في أول أيام الحداد الثلاثة على شهداء الرغيف، تواصلت التظاهرات في تونس ضدّ حزب «التجمع الدستوري الديموقراطي» مطالبةً بخروجه من الحكومة الانتقالية، وشارك فيها هذه المرة ضباط وأمنيون، فيما عقد الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزيّة النقابية) اجتماعاً دعا فيه إلى تأليف حكومة إنقاذ وطني ائتلافية.
وقال الأمين العام المساعد للاتحاد، عبيد البريكي، إن «الهيئة الإدارية للاتحاد دعت إلى حل الحكومة (الحالية) وتأليف حكومة إنقاذ وطني ائتلافية تستجيب لمطالب المتظاهرين والأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات والمواطنين».
ونقل البريكي تأكيد الهيئة الإدارية أن الاتحاد «حريص على المشاركة الفعّالة في لجنة الإصلاح السياسي» وأنّه «تقرر تشكيل لجان نقابية لإعداد تصوّرات الاتحاد العام التونسي للشغل بشأن الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يتحتّم إجراؤها لتأسيس الديموقراطية، ومن أجل انتخابات شفافة تضمن حرية الاختيار وتؤسس لحكومة برلمانية ولإعلام نزيه».
كذلك أكّدت الهيئة الحرص على المشاركة في لجنتي تقصّي الحقائق و«متابعة من تورط في قتل المواطنين الأبرياء بإطلاق الرصاص على المتظاهرين أو بالأمر به»، وفي لجنة الفساد المالي والرشوة وكل مظاهر الانحرافات.
وسار المتظاهرون في شارع الحبيب البورقيبة باتجاه مقرّ وزارة الداخلية، وهتفوا «لقد سرقتم ثروة البلاد لكن لن تتمكنوا من سرقة ثورتنا» و«الشعب يريد إسقاط الحكومة» و«السفّاح في السعودية» و«الحكومة هيّ هيّ» و«الرحيل الرحيل يا عصابة إسرائيل» أمام حاجز من رجال مكافحة الشغب.
كذلك تظاهر عدد مماثل أمام مقرّ شركة النقل العام التونسية المملوكة للدولة. وقال موظف «هناك أناس فاسدون في هذه الشركة وحان الوقت لأن نطالب بحقوقنا. لن نصمت على هذا. نريد طرد هذه الأقليّة».
ومنعت الشرطة المتظاهرين من الاقتراب من مقرّ التجمع الدستوري الديموقراطي، حيث رفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها «التجمع الدستوري الديموقراطي ارحل»، فيما حمل آخرون بالونات ملوّنة «ترمز إلى أن الحركة الاحتجاجية سلمية».
ورغم إعلان الحكومة الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، اشتكى محتجّون من أنه لم يُفرج سوى عن عدد قليل من السجناء لاعتبارات سياسية أثناء حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وانضمّ أيضاً الضباط وعناصر الأمن إلى المتظاهرين، إذ شارك العشرات منهم في المسيرات الاحتجاجية في ساحة القصبة أمام مقر رئاسة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة.
وقال النقيب صالح إنه انضم إلى هذا التجمع لأن «الحرية لا تتجزأ، وأفراد قوات الأمن هم من الشعب». وامتنع النقيب عن الخوض في مسائل سياسية، لكنه أكد أن تحرك هذا العدد من ضباط قوات الأمن وعناصرها هو مطلبي بالأساس، أي للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، وللدفاع عن حقوقهم المادية. وشارك عدد من الأمنيين في مسيرات بسيدي بوزيد وقفصة وبنزرت والقيروان.
في هذه الأثناء، دعت وزارة الشؤون الدينية التونسية كافة الأئمة الخطباء في جوامع البلاد الى إقامة صلاة الغائب «ترحماً على أرواح شهداء ثورة الشعب». وكان يوم الجمعة أول أيام الحداد الوطني الثلاثة التي أعلنتها الحكومة الانتقالية مساء أول من أمس في «ذكرى ضحايا الأحداث الأخيرة».
وفي إطار ملاحقة بن علي وعائلته، ضبطت السلطات كميّة من الأسلحة داخل منزل يملكه أفراد من عائلة زوجته ليلى الطرابلسي. ولم يوضح التلفزيون الرسمي الذي نقل الخبر أسماء الأشخاص، واكتفى بالقول إنهم من أصهار الرئيس السابق الذي فرّ الى السعودية.
وعرض التلفزيون مشاهد لبنادق بمناظير وأخرى للصيد، ومسدسات وخراطيش كانت قد ردمت تحت الرمل في منزل أحد أشقاء ليلى، فيما أعلن وزير الداخلية أحمد فريعة أن عماد الطرابلسي، ابن أخ ليلى، الذي كان مصدر طبي قد أعلن الأسبوع الماضي وفاته، على قيد الحياة والشرطة تحقق معه.
من جهة ثانية، نقلت صحيفة «المصري» اليوم عن وزير الخارجية التونسي كمال مرجان، الذي يُعدّ مرشحاً قوياً للرئاسة، قوله إنه لا يمانع إنشاء حزب للإسلاميين في تونس بشرط وجود حكم جمهوري ودستوري. وقال مرجان «الإسلاميون تونسيون، صحيح أنه ليس لهم الآن حزب معترف به، لكن لو احترموا الدستور والمبادئ المتفق عليها فلا مانع بشرط أن يكون هناك حكم دستوري جمهوري».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)