وصف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، نشر قناة «الجزيرة» القطريّة وثائق تتعلق بالمفاوضات الفلسطينية ـــ الإسرائيلية بالـ«عيب»، ملمّحاً إلى أنها قد تكون مسرّبة من حكومة عربية. وقال، بعد مشاورات أجراها مع الرئيس المصري حسني مبارك، إن نشر هذه الوثائق «أمر مقصود ويهدف إلى خلط الأمور بين المقترحات الفلسطينية والإسرائيلية، وهذا عيب»، مضيفاً «نودّ أن نؤكد مجدداً أنه ليس لدينا سرّ نخفيه».وقال عباس «كل ما نتفاوض عليه أو يعرض علينا أو نعرضه من مقترحات نقدمه بالتفصيل للدول العربية مشفوعاً بالوثائق، والعرب جميعاً يعرفون ذلك». وتابع إن هناك اتفاقاً في الرأي مع الرئيس المصري حسني مبارك على أهمية استمرار الموقف العربي في التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يتعلق بإدانة الاستيطان الإسرائيلي. وأوضح أن مشروع القرار قد وضع الآن فى المرحلة التمهيدية التي تعرف بـ«الصيغة الزرقاء»، وتعني أنه يمكن أن يقدم بعد ذلك للتصويت. وأشار إلى أن وزراء الخارجية العرب اتفقوا خلال لقائهم في شرم الشيخ قبل أيام على أن الأمور باتت جاهزة لهذا التحرك، مضيفاً «نحن ننتظر الآن معرفة ماذا سيحدث بعد أيام، وعلى ضوء ذلك سوف نقدر ونعدّ مقترحاتنا».
وسبق أن أعلن عباس لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» أنه «في حال فشل الخيارات المطروحة بشأن السلام، فإن القيادة الفلسطينية ستتخذ قراراً لم يخطر على بال أحد». ورفض الإفصاح عن القرار، مؤكداً أنه «سيعلن في أيلول المقبل».
بدوره، سارع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، إلى اتهام أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني «بإعطاء الضوء الأخضر لقناة الجزيرة الفضائية لنشر وثائق عن المفاوضات الفلسطينية ـــ الإسرائيلية». وقال، في مؤتمر صحافي في مقر المنظمة في رام الله، إن «هدف هذه الحملة هو التخلص من السلطة لأن وريثها معروف ومعدّ سلفاً»، في إشارة إلى حركة «حماس».
وأضاف عبد ربه إن «حملة على هذا المستوى لا يمكن أن تكون مسؤولية (وضاح) خنفر (مدير القناة)، بل هي مسؤولية من الدرجة الأولى، وبدأت بقرار سياسي من أعلى مستوى في الشقيقة قطر». وتابع «أتوجه بالشكر العميق إلى سمو أمير قطر بسبب إعطائه الضوء الأخضر لهذه الحملة، وعلى حرصه الشديد على الشفافية وإيصالها إلى الجمهور». وقال «نأمل من سموّه أن يوسّع هذا التوجه إلى أقصى مدى، بحيث يشمل دور القاعدة الأميركية في قطر التي تتجسّس على الشعوب العربية في المنطقة، وأن تشمل الشفافية علاقات قطر مع إسرائيل وإيران ومساعدات قطر لقوى، بعضها طائفي وبعضها يقوم بدور في تقسيم بلده».
رئيس دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير، أحمد قريع، دحض أيضاً ما بثته قناة «الجزيرة»، متسائلاً عن توقيت ما وصفه بحملة «تحريض ضد السلطة الوطنية ومنظمة التحرير». ودعا لجنة المتابعة العربية واللجنة التنفيذية التابعة لمنظمة التحرير والقيادات الفلسطينية وقيادات العمل الوطني والإسلامي إلى مناقشة هذه القضية، متسائلاً عن مصلحة «الجزيرة» من الحملة ضد القيادة الفلسطينية.
كذلك اتهم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قناة الجزيرة بـ«مساعدة إسرائيل في محاولتها التخلص من القيادة الفلسطينية». وقال إن «الجزيرة اصطفّت إلى جانب إسرائيل في محاولة التخلص من القيادة الفلسطينية».
وفي السياق، أكدت حركة «فتح» أن الشعب الفلسطيني سيتصدى لمؤامرة الاغتيال السياسي للرئيس أبو مازن التي بدأتها قناة «الجزيرة»، بالتزامن مع حملة حكومة نتنياهو المتطرفة على الرئيس. وأكد البيان أن تأكيد صائب عريقات أن الوثائق والخرائط مزيّفة يبيّن أن المستهدف أولاً هو صمود الشعب الفلسطيني وإنجازاته السياسية.
في المقابل، رأت حركة «حماس» أن وثائق المفاوضات «خطيرة» وتدل على «تورط» السلطة الفلسطينية في محاولات «تصفية» القضية الفلسطينية.
هذا على الصعيد الرسمي، أما شعبياً فقد حاول عدد من الشبان الفلسطينيين الموالين لحركة «فتح» اقتحام مكتب قناة «الجزيرة» في رام الله. وقال عاملون في مكتب «الجزيرة» إن شباناً «تجمعوا قرب مكتب القناة وردّدوا هتافات معادية لها، وحاولوا اقتحام المقر قبل وصول الشرطة التي تدخلت ومنعتهم من القيام بذلك».
وأعلنت حركة «فتح» مقاطعة قناة «الجزيرة». وقالت، في تعميم تنظيمي، «يمنع منعاً باتاً التعاطي مع قناة الجزيرة ابتداءً من الرئيس حتى أصغر عضو أو صديق لحركة فتح».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، الأخبار)