الدار البيضاء | قُضي الأمر، ورتّبت جماعة العدل والإحسان المغربية (التنظيم الإسلامي المحظور في المملكة) بيتها الداخلي واختارت خليفة مرشدها ومؤسسها الشيخ عبد السلام ياسين، الذي وافته المنية منذ حوالى عشرة أيام. واختارت الجماعة المعارضة للنظام محمد العبادي، أكبر أعضاء مجلس الإرشاد سناً، أميناً عاماً للجماعة، والعضو البارز فتح الله أرسلان نائباً له، فيما تقرّر الاحتفاظ بلقب «المرشد» للأب الروحي للجماعة الراحل الشيخ ياسين الذي شُيّع جثمانه في الرباط في 13 كانون الأول في جنازة حاشدة.
تجدر الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي تطلق فيها الجماعة على زعيمها لقب «الأمين العام»، وهو لفظ عادة يطلق على زعماء الأحزاب السياسية المغربية، ما يفتح باب التكهنات أمام إمكان دخول الجماعة، الموصوفة بأنها أقوى تنظيم إسلامي في البلاد، غمار العمل السياسي وتأسيسها لحزب، وهو ما ظل قياديوها ينفونه على اعتبار موقفهم من السلطة والمؤسسات القائمة.
ويقرأ المراقبون في اختيار محمد العبادي (63 سنة) نوعاً من التغيير في إطار الاستمرارية، على اعتبار أن الاختيار وقع على أحد مريدي الشيخ ياسين، إذ اختار مجلس شورى الجماعة (يضم تقريباً 150 عضواً) شخصية تربوية وصوفية قريبة جداً من الراحل وإن لم تكن لها كاريزميته.
وحدّدت ولاية الأمين العام بخمس سنوات قابلة للتجديد لأكثر من مرة، وهو نمط تحاول الجماعة من خلاله تحديث شكل تسييرها. ولم يكن اختيار العبادي مُفاجئاً رغم أن هذا الأخير كان قد سبق أن أعلن بُعيد لحظات من تأبين الشيخ أنه لا يعتقد نفسه أهلاً للمسؤولية، مشيراً إلى أن أدنى عضو في الجماعة يمكنه تسيير دولة كاملة وليس فقط جماعة.
وستتحدد مسؤوليات القائد الجديد في تدبير عدة تحديّات، وخصوصاً مع بروز تيارات مختلفة داخل «العدل والإحسان» ومن بينها الحفاظ على الخط السياسي للجماعة وتقويتها على المستوى التنظيمي، فالتيارات وإن أظهرت انضباطها تحت قيادة المرشد، فإن غيابه من شأنه أن يجعل الاختلافات بينها تطفو إلى السطح. ومن بين هذه التيارات تيار ابنة الشيخ، نادية ياسين، وزوجها وعائلته، رغم أن الأخيرة قد ابتعدت أخيراً عن الجماعة لأسباب خاصة، إضافة إلى تيار الشباب أو متخرّجي الجامعات الذين يطالبون دائماً بالمزيد من الانفتاح السياسي داخل الجماعة، فيما يمثل تيار آخر الجانب الصوفي.
وعلّق الباحث في الجماعات الإسلامية سعيد لكحل، في تحليل له على اختيار العبادي أميناً عاماً للجماعة، بالقول إن «مرتبة الشيخ لن يبلغها أحد من الجماعة، وإن في ذلك مؤشراً على أن من سيتولى تسيير الجماعة سيظل محصوراً في ما سطّره الشيخ».