نشر مراسل الشؤون الاستخبارية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين بيرغمان، رواية تتضمن تفاصيل عملية اغتيال القيادي في حركة «حماس»، محمود المبحوح، مدّعيّاً أنه اعتمد على تقارير شرطة دبي وتحليلات اختصاصيين في الشأن الاستخباري.
رواية بيرغمان سردها بتسلل زمني. ففي يوم الاثنين، 18 كانون الثاني 2010، بينما كان المطار الدولي في دبي مليئاً بالركاب، لم ينتبه أحد من المسافرين إلى 27 شخصاً جاؤوا في رحلات جوية من ست دول مختلفة في أوروبا.
انتظر الأشخاص الـ27 قدوم «شاشة البلازما»، الاسم الشيفري لشخص يحمل جواز سفر فلسطينياً باسم محمود عبد الرؤوف محمد حسن، وينتقل من دولة إلى دولة تحت غطاء تاجر دولي. لكن الأشخاص الـ27 يعلمون جيداً أن الجواز مزيف، وأن «التاجر الدولي» هو محمود المبحوح.
طوال ساعات الصباح وصل فريق الـ24 إلى دبي، ووصل الثلاثة الباقون، هم قادة العملية، بعد منتصف الليل: غيل بوليرد وواين دابرون وبيتر ألفنغر، الذي تعدّه شرطة دبي قائد العملية الميداني.
بيرغمان يتابع سرده، وينتقل إلى اليوم التالي، مشيراً إلى أنه في الواحدة والنصف ظهراً ترك دابرون الحجرة في فندقه ودخل فندقاً آخر، سمّاه «فندق التبديل». دخل المرحاض أصلع وخرج منه مع شعر مستعار. ما لم يتوقعه دابرون هو آلة تصوير الحراسة على مدخل المراحيض، مشيراً إلى أن ذلك كان إهمالاً.
انتقل في تنكره الجديد من «فندق التبديل» إلى فندق ثالث سماه بيرغمان «فندق التوجيه». جلس ينتظر اثنين آخرَين من أعضاء الفريق يلتقيان به هناك. هذه اللقاءات، وإن لم تبدُ مريبة آنذاك، ساعدت فريق تحقيق شرطة دبي على تحديد المشتبه فيهم بالمشاركة في الاغتيال، لكونهم لم يتحدثوا إلا في ما بينهم. فكل شخص ظهر في رفقتهم عُدّ مشتبهاً فيه.
انتظر الجميع الساعة الثالثة. الفريق يعلم أن «شاشة البلازما» في الرحلة الجوية، لكن لا يعلم أي فندق سيختار النزول فيه. في الساعة 15:35 وقع الجواب عن السؤال الحاسم. «شاشة البلازما» نزل في فندق البستان روتانا. تلقى أفراد الفريق الموزعون على الفنادق الأخرى النبأ وغادروا. دخل اثنان من أفراد الفريق يلبسان ملابس لاعبي كرة مضرب المصعد وراءه كي يريا أي غرفة سيدخل. صورت الكاميرات واحداً منهما يمر في الممر ويتثبت من رقم الغرفة 230 ويعود إلى المصعد.
في تلك الأثناء نفذت غيل بوليرد أيضاً «نزهة». تركت الفندق الذي أمضت فيه الليلة وذهبت إلى «فندق التبديل». دخلت إلى المراحيض نفسها وبدلت الشعر المستعار أمام عدسة التصوير نفسها مثل واين. ومن هناك مضت إلى «فندق التوجيه»، حيث التقت واين وبيتر وآخرين من أعضاء الفريق.
بعدما أبلغ لاعبا التنس أن المبحوح موجود في الغرفة 230، ترك القائد بيتر «فندق التوجيه» وانتقل إلى فندق مجاور، أجرى منه مكالمتين هاتفيتين: الأولى إلى فندق البستان كي يحجز غرفة قريبة من المبحوح (237). والمكالمة الثانية ليحجز رحلة جوية إلى ميونيخ من طريق قطر.
بعد الساعة الرابعة بقليل، انفض اللقاء في فندق التوجيه، وانتقل الحاضرون في سيارات أجرة إلى فندق البستان. كان «شاشة البلازما» قد خرج في تلك الأثناء إلى مجمع تجاري قريب وسجل فريق التعقب التفاصيل عن السيارة التي ركبها.
في الساعة 16:45، نزل واين في الغرفة 237 مع المعدات، التي كانت في حقيبة بيتر، وبعد ذلك بدقائق صعدت غيل إلى الغرفة مباشرة. بعد ذلك بنصف ساعة، انضم شخص آخر إلى واين وغيل.
في 18:30 دخل رجلان الفندق. كانا يرتديان قبعتي «بيس بول» تخفيان وجهيهما ويحملان حقائب. تعتقد شرطة دبي أن هذين الشخصين نفذا عملية الاغتيال فعلياً، برغم أنّ من المحتمل أن يكون واحد منهم على الأقل خبيراً باختراق الأبواب. توجها مباشرة إلى المصاعد وصعدا نحو الغرفة 237.
في 19:30 غادر بيتر دبي، وقد انتهى دوره في العملية. ومنذ تلك اللحظة تولى واين وغيل زمام الأمور. حلّت ساعات المساء، ولا يزال «شاشة البلازما» في لقاءاته خارج فندق البستان. وفي الساعة 20 بدأت مرحلة التنفيذ في العملية. خرج واين وغيل من الغرفة 237 ينتظران في الرواق. تقدم واحد من أعضاء الفريق الأربعة نحو باب غرفة المبحوح، واختُرق القفل الإلكتروني للغرفة 230.
في الساعة 20:24 عاد المبحوح إلى الفندق ودخل غرفته مباشرة، وهناك التقى فريق الاغتيال. غيل وواين يروحان ويجيئان في الرواق أمام عدسات التصوير للتحقق من أنه فارغ. استمرت العملية كلها نحو عشرين دقيقة، خرج بعدها أعضاء الفريق الأربعة وغادروا الفندق. وتركوا باب غرفة المبحوح مغلقاً من الداخل بقفل وسلسلة.
كيف اغتيل المبحوح؟ نشرت شرطة دبي عدة روايات ليست واحدة منها مقنعة. تشك الشرطة في أن فريق الاغتيال استعمل وسيلتين، فقد حُقن قبل ذلك بمادة شلل وخنق بوسادة بعدها.
(الأخبار)