في مؤتمر صحافي طويل، كان للأزمة السورية نصيب يسير منه، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تحوّل سوريا إلى ليبيا جديدة، داعياً إلى تسوية سياسية تجنّب البلاد الانهيار. وبالتزامن مع تواصل حدة الاشتباكات والقصف في مناطق مختلفة، أفادت الأمم المتحدة، في تقرير حول سوريا، أنّ النزاع أصبح طائفياً بشكل واضح، وأنّ كل الطوائف والأقليات باتت مهدّدة. وقال الرئيس فلاديمير بوتين، إنّ موسكو ليست قلقة على نظام بشار الأسد، بقدر قلقها على مستقبل سوريا، مشيراً إلى أنّ تسوية الأزمة السورية يجب أن تتضمّن ما يمنع نشوب الحرب الأهلية، وانهيار الدولة السورية كما حصل في ليبيا التي تسير نحو الانهيار. وأضاف بوتين، خلال مؤتمر صحافي، «نحن بكلّ بساطة لا نريد أن تقوم المعارضة الحالية بعد تسلم السلطة، بمطاردة السلطة الحالية، التي سوف تتحوّل إلى المعارضة، ولا نريدها أن تصبح عملية بلا نهاية». وأشار إلى أنّ الذي «يهمنا طبعاً هو موقع روسيا الاتحادية في المنطقة». وقال بوتين «نحن ندعو إلى البحث عن صيغة لتسوية المشكلة من شأنها أن تجنّب المنطقة وهذه البلاد الانهيار، واستمرار الحرب الأهلية. أعتقد أنّ الاتفاقات على أساس الانتصار في الحرب غير مناسبة ولا يمكن أن تكون فعالة».
بدوره، صرّح وزير الخارجية سيرغي لافروف، في حوار تلفزيوني، بأنّ روسيا لا تعترف بالائتلاف الوطني السوري المعارض، لكنّها مستعدة للعمل معه. وقال «ليس هناك من ضرورة للاعتراف بأحد، فنحن نعمل مع كلّ الأطراف التي تمثل مجموعات محددة من المعارضة السورية». ونوه إلى أنّهم «مستعدون كذلك للعمل مع الائتلاف الوطني وأيّ هيكل آخر قد يظهر على ساحة الحقل السياسي من جانب المعارضة». وأكد أنّ «الأمر لا يكمن في الاعتراف، الأمر المهم هو دفع الجميع في اتجاه واحد».
في سياق آخر، رأى محققو الأمم المتحدة، في تقريرهم الأخير حول سوريا، أنّ النزاع في هذا البلد أصبح «طائفياً بشكل واضح»، مؤكدين أنّ «طوائف وأقليات بأكملها» باتت مهدّدة. وحذّر المحققون كذلك من أنّ الجماعات الاسلامية المسلحة التي تشكلت حديثاً تعمل بشكل مستقل عن الجيش السوري الحر. وأوضح التقرير أنّ بعض تلك الجماعات ترتبط بجماعات اسلامية ومتطرفة مثل جبهة النصرة. وقال إنّ مقاتلين أجانب يرتبط العديد منهم بجماعات اسلامية، يتواجدون في العديد من أنحاء البلاد بما في ذلك حلب. وأكد التقرير أنّ الوضع سيئ إلى درجة أنّ «مجموعات بأكملها تواجه خطر اجبارها على الخروج من البلاد أو التعرّض للقتل داخل البلاد»، مضيفاً أنّ «الطوائف تعتقد ــ وهذا مبرر ــ أنّها تواجه خطراً على وجودها، لذلك فإنّ ضرورة التوصل إلى تسوية تفاوضية أصبحت ملحة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى». وأوضح التقرير أنّ «الأقليات الأخرى مثل الأرمن، والمسيحيين، والدروز، والفلسطينيين، والأكراد، والتركمان اقحموا في النزاع».
ميدانياً، شنّ المقاتلون المعارضون هجمات على حواجز للقوات النظامية السورية في بلدة مورك في محافظة حماه لقطع طريق امداد هذه القوات المتجهة إلى محافظة إدلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد «دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين من عدة كتائب ينفذون هجوماً على حواجز للقوات النظامية في بلدة مورك الواقعة على طريق حلب دمشق الدولي»، إلى الجنوب من مدينة خان شيخون. وأشار المرصد إلى سيطرة المقاتلين على حاجز الجسر في البلدة، ومقتل اثنين منهم جراء الاشتباكات المستمرة. وأفاد عن وجود «ثمانية حواجز للقوات النظامية، ومركزين أمني وعسكري» في البلدة، التي سيتمكّن المقاتلون المعارضون في حال السيطرة عليها «من قطع خطوط الامدادات عن محافظة ادلب في شكل كامل من حماه ودمشق».
وفي ريف دمشق، أفاد المرصد عن تعرّض مناطق عدة منها زملكا، وحرستا، وداريا لقصف من القوات النظامية في فترة ما بعد الظهر، بعدما طاول القصف صباحاً مناطق الغوطة الشرقية. وفي داريا، التي يحاول النظام السيطرة عليها، أفاد المرصد عن اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين.
وفي مزارع رنكوس، قال المرصد إن مقاتلين معارضين سيطروا على نقطة حدودية مع لبنان. وأوضح أنّ النقطة «ليست معبراً حدودياً، بل بمثابة مخفر مراقبة يتواجد فيه عناصر من الهجانة السورية»، مشيراً إلى وجود عشرات المراكز المماثلة على امتداد الحدود.
في محافظة حلب، تحدّث المرصد عن انسحاب «ثلاث سرايا (تابعة للقوات النظامية) من محيط معامل الدفاع في منطقة السفيرة، بعدما أحرقت مدافع كانت متواجدة فيها وأسلحة لم تتمكّن من سحبها» اثر اشتباكات عنيفة مع مقاتلين معارضين.
إلى ذلك، اعتقلت السلطات السورية قريبين من نائب الرئيس السوري فاروق الشرع وخمسة من زملائهما الناشطين المعارضين، بحسب ما أفاد المرصد. وقال المرصد إن «الاستخبارات العسكرية السورية اعتقلت في 15 كانون الأول الجاري المعارض والناشط السلمي في الحراك السوري الدكتور زيدون الزعبي (38 عاماً) وشقيقه صهيب (22 عاماً)، وخمسة من زملائهما من مقهى في مدينة دمشق» واقتادتهم إلى «أقبية الفرع 215» التابع لها. وأوضح المرصد أنّ الشرع هو قريب لوالدة الأخوين الزعبي.
في موازاة ذلك، أفادت صحيفة «كومرسانت» الروسية، نقلاً عن مصدر دبلوماسي في موسكو، أمس، أنّ خاطفي مهندسين روسيين ومهندس ايطالي في سوريا طلبوا فدية بقيمة 530 ألف يورو مقابل الافراج عنهم. وأضافت الصحيفة أنّ «موسكو تتعاون مع أبرز الدول الغربية، بينها إيطاليا والولايات المتحدة، لتأمين الافراج عن المهندسين» الذين خطفتهم مجموعة من مسلحي المعارضة السورية.
(أ ف ب، رويترز، أ ب)