القاهرة - كل الطرق في الاقتصاد المصري تؤدي إلى المزيد من إفقار الفقراء، على الأقل كما يبدو من الانخفاض القياسي في سعر صرف العملة الوطنية في مقابل الدولار الأميركي واليورو، بما يتضمنه من ارتفاع قياسي جديد متوقع في السلع الأساسية، وعلى رأسها الغذاء، في ظل الاختلال الشديد في الميزان التجاري المصري.
فالجنيه المصري انخفض إلى أدنى مستوياته منذ سنوات، في أول أيام تطبيق آلية جديدة أقرها البنك المركزي بشأن عطاءات بيع أو شراء الدولار.
وكان البنك المركزي قد دشن آلية جديدة لتوفير الدولار، أول من أمس، عبر طرح عطاءات دورية لشراء أو بيع الدولار الأميركي. وطرح بالفعل أمس نحو 75 مليون دولار للبيع من خلال مزاد للبنوك بحد أقصى 11 مليون دولار للبنك الواحد، وفقاً لـ«رويترز». تغطية العطاء بلغت 74.9 مليون دولار شاركت فيه أغلب البنوك العاملة في السوق وجاء سعر الدولار 625 قرشاً.
وشهد سوق العملات الأجنبية ارتفاعاً في مواجهة الجنيه على خلفية ارتفاع قيمة الدولار، إذ بلغ سعر بيع اليورو 843 قرشاً نهاية تعاملات أمس، في مقابل نحو 832 نهاية أول من أمس، بارتفاع بلغ نحو 11 قرشاً، بينما ارتفع الريال السعودي في مواجهة الجنيه المصري بنحو خمسة قروش ليصل سعره إلى 172 قرشاً بدلاً من 167 قرشاً أول من أمس.
وقالت سلوى العنتري، رئيسة قسم البحوث في البنك الأهلي إن هذة الآلية خطوة هامة لإبعاد شبح السوق السوداء وإبعاد قيمة الجنيه عن المضاربات، كون هذه الآلية تتيح للبنك المركزي أن يصبح الفاعل الرئيسي في السوق. إلا أن الإجراءات الجديدة تضمنت كذلك فرض رسوم إدارية تتراوح بين واحد إلى اثنين في المئة على شراء الدولار للأغراض غير التجارية، ما انتهى إلى ارتفاع إضافي في سعر الدولار بعدما حمّلت شركات الصرافة الضريبة للمتعاملين.
إلا أن صدمة التراجع القياسي للجنيه لن تؤثر وحدها على الأسعار، فالتعديلات الجديدة على ضريبة المبيعات قد تكون قاب قوسين أو أدنى، بعدما نقلت صحيفة «المصري اليوم» في عددها الصادر أمس تصريحات نُسبت الى وزير المالية مفادها أن الضرائب المثيرة للجدل ستطبق بدءاً من الغد.
إلا أن رئيس مصلحة الضرائب المصرية، ممدوح عمر، أكد أن وزارة المالية لم تطلع مصلحة الضرائب حتى الآن على موعد تنفيذ تلك التعديلات، والتي كان الرئيس محمد مرسى قد أعلن عن تأجيلها.
وقال عمر على هامش ندوة جمعية الضرائب المصرية أمس «أوقفنا تطبيق القانون بعد إعلان رئيس الجمهورية إرجاء تطبيق التعديلات حسبما أعلنت وسائل الإعلام فقط، ولم ترد إلينا أي تعليمات وقتها في أوراق رسمية. ولكن إعادة تطبيق القانون تحتاج الى صدور قانون جديد».
ولفت رئيس مصلحة الضرائب إلى أن الدولة تستهدف تحصيل زيادة بواقع ستة مليارات جنيه في الحصيلة الضريبية من التعديلات الجديدة على ضريبة المبيعات فقط.
ونفى عمر أن تكون الضرائب الجديدة قد جاءت ضمن «شروط» صندوق النقد الدولي على مصر مقابل الحصول على التسهيل الائتماني، إلا أنه نقل عن وزير المالية قوله إن التعديلات الأخيرة «تجمل الصورة العامة على الاقتصاد ليبدو أننا نجري إجراءات فعلياً، وهو «ما يشعر صندوق النقد بالثقة في استرداد أمواله، وتبدو معه مصر أنها أوفت بعهدها بإجراء إصلاحات».