بعدما كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اتصالات وتنسيق متواصل بين تل أبيب وواشنطن حول كيفية التعامل مع الأسلحة الكيميائية السورية، تتواصل التقارير التي تعكس حالة القلق المسيطرة على صانع القرار في تل أبيب إزاء مصير هذه الأسلحة.
وكجزء من محاولة تعزيز الردع الإسرائيلي إزاء السيناريوهات الاسوأ، شدّد المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أودي شني، على أنّ إسرائيل «لن تمتنع عن مهاجمة سوريا إذا كان هناك حاجة إلى ذلك»، مضيفاً أنّه «لم يعد هناك من قوة مسيطرة بشكل مركزي في سوريا، والأقوى هناك سيأخذ الصواريخ».
في المقابل، اعتبر المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أنّه بالرغم من أنّ السلاح الكيميائي غير موجّه ضدّ إسرائيل، إلّا أنّ التطورات هناك مثيرة للقلق، وخصوصاً في ضوء أن أقلّ من نصف الإسرائيليين يملكون كمامات واقية، مشيراً إلى أنّ استمرار تقويض النظام يمكن أن يؤدي إلى ضعف سيطرة ورقابة الأجهزة الأمنية السورية على المخزون الكيميائي. وأكد هرئيل أنّ المجتمع الدولي، ومن ضمنه إسرائيل، يكرسّ اهتماماً خاصاً لسيناريوهين محتملين: سيطرة متمردين على المخزون الكيميائي أو نقله إلى حزب الله. وحذّر هرئيل من أنّ هناك العديد من التنظيمات الإرهابية تتوق لامتلاك هذا النوع من السلاح، بمن فيهم الجهاديون الذين لن يمتنعوا عن استخدامه ضد إسرائيل، فيما يمكن أن يرى حزب الله في هذا النوع من السلاح بوليصة تأمين ضد أيّ هجوم اسرائيلي مستقبلي في جنوب لبنان.
وشدّد هرئيل على أنّ الولايات المتحدة، بالتنسيق مع دول أخرى، أعدّت خططاً عدة عملياتية لمعالجة «الكيميائي» في سوريا، إذا ما فقد النظام السوري سيطرته. ولفت إلى أنّ خيار شنّ هجوم جوي واسع وارد، من دون استبعاد ارسال قوات كوماندوس في محاولة لتحييد هذا المخزون.
من ناحية أخرى، تناول عمير ربابورت في صحيفة «معاريف» خطورة الأسلحة الكيميائية والخيارات المطروحة، ورأى أنّها المرة الأولى في التاريخ التي يمكن أن يفقد فيها جيش أو قائد قوي السيطرة على الأسلحة الكيميائية. وكشف عن أنّ إسرائيل وجّهت رسائل، في الفترة الأخيرة، مفادها أنّه في حال تمّ نقل هذا السلاح إلى حزب الله ستعمل بقوة من أجل احباط هذه العملية.
وفي حديث للقناة العاشرة في التلفزيون العبري، أشار مصدر عسكري إسرائيلي إلى أنّ «الجيش يخشى من عدم قدرته على تدمير السلاح الكيميائي السوري بواسطة عملية وضربات جوية». الأمر الذي يعني وجود اقرار من قبل المؤسسة الأمنية بعدم القدرة على القضاء على المخازن الضخمة للسلاح الكيميائي في سوريا.
إحدى المعضلات الاسرائيلية، التي كشف عنها المصدر، هي في أنّ «إسرائيل مضطرة في هذه المرحلة، وتجاه هذا الخطر بالتحديد، للاعتماد على المجتمع الدولي في تحقيق المهمة، رغم أنّ النتيجة غير مضمونة». وعدم الضمانة لا تتعلق بقدرة المجتمع الدولي، بل بالجدية التي يبديها الغرب في التعامل مع هذا الخطر «الذي يزداد يوماً بعد يوم، ويتحول إلى خطر حقيقي فعلي».
وبحسب المصادر الاسرائيلية، فإنّ «الخشية العارمة التي تسود إسرائيل حالياً، تتعلق بالسباق بين التطورات التي تشهدها الساحة السورية، والمخاوف من استخدام السلاح الكيميائي، بناء على هذه التطورات، وفي اعقابها»، مضيفةً أنّ المسألة لا تقتصر على ذلك وحسب، بل تتعداه إلى سيناريو آخر، بأنّه «بعد وقت قصير نسبياً، قد نجد أنفسنا أمام واقع مغاير، حيث لن يكون هناك مسؤول عن هذا الكمّ الهائل من السلاح الكيميائي الموجود في سوريا».