مرّت أربعة أشهر على إقرار ثلاثة مشاريع قوانين قدّمتها كتلة اللقاء الديموقراطي في آب الماضي، كان الهدف منها تحسين الأوضاع الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، قانونياً. حينها، أقرّ النواب قانوناً يعفي اللاجئين من رسوم استصدار إجازة عمل، إضافة إلى إنشاء حساب خاص لتعويض نهاية الخدمة بهم في صندوق الضمان الاجتماعي، وإجبار رب العمل على تأمينهم صحياً. هاتان الخطوتان «المحفّزتان»، كما وصفهما زياد الصايغ، خبير الشؤون الفلسطينية والعضو السابق في لجنة الحوار اللبناني ـــــالفلسطيني، «كان يجب أن تدفعا بالفلسطينيين إلى وزارة العمل للاستفادة من إقرارهما»، كما قال. لكن، بعد مرور أربعة أشهر على إقرار مشاريع القوانين، لم تشهد وزارة العمل «هجوم» العاطلين من العمل، ولم يدخل الفلسطينيون زرافات ووحداناً إلى مقر الوزارة في المشرفية، برغم «الإغراءات» المقدّمة. والسبب ببساطة، هو أن آلية تطبيق القانون ليست موجودة بعد، ووزارة العمل، لا تزال تبحث عن الآلية المناسبة لتطبيق القانون الجديد. وكان وزير العمل بطرس حرب قد أنشأ فريقاً مصغراً مؤلفاً من ممثلين عن الأونروا وعن منظمة العمل الدولية، إضافة ‘اى ممثلين عن وزارة العمل بهدف إيجاد هذه الآلية التي يعدّ القانون بدونها حبراً على ورق. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع على الملف في وزارة العمل، فإن أفضل آلية يمكن تطبيقها هي التي كانت معتمدة قبل إقرار القانون الجديد، أي القائمة حالياً، إضافة إلى العمل على شرح ميزات القانون الجديد «وضرورة استصدار إجازة عمل من خلال شرح المكتسبات التي سينالها اللاجئون عندما يحصلون على الإجازة»، كما يقول الصايغ. ويرفض الناشطون الفلسطينيون من المتابعين للملف، الصيغة المعتمدة، برغم التسهيلات التي تدّعي الوزارة أنها ستقدمها عند تقديم طلبات استصدار الإجازات. لماذا؟ لأنّ على العامل الفلسطيني إيجاد الكفيل الذي سيرضى بتوظيفه رسمياً أولاً، إذ لا محفّزات على توظيف عامل فلسطيني خصوصاً أنّ توظيفه سيكلّف صاحب الشركة ضعفي ما يكلفه العامل اللبناني. والسبب أن الفلسطينيين لا يستفيدون من الخدمات الصحية للضمان الاجتماعي، مما يحتّم على أصحاب الشركات التأمين صحياً على الفلسطيني بنسبة 100%، بينما لا تصل هذه النسبة للعامل اللبناني إلى حدود الـ20%، خصوصاً أن الضمان الاجتماعي يغطّي ما نسبته 80%، لذلك توظيف الفلسطيني «مكروه» لما يسببه من تكاليف لأصحاب العمل، هم في غنى عنها. من جهة، تتحايل الشركات على وزارة العمل من خلال تقديم السير الذاتية للموظفين الفلسطينيين بطريقة تظهر للوزارة أنه لا يمكن تأمين بديل منه. أما بالنسبة إلى ما طرحه الفلسطينيون على طاولة المفاوضات مع وزارة العمل، فهو يتمحور حول ثلاثة اقتراحات: استصدار إجازة عمل لمدة ثلاث سنوات بدون الحاجة إلى كفيل، أو استصدار إجازة عمل مفتوحة بدون سقف زمني وبدون كفيل أيضاً، أو استصدار الإجازة مع كفيل على أن تكون المدة الزمنية لهذه الإجازة أكثر من عام. هذه الاقتراحات رفضتها وزارة العمل رفضاً قاطعاً، بحجة «الإبقاء على الهوية القانونية للّاجئ الفلسطيني»، كما يقول الصايغ. أما إظهار أفضلية الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية على باقي الأجانب الموجودين على أراضيه فيكون ببساطة عبر إعفائه من دفع رسوم استصدار الإجازة. لكن، هل ساعدت هذه المحفّزات المطروحة التي أُقرّت في قانون العمل الجديد على زيادة عدد المتقدّمين لإجازات العمل؟ لا تظهر الأرقام ذلك. فقد جُدّدت عام 2009، 181 إجازة عمل لفلسطينيين. أما عام 2010، فقد جددت 198 إجازة. وبالنسبة إلى الطلبات الجديدة التي قدمت عام 2010 فهي 41 طلباً لا يزال بعضها قيد الإنجاز. لكن السؤال الأهم هو: كم هو عدد الذين تقدموا بطلبات إجازة العمل للمرة الأولى بعد إقرار قانون العمل؟ «ستة فقط، كما أنهم لم يأتوا لأخذ هذه الإجازات بعد إصدارها»، يقول مسؤول في وزارة العمل رفض الكشف عن اسمه. هكذا، وبرغم «الإغراءات»، لم يثر القانون المعدّل حماسة الفلسطينيين، لا بل يمكن القول إن فورة رد الفعل الأولى خفتت بمجرد إقرارها. لكن، ما يؤخذ على الجمعيات الأهلية والمدنية العاملة في الوسط الفلسطيني أنها، وبعد إقرار مشاريع القوانين، لم تستغلّ جو التضامن الذي كان قائماً لتكمل سيرها في مطالبها المحقة. هكذا، اختفت تقريباً الندوات والمؤتمرات وورش العمل التي كانت تقوم بها على مدار الأسبوع للمطالبة بالمزيد من الحقوق، وخصوصاً حقّ التملك الذي هو أهم من حق العمل، نظراً لأنه يطال كل فلسطيني يملك ولو كوخاً يريد توريثه لأبنائه ليطمئن على الأقل إلى أن هناك سقفاً يحميهم.. أما على صعيد الخطوات الرسمية المتخذة لإقرار آلية تطبيق القانون الجديد، فقد كلفت مايا مجذوب، رئيسة لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني، المحامية رولا درباس وضع آلية لجنة الحوار ووجهة نظرها، لتطرحها على وزير العمل بطرس حرب الذي يحدد هو آلية العمل المناسبة للقانون.



في اتصال مع «الاخبار» قالت مايا مجذوب رئيسة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ان «ملف إقرار الآلية هو مع وزارة العمل وهي صاحبة الصلاحية باصدار المراسيم التطبيقية للقانون». تضيف: «سوف نطلب تسهيل الشق التطبيقي، اذ يجب تحديد امور عدة منها مدة الاجازة، الكفيل هل مطلوب او غير مطلوب، والمستندات المطلوبة، كل ذلك يطرح بالمراسيم التطبيقية، كما اننا شكلنا فريق عمل لصياغة المراسيم التطبيقية كلجنة الحوار لكن المرجع هي وزارة العمل». تضيف «عملنا ورشة عمل حول حق العمل ونعرف النقاط التي يجب الاضاءة عليها، ونحن ننسق مع الاونروا ومع كل الاطراف المعنية لنقدر نساعد يطلع مرسوم تطبيقي لكي يعمل الفلسطيني».