياً من تلك الامور فسنعتبر ذلك بمثابة إعلان حرب»، علّق المصدر العسكري. وانطلاقاً من ذلك، لفت الصحافي الى دور شركة «إكسون موبيل» في تلك الاجواء المشحونة، فهل ستكون هي من يطلق شرارة الحرب الاهلية بين «البشمركة» والجيش العراقي؟
هوفلين يشير الى أن دور الشركة النفطية الاميركية مهم وحساس، إذ هي الشركة الوحيدة التي تمتلك عقود تنقيب في المناطق المتنازع عليها، ومعظم منصاتها تقع على أطراف الحدود الكردية في المناطق الخلافية. وهنا يذكر التقرير أنه «قبل أن توقّع الشركة عقودها مع كردستان تلقت تحذيراً من السلطات في بغداد تنبّهها بأن تلك الاتفاقات غير قانونية».
هوفلين ينقل عن مسؤول أميركي أن إدارة باراك أوباما «لم تفعل الكثير لإقناع «إكسون موبيل» بعدم توقيع تلك الاتفاقات وهي أيضاً فشلت في ردعها عن بدء التنقيب في تلك المناطق بدءاً من العام المقبل». «الولايات المتحدة لا تستطيع ردع مَن لا يخالف القوانين الاميركية»، أردف المصدر الرسمي.
فماذا عن عقود «إكسون موبيل»؟ وما هو موقفها من الأزمة الدائرة؟ يشير التقرير الى أن عقود الشركة الاميركية تنصّ على بدء أعمال المراقبة والتفتيش في تلك الحقول في بداية عام 2013، على أن تباشر بالتنقيب خلال فصل الصيف. المسؤولون في الشركة رفضوا التحدث مع هوفلين. لكن الكاتب يقول إن الشركة تلتزم عادةً بما تنص عليه عقودها.
فهل سنشهد حرباً كردية ــ عراقية مطلع السنة؟ مستشارو المالكي يؤكدون لـ«البوست» أن «كردستان هي الخاسر الاكبر من أي حرب أهلية لأن كل نجاحهم مبني على استثمارات الشركات التي تعوّل على الاستقرار الامني».
(الأخبار)