ضربت تشكيلة الحكومة الجديدة في تونس بإنجازات «ثورة الياسمين» عرض الحائط، فحافظ الحزب الحاكم على معظم الوزارات السيادية، ودخلها بعض قادة المعارضة لإعطائها نفحة تغيير اصطناعية. هذه اللعبة السياسية لم تنطلِ على الشعب التونسي الذي استبق، ثم ردّ على إعلان التشكيلة الحكومية بتظاهرات ضدّ الحزب الحاكم، فتصدت لها القوى الأمنية بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وأعلن رئيس الوزراء التونسي المكلف محمد الغنوشي تأليف حكومة جديدة ضمت 10 وزراء قدماء من أصل 23، ومن أحزاب المعارضة ضمت الحكومة الأمين العام السابق للحزب التقدمي الديموقراطي أحمد نجيب الشابي، لوزارة التنمية الجهوية، والأمين العام الأول لحركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقاً) أحمد إبراهيم، وزيراً للتعليم العالي، والأمين العام لحزب التكتل من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر، وزيراً للصحة، إضافة إلى الأزهر القروي الشابي وزيراً للعدل، والقروي الموزوري وزيراً للشؤون الدينية ومحمد جغام وزيراً للتجارة والسياحة والطيب البكوش وزيراً للتربية، ومنصور الرويسي وزيراً للشؤون الاجتماعية، والحبيب مبارك وزيراً للفلاحة والبيئة، ومحمد النوري الجويني وزيراً للتخطيط والتعاون الدولي، ومحمد عفيف شلبي وزيراً للصناعة والتكنولوجيا، وزهير المظفر وزيراً لدى الوزير الأول مكلفاً التنمية الإدارية، ومفيدة التلاتلي وزيرة للثقافة، وليليا العبيدي وزيرة لشؤون المرأة وصلاح الدين مالوش وزيراً للنقل والتجهيز وحسين الديماسي وزير للتكوين المهني والتشغيل ومحمد علولو وزير للشباب والرياضة وعبد الجليل البدوي وزيراً لدى الوزير الأول. وحافظ الحزب الحاكم على معظم الوزارات السيادية، فاحتفظ كمال مرجان بوزارة الخارجية، وأحمد فريعة، الذي عينه بن علي قبل ساعات من فراره، بوزارة الداخلية، ورضا قريرة بوزارة الدفاع. وأُلغيت وزارة الاتصال. وتقرر تعيين مصطفى كمال النابلي محافظاً للبنك المركزي التونسي. وضمت التشكيلة الحكومية أيضاً، عبد الحكيم بوراي، أميناً عاماً للحكومة و15 كاتب دولة (مساعد وزير).
وأكد الغنوشي أن إعلان تأليف الحكومة سيفتح صفحة جديدة في تاريخ تونس، محذراً في الوقت نفسه من أنه «لا تسامح مع من يريدون إعادة استعبادنا، ومع عصابات الإجرام». وشدّد على تطبيق مبدأ فصل الدولة عن الدين، وتعهد بالتحقيق مع أي شخص يشتبه في ضلوعه في قضايا فساد أو تمكن من جمع ثروة كبيرة في عهد الرئيس المخلوع.
وأعلن الغنوشي تأليف ثلاث لجان وطنية هي: لجنة عليا للإصلاح السياسي برئاسة عياض بن عاشور، ولجنة لاستقصاء الحقائق في التجاوزات المسجلة في الفترة الماضية برئاسة توفيق بودربالة، الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ولجنة وطنية لاستقصاء الحقائق في قضايا الفساد والرشوة برئاسة عبد الفتاح عمر. وأكد حياد الإدارة، وأن تكون الكلمة الأولى والأخيرة للشعب. وتعهد بإطلاق سراح كل المساجين والموقوفين من أجل نشاطهم السياسي وإعداد قانون للعفو التشريعي العام.
وبعد إعلان التشكيلة الحكومية، وردت أنباء عن تظاهرة حاشدة في الرديف. وكان قد تظاهر في وسط العاصمة قبيل إعلان التشكيلة الحكومية المئات من النقابيين والمواطنين للمطالبة بإقصاء حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم. وقال نقابي تونسي من نقابة التعليم الثانوي إن هذه المسيرة دعت إليها نقابته بالتعاون مع نقابة التعليم العالي.
وهتف المئات من النقابيين والطلبة والمواطنين المشاركين في المسيرة بالعزة للوطن و«خبز وماء والتجمع لا»، في إشارة إلى الحزب الحاكم سابقاً. كذلك خرجت مسيرة مماثلة في مدينة سيدي بوزيد، مهد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بن علي، ورفع المتظاهرون شعارات مشابهة.
وانتشرت قوات الأمن والجيش لتفريق التظاهرة. وقال شهود إن قوات الأمن التونسية استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وأطلقت النار في الهواء في محاولة لفض الحشد.
من جهة ثانية، أعلن المعارض التونسي، رئيس حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» العلماني اليساري المحظور، المنصف المرزوقي، ترشحه للانتخابات الرئاسية في تونس المقررة في مهلة أقصاها شهران. وقال لإذاعة «فرانس إنفو» الفرنسية: «سأكون فعلاً مرشحاً» للانتخابات الرئاسية. لكنه تساءل: «هل سنبطل القانون الانتخابي الساري حالياً الذي أعدته الديكتاتورية من أجل الديكتاتورية؟».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)