تتوالى محاولات الجيش على جبهة مخيم حندرات، في ريف حلب الشمالي، بهدف السيطرة على المخيم، وقطع خط إمداد المسلحين المتمركزين في أحياء المدينة. بين تقدّمٍ ومراوحة ظلّت جبهة المخيم الشمالي متوترة، إذ تقدم الجيش على نقاط عدة، لكنه سرعان ما انسحب منها، بسبب صعوبة التمركز والتثبيت العسكري.معارك موازية شهدتها مزارع الملاح، المجاورة لطريق الكاستيلو، لتضييق الخناق على مسلحي الأحياء الشرقية من مدينة حلب. صعوبات عدة تواجه الوحدات السورية وحلفاءها، بسبب التعقيدات الميدانية، حيث يقع مخيم حندرات على مرتفعٍ يجعله مشرفاً على محوري الكاستيلو والجندول. ووفق مخطط سير العملية العسكرية، يظهر العسكريون السوريون وحلفاؤهم بمظهر العارفين لأهمية مخيم حندرات، بالنسبة للمسلحين «المستميتين لعدم خسارته». ما يعني حشد قواتهم واستنفارها لإعاقة تقدم الجيش.
ويربط عسكريون بين سيناريو المعارك الدائرة في حندرات، وسيناريو متقدم سعى الجيش إلى تطبيقه، فيما لو انتهت العملية العسكرية بالسيطرة على المخيم. سيناريو مشابهٌ حين أُطبق الحصار على أحياء حمص القديمة، قبل قرابة العامين. أي الحفاظ على وتيرة منخفضة للمعارك في أحياء حلب الشرقية، وجعل المسلحين بين الاستسلام وفق شروط الدولة السورية، أو القتال حتى الموت.
ورأى المصدر أن أهمية المعارك الدائرة في مخيم حندرات، وعلى صعوبتها، تأتي بكونها ورقة ضغطٍ على المسلحين، ما يخفف من استهدافهم اليومي للمدنيين، وتشتيت عناصرهم على جبهات عدة.
ويربط المصدر بين العملية العسكرية في حندرات ومعارك السيطرة على تل العيس، أعلى التلال الحاكمة للريف الجنوبي الغربي. باعتبار التقدم في الريف الشمالي، من شأنه أن يُظهر المسلحين بموقف المهزوم، بعد خرقهم «الهدنة» وإعادتهم فتح جبهة تل العيس بعد أيام من وقف النار الهدوء. ويسعى الجيش إلى السيطرة على تل العيس، بحيث يمنح المسيطر عليه فرصة رصد جميع تحركات الخصم العسكرية، ويسهّل الإشراف الناري على طريق حلب ــ دمشق الدولي.
محاولات الجيش مستمرة على الرغم من تفخيخ المسلحين بلدة العيس لمنع عناصر الجيش من التقدم. في المقابل يحاول المسلحون تحصين موقعهم، بهدف الحفاظ على خطوط إمدادهم من مدينة إدلب باتجاه حلب، على الرغم من استحالة تمركزهم أعلى التل بسبب استهدافه المتواصل من قبل مدفعية الجيش وسلاح الجو. وتمثّل السيطرة على التل المذكور مع تلال ممو والأربعين وحدية أسواراً تحمي القوات السورية في تقدمها نحو إدلب، في أي عملية متوقعة. وهو ما يجعل تل العيس هدف القوات الأول في الرحلة الطويلة للتمركز على هذه التلال، بحسب عسكريين في المنطقة.
وفي السياق، أشار مصدر «جهادي» إلى أن «جبهة النصرة» وحلفاءها في إدلب وريفها تجري إعادة هيكلة «جيش الفتح» استعداداً للمعارك المقبلة. وأكّد المصدر لـ«الأخبار» أن الهدف من إعادة «ترتيب البيت الجهادي الإدلبي» جاء على خلفية نتائج «إتحاد الفصائل» باستعادة إدلب، مضيفاً أنه مع «تفرّق المجاهدين»، في الفترة الماضية، «خسرنا بعضاً من المناطق لمصلحة قوات النظام». وبحسب المصدر، فإن الجدوى من اللقاءات المستمرة تسعى إلى إعادة إنتاج «جيش الفتح»، لناحية التشكيل والاداء والقيادة، بحيث ستكون بيد «النصرة».
يأتي ذلك، وسط معلومات تشير إلى قطع طريق خناصر جنوباً، عند قرية شلالة. مصدر ميداني حدد موضع قطع الطريق، بالقرب من سبخة الجبول، بعد إمطار مسلحي «داعش» المنطقة بالقذائف.
أما في القلمون الشرقي، فقد تقدّمت وحدات الجيش في محيط مطار الضمير العسكري، لتصل إلى مسافة تبعد 700 متر عن معمل «إسمنت البادية»، الذي استخدمته «داعش» لخطف عمال ومدنيين، مطلع الشهر الحالي. ويتواصل تقدم الجيش للسيطرة النهائية على المعمل الذي انسحب منه عناصر التنظيم، وذلك بهدف تحصين مطار الضمير من هجمات المسلحين المتكررة.
ويأتي ذلك بعد سيطرة الجيش على مركز البحوث العملية، شرقي منطقة «أبو الشامات»، وسرية نعيم ومربض الستريلا. بدورها، رحبت الفصائل المسلحة في مدينة الضمير، في بيان لها، بتشكيل «التجمع العسكري الموحد»، الذي ضم متطوعين لـ«حماية البلدة واستئصال خطر لواء رجال الملاحم ولواء الصديق المرتبطين بتنظيم داعش». ودعا ما يسمى «الهيئة الشرعية للقضاء والعدل» اللواءين إلى الخروج من المدينة، متعهدة إعطاء الأمان لكل من يسلّم نفسه.