بشير البكر كان وقع الإطلالة التلفزيونية للرئيس التونسي زين العابدين بن علي سلبياً في الخارج والداخل. وبدلاً من أن ينزع فتيل الانفجار، صبّ الزيت على النار، الأمر الذي أثار قلقاً في واشنطن وباريس وعدد من العواصم الغربية، واستدعى بحث الموقف من طرف الرئيسين الأميركي باراك أوباما ونيكولا ساركوزي خلال قمة أول من أمس في واشنطن.

مواقف دولية أميركية وفرنسية وأوروبية سبقت الخطاب المتلفز للرئيس بن علي، تمثلت في إعراب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن قلقها إزاء التطورات، واستدعت الوزارة السفير التونسي، وطلبت تفسيرات بشأن استخدام الرصاص الحي في تفريق المتظاهرين. وقال مصدر تونسي في باريس لـ«الأخبار» إن الخارجية الأميركية نصحت النظام التونسي باتباع جانب المرونة في احتواء الموقف، وكانت تنتظر أن يترجم ذلك نفسه في كلمة الرئيس التونسي من خلال مبادرة تتضمن شقين: الأول تقديم اعتذار لذوي الضحايا، وتأليف لجنة تحقيق في المسألة، وتقديم تعويضات. والشق الثاني هو المبادرة، على نحو سياسي، بما يشيع أجواء انفراج تؤدي إلى الإفراج عن المعتقلين، وسحب قوات الأمن من الشوارع.
وأعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة، التي أعربت عن «قلقها» حيال الاضطرابات الاجتماعية في تونس، استدعت السفير وطالبت باحترام الحريات الفردية في هذا البلد، وخصوصاً على صعيد الحق في استخدام الإنترنت. وقال المسؤول: «لقد استدعينا السفير وأعربنا عن قلقنا حيال ما يحصل بالنسبة إلى التظاهرات، وشجعنا الحكومة التونسية على ضمان الحريات المدنية، وخصوصاً حرية التجمع». وأضاف: «أثرنا أيضاً قضية ما يبدو أنه تدخل من جانب الحكومة التونسية في الإنترنت، وخصوصاً في موقع فايسبوك».
وأوضح مسؤول أميركي آخر أن الإدارة الأميركية انتبهت إلى ما يجري في تونس من خلال موقع فايسبوك، الذي يستخدمه نصف مليار شخص. وقال إنها «قضية قرصنة معلوماتية للحسابات الفردية وسرقة كلمات المرور السرية ومنع الوصول إلى الحسابات».
وفي باريس، استقبلت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل اليو ماري نظيرها التونسي كمال مرجان. وقال البيان الفرنسي الرسمي إن الوزيرة الفرنسية حثت السلطات التونسية على التهدئة والحوار، وأعقب ذلك تصريح للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية بيرنار فاليرو، الذي دعا السلطات التونسية إلى اتباع طريق الحوار لمعالجة الموقف.
ولوحظ أن تونس ردت على الطلبين الأميركي والفرنسي بانزعاج شديد، حيث استدعت السفير الأميركي في تونس وطلبت توضيحات رسمية.
وفي السياق، طالبت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون السلطات التونسية بـ«الإفراج عن المعتقلين فوراً». وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه.
ويرى مصدر تونسي معارض في باريس أن الموقفين الأميركي والفرنسي تطورا، تبعاً لتصاعد وتيرة العنف المفرط الذي استخدمه النظام ضد المتظاهرين. وقال لـ«الأخبار» إن شخصيات تونسية معارضة أجرت اتصالات في الأسبوع الأول للأحداث مع دبلوماسيين أميركيين وفرنسيين، لاستصدار مواقف للضغط على النظام التونسي، إلا أن الجانبين الأميركي والفرنسي لزما الصمت، واكتفيا بعبارات من نوع «إننا نتابع الموقف باهتمام شديد». وأضاف أن لجوء النظام إلى عمليات القتل أحرج موقف باريس، ودفعها إلى مغادرة التحفظ.
ونقل المصدر التونسي عن أوساط فرنسية قولها إن الرئيسين الأميركي والفرنسي أبديا قلقهما من فلتان الوضع في تونس إذا استمر النظام في سياسة الهرب إلى الأمام. ولم يستبعد المصدر أن يكون الرئيسان قد ناقشا جملة من الإجراءات في حال انهيار مفاجئ للنظام التونسي.
أما على المستوى الداخلي، فإن رد الفعل الشعبي على خطاب بن علي كان فورياً، فهو ما كاد ينهي كلمته التلفزيونية حتى تدفقت إلى الشوارع حشود كبيرة في المناطق التي شهدت في الأيام الأخيرة أعنف الاحتجاجات، كسيدي بوزيد وتالة والقصرين وتطاوين وباجة، وقد سقط مساء أمس ثمانية قتلى في القصرين وحدها. كذلك انتحر شاب آخر ليرتفع عدد المنتحرين إلى خمسة منذ بداية الاحتجاجات. والضحية الجديدة علاء الحيدوري حاصل على شهادة عليا وعاطل من العمل، وقد أقدم مساء أول من أمس على الانتحار باستخدام التيار الكهربائي في إحدى قرى ولاية سيدي بوزيد في الوسط. وخلفت أعمال العنف في مدينة القصرين أكثر من 50 قتيلاً في الأيام الثلاثة الأخيرة، بحسب ما ذكر مسؤول نقابي محلي لوكالة «فرانس برس». وقال الصادق المحمودي عضو الاتحاد المحلي التونسي للشغل (المركزية النقابية) إن «هناك حال فوضى عارمة في القصرين بعد ليلة من أعمال العنف وإطلاق قناصة النار ونهب وسرقة متاجر ومنازل من الشرطة التي انسحبت إثر ذلك».
وقال موظف في القصرين إن المدينة تشهد «حالة فوضى عارمة»، مؤكداً إطلاق النار من قناصة كانوا متمركزين على أسطح بنايات وأن قوات الأمن أطلقت النار على مواكب جنائزية. وتوقف موظفو مستشفى القصرين عن العمل ساعة احتجاجاً على العدد الكبير من الضحايا وخطورة إصاباتهم، بحسب المصدر ذاته، الذي أشار إلى «بطون ممزقة ورؤوس مخربة». وأضاف الشاهد نفسه أن رجلاً عمره 75 عاماً وزوجته قتلا في حي الزهور بمدينة القصرين حين كانا بصدد دفن ابنهما الثلاثاء.
وكان نزول المتظاهرين إلى الشوارع بمثابة استفتاء على رفض مضمون خطاب بن علي، وحصلت أمس مناوشات في العاصمة عندما فرقت قوات الأمن تظاهرات احتجاجية قام بها فنانون وصحافيون، فيما تستعد مدن عدة لتنفيذ إضرابات اليوم، بينها المدينة الثانية صفاقس.



الجزائر: مشروع لدعم السكر والزيت... ودعوات إلى فتح تحقيق



فيما تتخذ الحكومة الجزائرية إجراءات للحدّ من ارتفاع الأسعار ولدعم السلع الأساسية، لا بدّ أن أنظارها تتجه الى ما يجري في تونس، وتخشى من استفحال الأزمة وخروج الوضع عن السيطرة

بعد تعليق الرسوم الضريبية المفروضة على مادتي السكر والزيت، قررت الحكومة الجزائرية تشجيع زراعة الشمندر السكّري والنباتات الزيتية، وذلك عقب الاحتجاجات العارمة التي اجتاحت البلاد خلال الأيام الماضية ضدّ غلاء الأسعار.
ونقلت إذاعة الجزائر الحكومية عن وزير الزراعة رشيد بن عيسى قوله إن المشروع يهدف إلى دعم الإنتاج الوطني لمادتي السكر والزيت، وإنّ دائرته الوزارية بصدد إعداد دراسات لتأهيل بعض المناطق الخصبة لزراعة الشمندر السكري والنباتات الزيتية.
وأوضح الوزير أن الحكومة وضعت برنامجاً زراعياً يتضمن أيضاً تشجيع زراعة المنتجات التي تدخل في إنتاج المواد الواسعة الاستهلاك على غرار السكر وزيت الطعام «وهذا حتى يجري تقليص التبعية للبورصة العالمية، وكذلك التحكم في أسعارها محلياً».
وأدى انسحاب الحكومة الكامل من قطاع إنتاج الزيوت الغذائية والسكر منذ العقد الأخير إلى تحويل الاحتكار العمومي للمادتين، إلى يد خمسة محتكرين من الخواص، يسيطرون الآن على 100 في المئة من استيراد وتحويل مادتي السكر والزيت.
ونقلت صحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية أول من أمس عن المدير العام لمجمع «سيفيتال» الجزائري، يسعد ربراب، قوله إنه يسيطر على أكثر من 65 في المئة من السوق الوطنية لمادة زيت الطعام، ونحو 85 في المئة من مادة السكر، فيما يسيطر المنافسون الأربعة على نحو 35 في المئة من السوق الوطنية للزيت، و15 في المئة لمادة السكر.
إلى ذلك، دعا الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني الجزائرية المعارضة (تيار إسلامي)، جمال بن عبد السلام، إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة ونزيهة بعد الاحتجاجات الشعبية الأخيرة بسبب غلاء المعيشة.
وقال بن عبد السلام، في مؤتمر صحافي عقده بمقر حزبه، «إنني أدعو إلى انتخابات برلمانية مسبقة نزيهة وحقيقية، لأن التركيبة الحالية للبرلمان عائق في وجه الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد».
كذلك دعت الكتلة البرلمانية لحركة النهضة المعارضة، في بيان لها، إلى إنشاء لجنة تحقيق برلمانية في الأحداث الأخيرة التي اجتاحت البلاد و«تحميل الجهات المقصّرة مسؤوليتها المعنوية والمادية». وقالت إن الحكومة لا تنصاع «لواجب النصيحة والنقد البنّاء لتجنّب ما حدث». أما جبهة القوى الاشتراكية، أقدم وأشد حزب سياسي معارض للحكومة، فقد رأى أمينها العام عبد الكريم طابو أن الحكومة «تستخف بالمواطنين» عندما تحصر مشاكل الجزائريين في مادتي السكر والزيت.
(يو بي آي)


الأردن: تظاهرات إحتجاج الجمعة... والحكومة تلجأ إلى خفــض الأسعار



على وقع انتفاضات الخبز التي تشهدها تونس والجزائر، وتحسّباً من انتقال العدوى الى شوارعها، تستعد الحكومة الأردنية لاتخاذ إجراءات عاجلة من أجل خفض الأسعار، تماشياً مع توجيهات الملك عبد الله الثاني، في وقت يتزايد فيه السخط الشعبي في البلاد.
وقال مسؤول أردني رفيع المستوى إن «الملك وجّه أمس (الاثنين) رئيس الوزراء (سمير الرفاعي) لاتخاذ خطوات فورية وفاعلة للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار السلع الأساسية لتمكين المواطنين من تلبية احتياجاتهم الأساسية». وأضاف إن «الملك أكد ضرورة أن تكون هذه الخطوات ذات أثر سريع ومباشر يلمسه المواطنون، وخصوصاً في ما يتعلق بتوفير السلع الأساسية بأفضل الأسعار الممكنة».
وذكر بيان رسمي صادر عن الديوان الملكي أن الملك وجه الجيش «بعدم رفع سعر أي مادة تموينية والمحافظة على السعر القديم، وخاصة مادتي السكر والأرزّ، على الرغم من ارتفاع أسعار هذه المواد في الأسواق المحلية والعالمية وأن تتحمل القوات المسلحة الأردنية فرق الأسعار لهذه المواد».
ودعا الملك الحكومة الى «البدء بتنفيذ مشاريع إنتاجية وخدمية توفر فرص العمل وتعالج نقص الخدمات في جميع المناطق الأقل حظاً، والمحتاجة إليها في كل محافظات المملكة»، من دون أن يحدد البيان ماهيّة هذه التدابير أو المشاريع.
وتظهر استطلاعات الرأي أن ارتفاع الأسعار يعدّ المشكلة الأولى التي تواجه الأردنيين في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور 155 دولاراً شهرياً. وتقدر نسبة البطالة في المملكة، التي يبلغ عدد سكانها نحو ستة ملايين نسمة وفقاً للأرقام الرسمية، بـ 14,3 في المئة، بينما تقدرها مصادر مستقلة بـ 25 في المئة.
وكان النقابي العمالي الزراعي محمد السنيد قد دعا الى تنظيم احتجاجات في جميع أنحاء المملكة بعد صلاة الجمعة المقبل. وقال القيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، زكي بني أرشيد، إن الحركة «لم تقرر بعد المشاركة في هذا الحدث».
لكنه انتقد الإجراءات الحكومية، وقال إنها «ليست طريقة لحل المشكلة، (بل) عبارة عن مسكّنات أو تخدير للشعور الوطني الرافض أو المحتجّ على سياسات الحكومة»، مشيراً الى أن «الأمر أكبر من قضية إجراءات شكلية محدودة، الأمر يحتاج الى سياسة جديدة، الى تحول حقيقي باتجاه تشخيص الواقع ومشاركة الشعب في اتخاذ القرار».
وحذّر بني أرشيد «أتنتظر الحكومة حتى يحصل عندنا ما جرى في تونس حتى تفتح الحوار مع الأحزاب والقوى الوطنية».
(أ ف ب، يو بي آي)