لم تنف إسرائيل صحة وثائق قناة «الجزيرة» القطرية، وأقرت بما ورد فيها من فضائح تطال السلطة الفلسطينية ورئيسها. ومع ذلك، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن «الوثائق تؤكد عدم احتمال التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين». وأضاف أنه «يجب أن يكون واضحاً أن الحكومة (الإسرائيلية) الأكثر يسارية، مثل حكومة (وزيرة الخارجية السابقة) تسيبي ليفني و(رئيس الحكومة السابق إيهود) أولمرت، لم تنجح في التوصل إلى تسوية، حتى مع التنازلات المؤلمة للغاية التي أقدمت عليها». وشدد على أن «الحل سيكون في نهاية المطاف، باستنتاج الجميع أن الحل الوحيد الممكن، هو اتفاق مرحلي طويل الأمد».وعلى نقيض من ليبرمان، قال نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، حاييم رامون، إن «الوثائق عن المفاوضات الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية، التي عرضتها قناة الجزيرة القطرية، تؤكد أن السلطة الفلسطينية شريك فعلي في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام، على عكس ما تقوله الحكومة الحالية».
وبحسب رامون، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء في عهد أولمرت، «اتُّفق بين الجانبين على أن تنتقل بعض الأحياء العربية في القدس إلى السيادة الفلسطينية، وأن تبقى أحياء يهودية تحت سيادة إسرائيل»، لكنه أكد أنه «لم توضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق».
وعن كشف وثائق الجزيرة أن إسرائيل أعلمت السلطة الفلسطينية أن في نيتها شن عدوان واسع النطاق على قطاع غزة أواخر عام 2008، أكد رئيس الدائرة السياسية ـــــ الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، «كذب ما بثته الجزيرة»، مشيراً إلى أن «ذلك يمثل دليلاً على عدم الدقة، إذ لم يُنقل أي تحذير ملموس بخصوص هجوم إلى السلطة الفلسطينية».
من جهته، قال يانكي غلنتي، الذي شغل منصب المستشار الإعلامي لإيهود أولمرت، إن «إسرائيل والفلسطينيين اتفقوا على تقسيم القدس وعودة 5000 لاجئ فلسطيني إلى تخوم إسرائيل وتبادل أراضٍ». وقال إنه منذ أن توقفت المفاوضات تلقت إسرائيل إشارات على أن عباس «نادم لأنه لم يوقع اقتراح التسوية مع أولمرت».
وتعقيباً على وثائق «الجزيرة»، صدر عن مكتب تسيبي ليفني أن الأخيرة ستحافظ على سرية المفاوضات لمصلحة إمكان تجديدها وإنهاء الصراع، من خلال الحفاظ على المصالح القومية والأمنية لإسرائيل، التي عملت على المحافظة عليها خلال المفاوضات في ظل الحكومة الإسرائيلية السابقة.
وفي السياق نفسه، قال عضو الكنيست عن حزب «العمل»، بنيامين بن اليعزر، إن مسألة تنازلات السلطة الفلسطينية في منطقة شرق القدس، بما في ذلك المناطق التي بات يقطنها اليهود الآن، ليست جديدة. وأضاف: «أنا كنت مشاركاً في المفاوضات مع الفلسطينيين منذ عام 1993 وخلال حكومة أولمرت، وكان الفلسطينيون على استعداد لتقديم تنازلات في شرق القدس، إلا أن حكومة أولمرت سقطت قبل أن نتوصل إلى اتفاق».
وفيما وصفت صحيفة «هآرتس» الوثائق بأنها «أهم بكثير من الوثائق التي كشف عنها أخيراً موقع ويكيليكس»، رجحت صحيفة «معاريف» أن يكون القيادي في حركة «فتح»، محمد دحلان هو من سرّب الوثائق إلى قناة «الجزيرة»، مشيرة إلى أن «الخصومة بين رئيس السلطة محمود عباس ودحلان تدفع إلى الشك في أن الأخير سرب الوثائق إلى القناة القطرية». واستبعدت الصحيفة أن تكون حركة «حماس» هي الجهة التي تقف وراء التسريب، وأشارت إلى أن «حجم الوثائق والمعلومات المحدثة الواردة فيها، يشيران إلى دحلان أو أحد رجاله، والسبب يتعلق بنياته الإضرار بالسلطة الفلسطينية ورئيسها».