رفضت معظم القيادات، التي كانت منضوية تحت لواء «تحالف دعم الشرعية»، المؤيد للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، وأفرج عنها أخيراً، الحديث إلى وسائل الإعلام، مفضلين الصمت، ما أرجعه مقربون منهم إلى بعض «الشروط الأمنية»، التي فُرضت عليهم قبل إخلاء سبيلهم.
يأتي ذلك في وقت رجحت فيه مصادر إسلامية طرح مبادرة سياسية قريباً على النظام، لإجراء مصالحة تهدف إلى دمج الإسلاميين مرة أخرى بعد الإفراج عنهم، واعتزالهم العمل السياسي، ولكن أفكار المبادرة لم تتبلور بصورة نهائية.
واللافت أن جميع القيادات التي أخلي سبيلها من محكمة الجنايات، أخيراً، وفي مقدمها رئيس حزب «البناء والتنمية» (الجناح السياسي للجماعة الإسلامية)، نصر عبد السلام، والقيادي في حزب الاستقلال «العمل» مجدي قرقر، وصفوت عبد الغني، وعلاء أبو النصر، المحسوبين على المؤيدين لجماعة «الإخوان المسلمين»، ليسوا من الفعالين في صفوف التنظيم، كذلك فإن حواضنهم الاجتماعية والسياسية ضُربت أو حيّدت أمنياً خلال الشهور الماضية، ولن يمثلوا ضغطاً على النظام في حال الإفراج عنهم.
لكن الإفراج عن قيادات «دعم الشرعية»، ألزم الشرطة اتخاذ «تدابير احترازية» بحقهم، مثل إلزام المفرج عنهم قضاء ساعات عدة يومياً في قسم الشرطة المجاور لمكان إقامتهم، وعدم الانتقال من منازلهم أو قسم الشرطة إلى أي مكان آخر، إلا بعد الحصول على تصريح رسمي.
وأسهم الإفراج عن المعتقلين الإسلاميين في إشاعة جو من الإيجابية، ورأى بعض المراقبين أن لحظة المصالحة بين النظام و«الإخوان» اقتربت، لكن آخرين شككوا فيها. لكن أصحاب الرأي الأول، رأوا أن «الإفراج عن القيادات رسالة تهدئة من النظام، لحواريي الإخوان، لا الإخوان أنفسهم، وذلك لتفادي الضغوط الدولية، ولإفراغ السجون ولإخلائها، في سبيل تجميل وجهه أمام المنظمات الحقوقية المحلية والدولية».
ووفق المعلومات، فإن الجناح الرافض للمصالحة مع «الإخوان» داخل النظام هو الأعلى صوتاً والقادر على حسم الأمر. ويعتقد هؤلاء أن «الخلافات الداخلية والانقسامات التي تعصف بالجماعة قادرة على تفكيك التنظيم، وأن الضغوط الممارسة وحصار الجماعة كفيلان بالإجهاز عليها».
ويروّج أصحاب هذا الخيار، أيضاً، أن ما يعيشه الإخوانيون اليوم «فرصة لا يجب تركها لأنها لن تعود مرة أخرى»، فيما يرى أصحاب الرأي الآخر أن «هناك تكلفة اجتماعية لاستمرار المواجهة مع التنظيم، الذي من الممكن أن يعود إلى الساحة للعمل مرة أخرى كما كان الحال أيام مبارك».
أما بالنسبة إلى الجماعة، فإن «جبهة محمد منتصر» داخلها ترفض المصالحة مع النظام حالياً، فيما تفضّل «جبهة محمود عزت»، التي أحكمت السيطرة على مفاصل التنظيم وتمويله في الشهور الماضية، التزام الصمت في انتظار المصالحة.
إلى ذلك، رأت بعض الأوساط الإسلامية، أن ما طرح من أفكار مجرد «مبادرات فردية وليست توجهاً نحو المصالحة». ووصف القيادي السابق في الجماعة ثروت الخرباوي، هذه الأفكار بأنها «مجرد بالونات اختبار، تهدف إلى الوقيعة بين القوى السياسية، وترسيخ حالة الانقسام في المجتمع».
وكان مؤسس «مركز ابن خلدون للدراسات في القاهرة»، سعد الدين إبراهيم، قد أطلق مبادرة للمصالحة بين «الإخوان» والسلطة، بهدف «وقف حرب الاستنزاف المستمرة منذ ثلاث سنوات بين الطرفين»، وذلك بعد لقائه عدداً من الإخوانيين خارج مصر، خاصة القائم بأعمال المرشد محمود عزت، والمرشح الرئاسي السابق أيمن نور، الذين طلبوا مصالحة النظام، وضمان السماح لهم بالعودة.