تحوّلت ظاهرة إحراق النفس احتجاجاً على النظام الحاكم إلى موضة في العالم العربي، باتت خالية من أي عفوية، وذلك تقليداً للشهيد التونسي محمد بوعزيزي الذي أحرق نفسه دفاعاً عن لقمة عيشه، فألهم باقي الشعب الثورة ضدّ النظام. ففي مصر، وأمام مجلس الشعب، صبّ رجل البنزين على نفسه وأشعل النار قبل أن تتدخل الشرطة لإطفائها، ونُقل الرجل في سيارة إسعاف إلى أحد المستشفيات. وأكّدت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن الرجل يدعى عبده عبد المنعم
، وهو صاحب مطعم في مدينة القنطرة في محافظة الإسماعيلية، أقدم على إشعال النار في نفسه احتجاجاً على عدم صرف حصة الخبز الخاصة بمطعمه.
وسارع الحزب الوطني الحاكم إلى احتواء أي احتمال لانسحاب الأحداث التونسية على مصر، وأكّد حرص الرئيس حسني مبارك على عدم تحميل الفئات الفقيرة من الشعب أعباء أو فرض ضرائب جديدة عليها، مشيراً إلى أن «الرئيس يؤكد دائماً انحيازه للفقراء والبسطاء، وسعيه إلى ضمان عدالة توزيع ثمار النمو والتنمية لتصل للفقراء والمهمّشين».
وحاول رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، محمد البرادعي، استغلال هذه الأحداث داعياً النظام المصري إلى تنفيذ انتقال سلميّ للسلطة في البلاد لتجنّب وقوع اضطرابات على غرار ما حدث في تونس. وقال إن «العنف في تونس الآن ليس سببه ثورة الشعب بل هو رد فعل على القمع».
في الجزائر أيضاً، ذكرت الصحف أن أربعة جزائريين على الأقل أشعلوا النار في أنفسهم خلال الأيام القليلة الماضية. وأشارت مصادر رسمية إلى أن اثنين قتلا وأصيب العشرات بجروح خلال أعمال شغب في الأسابيع القليلة الماضية، فخفضت الجزائر تكلفة السكّر وزيت الطهو.
إحراق النفس انسحب على موريتانيا، حيث أضرم رجل النار بنفسه بالقرب من المقر الرئاسي في نواكشوط تعبيراً عن «استيائه» من النظام وتدهور الأوضاع المعيشية وغياب التوازن داخل البلد.
وراهنت بعض الشخصيات السياسية على امتداد أحداث تونس إليها، فالزعيم الإسلامي السوداني المعارض حسن الترابي رأى أن قيام انتفاضة شعبية في السودان على غرار ما حصل في تونس أمر «مرجّح»، مضيفاً أن انتفاضة مماثلة يمكن أن تجنّب وقوع «حمّام دم» في السودان الذي يتجه جنوبه نحو الانفصال.
في المقابل، قرّر أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، لمناسبة مرور خمسة أعوام على تولّيه الإمارة، منح كل فرد كويتي في أول من شهر شباط المقبل، مبلغ ألف دينار كويتي، أي ما يعادل 3600 دولار أميركي. ونسبت وكالة الأنباء الكويتية «كونا» إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان عبد العزيز الروضان، قوله إن أمير الكويت «أمر أيضاً بأن تُصرف المواد التموينية بالمجان للكويتيين وغيرهم من حاملي البطاقة التموينية، طيلة الفترة الممتدة من الأول من شباط المقبل وحتى نهاية شهر آذار من عام 2012».
في ليبيا بدا الوضع مختلفاً، فبعدما وافق الزعيم الليبي معمر القذافي على اقتحام شباب لا يملكون سكناً لمشاريع سكنية، محاولاً امتصاص أي انتفاضة محتملة، قالت قناة «الجزيرة» إن عدة مدن ليبية شهدت تجمعات وتظاهرات اقتحام وحدات سكنية مخصصة لهم والاستيلاء عليها من مواطنين آخرين.
من جهة ثانية، رحّبت الصحف المغربية بسقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تحت ضغط الشارع، داعية قادة المغرب العربي والعالم العربي إلى استخلاص العبر.
ثورة بلغة عربية وصل صداها إلى المعارضة الروسيّة، فأشاد الزعيم الروسي المعارض بوريس نيمتسوف بنموذج إطاحة نظام الرئيس المخلوع زين العابدين، في البلد الذي «يشبه روسيا كثيراً»، وذلك غداة الإفراج عنه بعد 15 يوماً سجناً. وقال «النموذج التونسي جدير بالاهتمام، تونس بلد بعيد، مسلم، أفريقي، لكنه بلد يشبه روسيا كثيراً»، مضيفاً «لناحية أفق مرحلة حكم الرئيس فلاديمير بوتين، أرى أن النموذج التونسي يحمل عبَراً».
وإلى الهند، نظّم أهم حليف داعم للائتلاف الحاكم احتجاجات على ارتفاع أسعار مواد الغذاء. وخرج الآلاف في مسيرة في مدينة كلكتا (شرق البلاد)، معقل حزب ترينامول احتجاجاً على تضخم أسعار الغذاء. وكتب على لافتة عملاقة في التجمع الحاشد الذي نظمه حزب «ترينامول» الذي يأمل إسقاط الحكومة الشيوعية في غرب البنغال في الانتخابات المقررة في أيار المقبل، ويرى ارتفاع الاسعار مصدر تهديد محتمل لفرصه، «لن نقبل ارتفاع الأسعار الجنوني».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)