مع احتدام المعارك بين قوات النظام السوري ومعارضيه والتقارير المتزايدة عن إمكانية استخدام الأسلحة الكيماوية، تبرز إسرائيل كأحد أهم الأطراف المعنية بمصير هذا السلاح.
الأخطار الكامنة في هذا السلاح، ومآلاته، دفعت إسرائيل إلى رفع مستوى الجاهزية العملانية والاستخبارية المكثفة، منذ انطلاق الأحداث في سوريا والحديث عن إمكان إسقاط النظام في دمشق، للتعامل مع أي مستجد، بما فيها خيار الانقضاض على منشآته، سواء بهدف سلب النظام السوري هذا النوع من القدرات، أو الحؤول دون وصوله إلى أطراف تصفها الدولة العبرية بأنها غير مسؤولة، ويمكن أن تستخدمه بعيداً عن الكثير من الحسابات والتوازنات الدقيقة.
في هذه الأجواء، اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حدثاً استعراضياً متصلاً بسلاح الجو الإسرائيلي، كي يوجّه رسالة ردع وتحذير على خلفية التطورات والمخاطر التي تنطوي عليها سيناريوهات الحدث السوري. وفي توقيت يسهم في فرض الخطاب السياسي والأمني على التجاذبات الانتخابية الداخلية، أكد خلالها أنّ على «الذين يهددون بتدميرنا، سواء القريبين منا أم البعيدين، أن يعرفوا أن يدنا الطويلة ستضربهم بقوة في كل مكان»، مشيراً إلى أنّ إسرائيل تتابع التطورات في سوريا، حيث «لا يمتنعون عن استخدام أي وسيلة، بما فيها الأسلحة الممنوعة دولياً». وأكّد أنّ إسرائيل «ستفعل كلّ شيء من أجل الدفاع عن نفسها في مواجهة هذا التهديد، وفي مقابل أي تهديد». إلى ذلك، أكد نائب رئيس الحكومة، ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعالون، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، أنّ الولايات المتحدة تستعد لإمكانية التدخل في سوريا في حال استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية أو الخشية من وقوع السلاح في «أيد غير مسؤولة»، كما شدد على وجود «علاقات استراتيجية بين إسرائيل والأردن»، وأنه «على الرغم من الخلافات إلا أن هناك مصالح مشتركة بين الطرفين». وأضاف إنّ التقديرات تشير حتى اللحظة إلى عدم وجود مخاوف من توجيه السلاح الكيماوي باتجاه إسرائيل.
مواقف نتنياهو، أتت بالتزامن مع التقارير الإعلامية، التي أكدتها مصادر إسرائيلية، عن لقاء سري جمع بين نتنياهو والملك عبد الله الثاني، في العاصمة الأردنية، على خلفية البحث في الخيارات العملانية لتدمير الأسلحة الكيماوية أو تحييدها في سوريا.
وبالرغم من رفض مكتب رئيس الوزراء التعليق على خبر زيارة نتنياهو السرية إلى الأردن، أكدت مصادر إسرائيلية، لصحيفة «هآرتس» صحّة ما ورد في صحيفة «القدس العربي» التي كشفت عن الزيارة، موضحةً أنّها جرت في الأسابيع الأخيرة وتناولت تدهور الأوضاع في سوريا والمخاوف من استخدام الأسلحة الكيماوية فيها، كما أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الزيارة، التي أضافت إنّه من غير الواضح متى حصل اللقاء، وإنّ إسرائيل اقترحت الاستعداد لشنّ هجوم على مخازن الأسلحة الكيماوية في سوريا لتدميرها، بيد أنّ هذه الفكرة لم تلق أي تأييد بسبب حجم الخسائر التي قد تقع.
وكان الصحافي جيفري غولدبيرغ قد كشف قبل أسابيع، في موقع مجلة «اتلانتيك»، عن مبعوثَين أرسلهما نتنياهو في الأشهر الأخيرة إلى الأردن، من أجل الحصول على «ضوء أخضر» لعملية عسكرية إسرائيلية ضد مخازن الأسلحة الكيماوية، إلا أنّ الاردنيين بحسب المصادر نفسها، تحفظوا على العملية في هذا التوقيت. ونقل غولدبيرغ، عن مصادر استخبارية أميركية، قولها إنّ الرسالة الأردنية تفيد بأنّ شروط العملية لم تنضج حتى الآن.